صراع الظل معركة العقول بين الموساد والأمن الإيراني
اللواء الركن ضرغام زهير الخفاجي
كاتب وباحث في قضايا الأمن الإقليمي
خبير في شؤون الدفاع والتدريب والعلاقات الدولية
مقدمة
في تطور أمني خطير كشفت السلطات الإيرانية عن مصادرة مكونات صواريخ “سبايك” الإ*سر*ائي*لية داخل طهران والتي استخدمها عملاء الموساد في عمليات اغتيال وتخريب استهدفت قيادات وعلماء ونُظم دفاع جوي.
الصواريخ التي ضُبطت هي من نوع Spike NLOS بعيدة المدى (حتى 32 كم) موجهة بالكاميرا وتعمل بخاصية “الهجوم من الأعلى” ويُرجّح أن إطلاقها تم عن بعد عبر الإنترنت أو أقمار صناعية.
هذه الصواريخ يُعتقد أنها استخدمت في:
اغتيال إسماعيل هنية (رئيس ح*ما*س السابق) في يوليو الماضي.
• ضرب منظومات رادار إيرانية قبل الغارات الجوية الإ*سر*ائي*لية الأخيرة.
• اغتيالات استهدفت علماء نوويين وقيادات عسكرية عليا إيرانية داخل شققهم السكنية.
الصور التي بثها الموساد تؤكد أن بعض اللقطات أُخذت من كاميرات الصواريخ نفسها!
هذا الاختراق المخابراتي يعكس تنسيقًا عاليًا بين الموساد وشبكات تعمل داخل إيران يشبه عملية “شبكة العنكبوت” التي نفذها الأمن الأوكراني داخل روسيا.
رغم أن الدفاعات الجوية الإيرانية استعادت نشاطها إلا أن الخرق الأكبر هو إدخال سلاح إس*رائي*لي متطور إلى قلب إيران دون رصد.
صواريخ سبايك تُعد من أخطر أنظمة الصواريخ التكتيكية في العالم وتستخدمها أكثر من 30 دولة وتتميز بـ:
دقة التوجيه بالكاميرا والحرارة
• إمكانية تغيير الهدف بعد الإطلاق
• إطلاق من طائرات أو زوارق أو الأرض
الاختراق يُمثل تهديدًا للأمن القومي الإيراني ويتطلب: • إعادة هيكلة أمنية عميقة وخاصة في جهاز الاستخبارات والمخابرات
• رفع مستوى الحماية الإلكترونية
• عمليات رد ذكية في الداخل والخارج
الخاتمة
إن ما يجري في إيران اليوم لم يعد مجرد عمليات تجسس تقليدية تنفذها أجهزة استخبارات إ*سرائ*يل*ية بل نحن أمام حرب استخباراتية متقدمة تُدار على أعلى مستويات التعقيد والدقة وتُخاض في قلب العمق الإيراني بكل جرأة وفاعلية. إنها ليست معركة معلومات فقط بل معركة إرادات وأمن قومي وهيبة دول. الموساد لا يكتفي بجمع المعلومات بل أصبح لاعبًا ميدانيًا فاعلًا ينفذ عمليات دقيقة تُصيب عمق مراكز القرار وتباغت أبرز الرموز الأمنية والعسكرية والعلمية في وضح النهار.
هذه الحرب غير المعلنة تُعيد تشكيل قواعد اللعبة الأمنية والاستخباراتية في الشرق الأوسط وتفرض واقعًا جديدًا مفاده أن التهديدات لم تعد تُقاس بالمسافات ولا تُردع بالجدران ولا تُوقفها الشعارات.
((هي معركة عقول وتكنولوجيا وتخطيط طويل النفس لا مكان فيها للضعفاء ولا وقت فيها للتردد)).
إنها جرس إنذار مدوٍّ لكل دول الإقليم بأن ساحة الصراع قد تغيّرت وأن من لا يُطوّر قدراته الأمنية ولا يُحصّن جبهته الداخلية سيجد نفسه مكشوفًا وعاريًا أمام أعين لا تنام وأسلحة لا تُخطئ.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.