طفح الكيل ..
الكاتب: حسام صفاء
طفح الكيل ..
البعض يحاول تبرير موقفه الداعم والمؤيد للجهات الحاكمة والمسيطرة في البلد بدعوى ان لا حياة صحية بدون حياة سياسية صحية حيث الأحزاب التي ينظم نشاطها وتكوينها بقانون واضح وانتخابات حرة تنظمها القوانين في ظل دستور تسن بموجبه التشريعات بالإضافة إلى عين للقضاء لا تنام وكل هذا لا يتم إلا بالتأييد والمساندة للسياسيين الحاكمين ورجال الدين الداعمين للعملية السياسية اليوم في العراق و( العافية بالتداريج كما يقول المثل الشعبي العراقي ) يعني ان الأمور ستتحسن وسنجني الثمار فلا نتعجل !!
ويا للعجب وكيف سيتحقق ذلك أي الحياة السياسية الصحية في ظل كل هذا الانحراف والفساد ؟؟ وكيف يمكن ان يتحقق ما يصبوا إليه كل مواطن وطني إن كان من يسيطر هو المفسد وكيف سيسمح هذا المفسد بتكوين قوانين وتشريعات تتعارض مع مصالحه وأهدافه الخبيثة ؟؟!! وأي قانون يوجد في العراق الآن ؟؟ فالقانون في حقيقته ليس لمصلحة الشعب وإنما من أجل مصالح الكتل السياسية والجهات الخارجية الداعمة لها والشواهد كثيرة فخذ على سبيل المثال قانون الانتخابات ومسألة القوائم المغلقة والمفتوحة وقانون محاسبة المفسدين من المدراء والوزراء وغيرها الكثير من القوانين التي لا تصب في مصلحة المواطن بل لا غاية لها إلا خدمة أجندات السياسيين وأسيادهم ..
ومادام الفاسدون المفسدون هم أصحاب القرار فالعراقي سيعاني من المآسي والويلات ، لأنهم يتعاملون مع الشعب العراقي طبقا لمنهج المستكبرين وسياسة ( جوّع كلبك يتبعك ) وسياسة الاستخفاف وإثارة الطائفية والخداع وغيرها من أساليب خبيثة ، لماذا ؟؟ لأن ذلك زادهم وقوتهم في الانتخابات حتى يبقوا متسلطين مادام آكلوا مال الحرام المرتشون في الوجود ، فأغلب الشعب العراقي يراهم يسرقون ويفرغون ميزانيات المحافظات وحين يأتي موعد الانتخابات يخرجون الفتات ليرشوا الإعلام ويشتروا الذمم والأصوات والشرف ممن ارتضى الذل والخيانة للعراق وأهله ..
ولا خلاص إلا بالتغيير الجذري لكل الموجودين بعد دخول الاحتلال ومن كل القوميات والأديان والأحزاب بعد أن اختبرناهم وجربناهم فلم يجلبوا للعراق وأهله طوال هذه السنوات الفائتة غير الق*ت*ل والدمار وانعدام الخدمات العامة والفساد بأنواعه ، وإلا أسألكم بالله العظيم هل عقمت النساء العراقيات عن إنجاب الشرفاء وهل خلا العراق من الوطنيين الأمناء؟؟!! حتى نبقى متمسكين بهؤلاء ونبكي ونتباكى ونقول من أين نأتي بالشرفاء ولا يوجد وطني في العراق وهلم جرى من الأقوال الكاشفة عن الإحباط وموت الإرادة والضمير ، فالتهرب من مسؤولية تغيير الأوضاع الحالية جذريا لا يقود إلا إلى المزيد من الفساد والإفساد وان التعويل على الذئاب والثعالب لتقود العراق يؤدي حتما إلى مزيد من الضحايا والمآسي