مقالات

عزيزي رزكار عقراوي، حول كتابك المميز عن الذكاء الاصطناعي –

العزيز رزكار تحياتي … سررت لصدور كتابك المميز عن الذكاء الاصطناعي ، رغم ان اطلاعي ظل في اطار الموجز التوضيحي الذي كتبته انت في دعوتك الى فتح النقاش . فالمرض و ” العمر” يعوقان العمل مع الاسف الشديد . هذا ما فرض ان تكون مداخلتي مختصرة ومتواضعة . صحيح ما ذهبتَ اليه ، ايها الصديق ، عن تشكل ” فجوة رقمية بين اليسار والراسمالية “، وإعتبارك ذلك ” تحدياً كبيراً ” !.. لكن هذا الطرح لا يلمس ، ولا يشير ، كما ارى ، الى الاسباب المختلفة : طبيعةً وتاريخاً ، في نشوء هذا الوضع : فالظاهرتان ليستا نماذج متماثلة ، متطابقة : فلكلٍ منهما صفاتها النوعية الخاصة ، الاولى : بين الانسان والطبيعة ، والثانية بين الانسان والانسان ! وبالتالي، فان اجتهادك عن متابعة الذكاء الاصطناعي ، وتقدير الدور والابعاد ، يتطلب لفهمه ، حسب اجتهادنا المنطقي، ضرورة معالجته ، كما يفترض الديالكتيك الموضوعي ، في اطار المعادلة المنهجية عن البناء التحتي والبناء الفوقي الماركسية في تكاملهما المنطقي الضروري وتناقضهما في آن !… عندها وفي هذا الضوء ، تبدو ظاهرة الذكاء الاصطناعي كتعبير متقدم ، معاصر لتطور الفكر الانساني في استهدافاته الارقى والاكثر تقدماً في التفتيش واكتشاف متطلبات التطور على صعيد الفكر والطبيعة والمجتمع حتى في ظل هيمنة الراسمال التي تشير اليها انت بدورك ايضاً وبحق ! ونرى نحن ، الى جانب ذلك ايضاً وايضاً ، بأن محاولة تفسير وفهم الامية الرقمية التي رصدناها نحن ايضا ، وفق الصورة التي بادرت الى رسمها وطرحها ، تفرض علينا ضرورة اليقظة والحذر ازاء خطر ولادة وإنتعاش ” إنحيازات ” فكرية مثالية متجددة نقيظة كلياً للتفسير العلمي للتاريخ ، تعيق عملية التقدم الاجتماعي باسم ” التجديد ” و” الخصوصية ” التي تبشر بها ” الليبرالية الجديدة ” في طبعاتها ” المحسنة ” الاخيرة !… وهكذا نعتقد باننا — باستبعادنا ” التأملية ” والتفسيرات غير العلمية عن فهم ” الامية الرقمية ” — نفتح امام الفكر الامكانيات التي تساعد على اكتشاف الاسباب الحقيقية التي ادت الى تطورات ” متمايزة ” ، متفاوتة في مسارات المجتمعات المختلفة ، رغم خضوعها جميعاً لتأثير العوامل وقوانين التطور الاجتماعي العامة ذاتها … وذلك بسبب ما ظلت تحمل في قلبها شروطاً تكوينية اضافية محلية ، لها تأثيراتها الملموسة لتحديد مسارات ” تطور خاص ” في كلٍ منها تمايزاً وتفارقاً !… وهذا ما ينبغي اخذه ، حكمياً ، بعين الاعتبار في مجالي البحث الفكري والعمل السياسي .

*****
لم تكن ” الصدفة المحضة ” وحدها، في تقديري وراء طرح رزكار عقراوي بحثه الفكري عن الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي يشوش فيه السيد ترامب المشهد السياسي والفكري العالمي بطروحاته التي استثارت ردود فعل تتزايد وتتعمق من قبل دول ومراكز ابحاث ، وأججت قلقاً متصاعداً لدى ملايين من الناس في سائر البلدان والقارات مع شبه اجماع في التقدير فيما بين مراكز الابحاث وخبراء الاقتصاد والعلاقات الدولية بأن عالمنا يواجه في غضون السنتين الجارية والقادمة أزمة اقتصادية اخط من ازمة الودائع ( 1987 – 2008 ) التي انفجرت في الولايات المتحدة ، وشملت سائر مناطق سيطرة الراسمال !… وتحت تأثير هذا المسار دشن نمط الانتاج الراسمالي في تطوره الدخول الى مرحلة نوعية هي ” العولمة ” ، مع اكتساب ازمته صفة الازمة المستدامة كصيغة جديدة ، بديلة ( او على الاصح : مضافة ) الى صيغة ” الدورية ” التي لازمته منذ البدايات … كما كشف ماركس عن ذلك ، وبرهن عليه منذ اواسط القرن التاسع عشر .
*******

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!