مقالات دينية

عيد سيدة الزروع

  سيدة الزروع
يا سيدة الزروع تضرعي لأجلنا
إعداد / جورج حنا شكرو
May be an image of text
الكنيسة المارونية الكاثوليكية تحتفل بعيد الزروع يوم 15 من كانون الثاني كل عام . بينما الكنيسة الكلدانية تحتفل بهذا العيد يوم 15 إيار من كل عام ويسمى ( عيد حافظة الزروع )
إخضرّ وجهُ الأرضِ والكونُ غنّى …
في تذكارِ العذراءِ أوصى يوحنّا :
هنّوا البتول ، ثلاثَ مرّات
عبرَ الفصول ، وإفهموا الآيات …
في زروع كانونَ ، في قمحِ أيار …
والكرومَ في آبَ ، ثالوثُ أسرار …
هللويا ، رمزٌ للحياة….
إذاً هناك مرحلتَين لهذا العيد في عادات الفلاّحين في المجتمع الزراعي المسيحي (وهنا الماروني) : الأولى ، للصلاة والطلب والتشفّع ، والثانية للشكر على ما نالوا من شفاعة ونعم وبركات . وهذه العادة كانت حتى الأمس منذ بضعة سنين ، دلالةً على تقوى الناس الفلاّحين وتعلّقهم البنوي للعذراء ، وتشفّعهم لها في كلّ ظروف حياتهم الإجتماعية والزراعية …
في الصلوات الطقسيّة :
ومن صلوات الطقس الماروني للعذراء مريم كي تبارك الزروع ، صلاة نثرية قديمة ، تلخّص هذا العيد ، وتحفظ آثاره الشعبية الدينية ، ليصبح في صلوات الكنيسة الطقسية . فقد وردت صلاة في فرض الأربعاء من الأسبوع العادي (الشحيمة) ، وحُفظت في كتاب القدّاس ليوم الأربعاء من الزمن العادي ، وهذه الصلاة موجّهة الى العذراء وتقول :
“يا بُستاناً أعطى العالم ثمرةَ الحياة ، قولي لإبنِكِ يسوع ، أن يُبارك مواسمَنا ، وغلاّتنا وجهدَ أيدينا ، ويزرع في قلوبنا ونفوسنا كلمتَهُ بشفاعتكِ المقبولة ، وبواسطة العطور التي نقدّمها إليهِ في يومِ تذكاركِ . فنرفَع الحمدَ الى الثالوث المجيد : الآبَ والإبن والروح القدس ، الآنَ والى الأبد . آمين “.
أمّا الطقس السرياني الأرثوذكسي ، فيثبت صلوات خاصّة لهذا العيد مع قراءات ، وندرج هنا الحسويو (أي الفروميون والسدرو) لهذا العيد ، ثمّ الإنجيل (نقلاً عن موقع مطرانية حلب للسريان الأرثوذكس) ، وهي غنيّة بالعبارات الزراعيّة المتعلّقة بهذا العيد :
فروميون : التسبيح للزارع الذي زُرع ونبت في الحقل البتولي ليصير مأكلاً روحياً للعالم ، التعظيم للذي شاء أن ينبت بين الزؤان ليقلعه وينقي منه حقله المبارك ، ويجمع الحنطة في الأهراء الروحية ، ذلك الذي إليه نتضرع في عيد والدته أمنا العذراء سيدة الخلائق ، لتنقذنا من لهيب النار التي لا تُطفأ ، وتخزّننا كحنطة نقية في مخازنه السماوية، الصالح الذي به يليق السبح والشكر في هذا الوقت .
– سدرو : المجد لك أيها المسيح إلهنا ، يا كلمة الله الأزلي غير المدرك ، يا سنبلة الأفراح الذي لا يذبل ، أنت هو المحبة الحقيقية التي لا تفنى ، والرجاء الذي لا يخيب ، يا من نزلت لتروي عطش البشرية الظمأى ، إلى كلمة الحياة فإخترت لك أرضاً صالحة نقية هي السيدة العذراء مريم ، التي قبلتك كظل سماوي ، وولدتك كخبز الحياة . هذه الكرمة المباركة التي شربتك ماءً حياً ، ووهبتك للخليقة عنقوداً شهياً ، ولذلك نطّوبها بفرح وإبتهاج قائلين : طوباكِ يا من ولدت كلمة الله المخلص . طوباكِ أيتها الأرض المباركة التي قبلت الظلَّ السماوي . طوباكِ أيتها الطاهرة التي ولدت مقدس القديسين . يا من بواسطة إبنك نالت اللعنة من أرض الشوك والحسك إلى الأبد . طوباكِ يا حقلاً مباركاً وأرضاً عطش سقتها السماء فأنبتت السنبلة السماوية . طوباكِ يا حقلاً مباركاً لأن الخليقة كلها قد شبعت من الخبز الذي قدمته لها . طوباكِ يا نور البشرية، يا من منك أشرق النور فأضاء المسكونة بأسرها . طوباكِ أيتها الكرمة التي أينع منها غصن الحياة للمائتين . طوباكِ يا من بواسطتك إنفتح باب الحياة فعاد الآباء إلى ميراثهم القديم لك يعطي العلويون الطوبى ، لأنك ولدت سيدهم ويطّوبك الأرضيون لأنك ولدت مخلصهم .
ومن أجل هذا نسألك أيها المسيح إلهنا ، يا من وُلدت منها بالجسد ، أن تؤهلنا لنكمل بالطهر ذكراها . لتصان بصلواتها الزروع وسائر الغلاّت من الأضرار والآفات كافة ، وصن يا رب بشفاعتها أنفسنا وأجسادنا من المحن والتجارب ، ومن قبح الخطايا وهول الشدائد ، وفداحة الأمراض ، ونحيا من مكايد الأثمة والناس الأردياء ، ومن الضربات القاسية ، كيما نسبحك ونعظمك بغير فتور ، ونكّرم والدتك المباركة بتراتيل روحية على مر السنين والدهور ، وأهّلنا وأمواتنا للدخول معها إلى ملكوتك السماوي صحبة الأبرار والقديسين ، ونسبحك وأباك وروحك القدوس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين .
تمنّي ودُعاء :
نتمنّى في هذا العيد أن تعود تلك التقاليد الجميلة ، البسيطة والبريئة ، وتلك الح*ما*سة في إكرام العذراء مريم ، فنجمع لها ورود حدائقنا وأرضنا وأعمالنا ، ونقدّمها هديةً لها ، إكراماً لها وشفاعةً عند إبنها يسوع .
ورجاؤنا أن تعودَ تلك العادات الحميدة التقوية الإيمانية ، التي تحمل بُعداً تراثياً ووطنياً وأخلاقياً وحضارياً ، ليعودَ لنا السلام والأمان حيث نعيش ، ونحظى بآخرة صالحة بشفاعة سيّدة الزروع وكلّ الغلال ، مريم العذراء والدة الله القدّيسة . آمين .

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!