في مواجهة غطرسة ترامب.. أمريكا اللاتينية مرتاحة لفوز
أعربت حكومات البرازيل وتشيلي والمكسيك بوضوح عن سعادتها بفوز رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في البلاد في 28 نيسان الفائت. حصل حزب كارني الليبرالي على 43,7 في المائة من الأصوات، منحته 169 من أصل 343 مقعدا. ويحظى الحزب الليبرالي بدعم “الحزب الديمقراطي الاجتماعي الجديد”، الذي حصل على 7 مقاعد، لتشكيل الحكومة الجديدة.
هنأ الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا كارني على فوزه في بيان مطول وتمنى “للشعب الشقيق في كندا” دورة جديدة من الرخاء. وقال لولا “دعونا نعمل على تعزيز العلاقات الثنائية وديمقراطياتنا”.
وأعرب لولا عن عزمه تعميق التعاون الثنائي “في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل تعزيز وحماية حقوق الإنسان أو مكافحة تغير المناخ”. ويسعى أيضًا إلى التوصل إلى اتفاقية تجارية بين دول مجموعة” ميركوسور” الأمريكية اللاتينية وكندا. وقال لولا في بيان “نحن مهتمون بأحراز تقدم في المفاوضات بشأن اتفاقية تجارية بين ميركوسور وكندا لتنويع وتوسيع تبادلاتنا التجارية”.
وهنأت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم كارني على انتصاره “نيابة عن الشعب المكسيكي” خلال مؤتمرها الصحفي الصباحي في القصر الوطني في اليوم التالي لإعلان النتائج. وأكدت شينباوم أيضا نيتها “مواصلة العمل بشكل وثيق” مع كندا، باعتبارها شريكا تجاريا.
وهنأ الرئيس التشيلي غابرييل بوريك كارني أيضًا على فوزه، “في وقت صعب، بشكل خاص، بالنسبة لبلاده “. وأكد بوريك: “إن لدينا قناعة مشتركة، بأن العلاقات التجارية المستقرة ضرورية لرفاهية شعوبنا”. وان حكومته “ملتزمة بمواصلة تعزيز العلاقات بين بلدينا على أساس الثقة والتعاون”.
معا لمواجهة ترامب
تعد البرازيل والمكسيك أكثر دول امريكا اللاتينية اكتظاظاً بالسكان. يبلغ عدد سكان البرازيل قرابة 215 مليون نسمة، ويبلغ عدد سكان المكسيك قرابة 130 مليون نسمة، في حين يسكن تشيلي 20 مليون نسمة، وهي الدولة صاحبة أكبر ناتج اجمالي محلي في أمريكا اللاتينية (قرابة 17 ألف دولار أمريكي لكل مواطن). وتعد كندا والمكسيك من بين الدول التي تعاني أكثر من غيرها من السياسات العدوانية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التبادل التجاري والتعريفات الكمركية. إن الاتفاق المحتمل مع المكسيك أو دول ميركوسور قد يؤدي إلى تقليص الاعتماد الاقتصادي لكندا على الولايات المتحدة. وتتأثر البرازيل وتشيلي أيضًا بالحرب الكمركية وتبحثان عن بدائل لتوسيع الأسواق والمشاركة في التجارة العالمية.
ووصلت التهاني لكارني من رئيسة المفوضية الأوروبية أورزلا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. وأعربت الصين عن استعدادها لتحسين العلاقات مع كندا، التي كانت متوترة لسنوات.
انتخابات في ظروف استثنائية
جرت الانتخابات البرلمانية في أوضاع طغت عليه تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد كندا، وعلى الرغم من فوز الليبراليين، لكنهم فشلوا في تحقيق الأغلبية البرلمانية المطلقة. دعا كارني بلاده إلى إظهار الوحدة تجاه الولايات المتحدة. وقال في خطاب النصر الذي ألقاه في أوتاوا إن كندا يجب ألا “تنسى أبدا دروس” “الخيانة” التي ارتكبتها الولايات المتحدة.
لقد جرت الانتخابات البرلمانية على خلفية سياسة التعريفات الكمركية العدوانية التي تنتهجها الولايات المتحدة وتهديدات ترامب بجعل كندا الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة. وبعد وقت قصير من فتح مراكز الاقتراع، كرر ترامب تصريحات مماثلة على منصته الخاصة. ورفض كارني وبواليفير هذه التهديدات بشدة.
وقال كارني في خطاب النصر: “علاقتنا السابقة مع الولايات المتحدة انتهت” لأن “الرئيس ترامب يحاول كسرنا من أجل امتلاكنا”. وأضاف “سننتصر في هذه الحرب التجارية”. وفي الوقت نفسه، هيأ مواطنيه لأوقات صعبة. هناك “أشهر صعبة” تنتظرنا، “وسوف تتطلب التضحيات”.
وأعلن زعيم المعارضة بواليفير أن حزبه “سيعمل مع رئيس الوزراء وجميع الأحزاب للدفاع عن مصالح كندا والتوصل إلى اتفاق تجاري جديد يترك هذه التعريفات خلفه ويحمي سيادتنا”.
لقد ركز كارني، الذي تولى السلطة منذ منتصف آذار، خلفا لرئيس الوزراء المستقيل جاستن ترودو الذي تولى الحكم لفترة طويلة، في حملته الانتخابية بالكامل على ترامب. قدم الرجل نفسه باعتباره المرشح الأفضل لمواجهة رئيس الولايات المتحدة. وقد ابتعد، خلال الحملة الانتخابية عن سلفه ترودو.
وقال وزير الثقافة الكندي ستيفن جيلبو إن “الهجمات العديدة” التي شنها ترامب على الاقتصاد الكندي و”سيادتنا” ساهمت في فوز الليبراليين في الانتخابات.
بدأ كارني مسيرته المهنية كمصرفي استثماري في غولدمان ساكس في نيويورك ولندن وطوكيو وتورنتو. من عام 2008 إلى عام 2013، وفي البداية أثناء الأزمة المالية العالمية، كان رئيسًا للبنك المركزي الكندي. ثم أصبح رئيسًا لبنك إنكلترا، وهو أول أجنبي يتولى هذا المنصب في تاريخ بريطانيا، وشغل كارني لاحقًا منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن تمويل ملف المناخ.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.