وعليه لابد ان تدرك كل القوى الحية في مجتمعنا المسؤولية الهائلة الملقاة على عاتقها وهي مهمة تحتاج الى العمل السياسي والفكري الصبور بين الجماهير لانتزاعها من الدوامة التي وضعت فيها فبعد التخلص من المفسدين واستبدالهم بوطنيين شرفاء عندئذ يمكن أن تكون هناك حياة سياسية واجتماعية صحية لأن المفسدين لا يفسحوا المجال للشعب ليصلح حاله فلو حاول السير خطوة في طريق الإصلاح وتحقيق مطالبه كما حصل وخرج في المظاهرات في بادرة خير وصحوة لدى فئات ليست قليلة من شعبنا ، تتسارع كثير من الجهات الدينية والاجتماعية والسياسية الى محاولة إجهاض رغبات العراقيين فيصفون تحركات العراقيين بشتى الأوصاف لا لشيء إلا خوفا من إزالة الظالمين والمتسلطين الذين ببقائهم بنيت عروشهم الخاوية ، فمن ساند الحكومة وأجهض المظاهرات وأعطى فرصة للحكومة هذا كفيل بإيجاد الخدمات للشعب وبدون استثناء فكل من تدخل تقع على عاتقه المسؤولية ومنها المرجعية الدينية فأما توفر الخدمات او تعتذر من الشعب العراقي لأنها (لا أغنتهم ولا خلتهم يجدون) فلا تركتهم يأخذون حقهم بأيدهم من خلال المظاهرات ولا وفرت لهم الخدمات ، وخاصة نحن نرى المرجعية تتدخل بكل أمر يتعسر على الحكومة حله وتأتي الحلول بعد التدخل وتنتج المحاصصات والتوافقات فلماذا تتدخل بكل صغيرة وكبيرة لصالح الحكومة والسياسيين وتسكت ولا تتدخل بحقوق الشعب العراقي ؟؟ ولا يقول البعض هذا تناقض منكم فانتم تارة تريدون التدخل من المرجعية وأخرى تلومونها لعدم تدخلها !! فكلامنا هذا يأتي بعد ان تدخلت فحين تدخلت ينبغي عليها تحقيق رغبات الشعب وإلا فإن لم تقدر على ذلك يجدر بها عدم التدخل ولأننا ثبت لنا باليقين حين تتدخل لا يجني العراقيون غير الدمار نصحناها بعدم التدخل وهذا لا يعتبر تناقضا بل كلامنا وفق ما يكون على الواقع من أحداث ، وهنا تكمن ضرورة وعي الشعب ومعرفته للأسباب التي أدت الى هذا الواقع المأساوي وخاصة عدم أهلية المرجعية السياسية والدينية المسيطرة اليوم لتولي الأمور في العراق وضرورة البحث عن البديل لهؤلاء ، لأن الواقع أثبت لنا حين تدخلت المرجعية الدينية في العراق إلى جو السياسة وانزلقت في لعبة السياسة ووقعت في شركها لم يجني العراقيون غير تعميق الخلافات القومية والدينية والمذهبية بين أبناء العراق الحبيب ومهما استمرت في التدخل فستبقى الحالة المأساوية وسفك الدماء ، وهذا الكلام لا يخص جهة او طائفة بل يشمل كل من ساهم في إحالة وضع العراق الى هذا الحال وللأسف أقولها إن المرجعية الدينية السنية والشيعية وجهت ودعت أتباعها الى ساحة مليئة بالذئاب وتركت الناس بدون أي حل لما يواجهونه من ظروف وتناقضات كثيرة ومن دون تقديم أي مشروع سياسي إسلامي ولا فكري ولا غيره فتركت الناس تائهة وتعيش في ظل مواقف متناقضة ..
وحتى شعار الديمقراطية وحكم الشعب الذي يتغنى ويفخر به البعض كون المرجعية تدعو إليه فهو في الحقيقة شعار الاحتلال وأذنابه فهم من نادى به فالاحتلال وعملائه هم من رفع شعار تحرير العراق وإقامة الديمقراطية وبعد ذلك سارت المؤسسة الدينية والسياسية على هذا الشعار فأين هم قبل الاحتلال ؟؟ وبمناسبة انشغال البعض بمسألة بقاء قوات الاحتلال في العراق أو انسحابها يحق لنا أن نتساءل ما هو موقف المرجعية الدينية من بقاء قوات الاحتلال ؟؟ هل هي مع بقائها أم مع انسحابها ؟؟ والحقيقة طرح هذا الاستفهام يأتي بسبب السكوت وعدم بيان واقع الحال والموقف الرسمي من المرجعية ..
وحتى لا أطيل عليكم ، نحن اليوم كعراقيين لا يهمنا الشعارات والأقوال فقط كشعار الديمقراطية والانتخابات بل المهم عندنا وقف نزيف الدم وإشباع الجياع وسيادة الأمن والحفاظ على الأرض والثروات التي صار ينهبها القريب والبعيد والصديق والعدو ، وتقويم الانحراف الروحي والأخلاقي في المجتمع فكما ان الديمقراطية هي عبارة عن وسيلة في بعض البلدان والشعوب لتحقيق ذلك ففي المقابل توجد عدة طرق لتحقيق غايات الشعب فليس من الصحيح التشبث بشعار معين كالديمقراطية حتى لو أدى ذلك الى ق*ت*ل وسفك وتجويع العراقيين ، نحن اليوم بحاجة الى مد جسور المحبة والوئام والشعور بآلام الآخرين والعمل من أجل إيقافها وإزالتها وإلا مع انعدام ذلك فلا يتصور تحقق الشعارات الرنانة التي يدعي بها السياسيون والدينيون ، وبصراحة أقولها لكم أيها المنادون بالديمقراطية في العراق خداعا ارفعوا أقلامَكمْ عنها واملأوا أفواهكم بالصمت ولا ترفعوا الشعارات التي هي اكبر من حجمكم حتى ولو بالهمس ، اسكتوا ودعونا نموت موت النبلاء فقد طفح الكيل ولا تلوموا الشعب ان أسمعكم قولا ثقيلا عليكم فنَحنُ لا نَجهلُ منْ أَنتُم فقد اختبرناكم وغسلناكم وعصرناكم وجففناكم فانتم مَنْ قد نَزعْتُمْ صِفَةَ الإنسانية من أعماق مشاعركم واغتصبتم حقوقنا منا ، كفاكم وعودا ومؤتمرات ونشكركم شكرا جزيلا واعلموا لا البياناتُ سَتَبْني بَيْنَنا جسور المحبة والوئام والشعور بآلام الآخرين ولا الإداناتِ سَتجدي نفعا بل نحن نريد العمل الجاد والحقيقي من أجل إيقاف وإزالة آلام هذا الشعب ، فكفاكم صراخا وعويلا وتهديدا لبعضكم البعض ..
ونرجو بل نأمر كلَّ من فيهِ بَقية خَجلٍ أَنْ يَستقيل فنَحْنُ اليوم لا نطلب منكم أكثر من الرحيل فدعونا ودعوا العراق لأهله الشرفاء ، فان رحلتم فلن ننسى لكم هذا الجميل رغم قبح ما خلفتم ورائكم ، ارحَلوا فلا تظنوا ان الله لم يخلق بديلا عنكم وان العراق خلا من الرجال المخلصين فلستم معجزة الزمان وأعجوبة العصر النادرة ، والحقيقة فجل منجزاتكم هي لباس العار واتهام الآخرين بالعمالة والسلب والق*ت*ل بالكواتم والمفخخات .. وهذا ليس فخرا ، فقط احمِلوا أَسْلِحَةَ الذُّلِّ وولُّوا لتَرَوا كيفَ سيحيلُ شعب العراق الذُّلَّ بالأحجار عِزّاً وَيذِلُّ المستحيل .. فقط ارحلوا
حسام صفاء الذهبي
..