سوريا ستقوم بإستنساخ النسخة العراقية ! الصورة قاتمة !
ذكرت مرات عديدة بأن كانت لصدام حسين إيجابيات كثيرة وسلبيات اكثر ! طبعاً السلبيات وبطبيعتها الإجرامية والوحشية تطغي على كل الإيجابيات ! سوف لا ندخل اليوم إلى تلك الإيجابيات والسلبيات لأنها معروفة للأغلب !
الذي حصل بعد سقوط صدام حسين هو إن الجماعات التي حلّت محله أزادوا من تلك السلبيات وحوّلوا حتى الإيجابيات إلى سلبيات ، فدخل العراق في نفق مظلم والى يومنا هذا !
إنني ارى المشهد السوري سوف يستنسخ تلك التجربة ما بعد السقوط . في المقدمة أنا لا أتمنى ذلك ونأمل أن أكون مخطئاً تماماً !
أنا قلتُ في مناسبة سابقة ( قبل سقوط تماثيل بشار ) بأن إيران ستكون الخاسرة الأكثر من هذا السقوط ، ومن ثم تليها روسيا وقد يكون للعراق نصيب أيضاً ، الرابح الأكبر هو إس*رائي*ل وتركيا وحتى الولايات المتحدة . إس*رائي*ل وبعد القضاء على ح*ما*س وح*زب ال*له ( ولو جزئياً ) سوف لا تسمح إطلاقاً ببناء دولة وطنية قومية قوية من جديد على حدودها ، خاصة إذا ما أكملت مشروعها التصالحي مع الكثير من دول المنطقة . إس*رائي*ل هذه فرصتها العظيمة للتخلص من اعداءها المباشرين وسوف لا تفوّت الفرصة والظروف إطلاقاً ! إيران أيضاً لها ارث كبير في سوريا وسوف تحاول الحفاظ عليه بطريقة أو أخرى ! تركيا ايضاً لها كابوس الأكراد وهو يؤرقها فعليها تصفية ذلك الأرق ! وووووووو الخ من الأطراف الفاعلة أو القريبة كالولايات المتحدة وغيرها ، ولكنها ليست بالأهمية الكبيرة !
نعود إلى الجماعات التي ستحكم سوريا ! الكل يعي بأن هذه الجماعات ترغب في التقدم والوصول والسيطرة بعجالة ، هي ليست تنظيمات صبورة لبناء وطن حديث ( علماني ) . بناء الدولة السورية الحديثة ذو أساس علمي مدني مؤسساتي وخدماتي ، وتشيد الخراب والدمار الذي حصل سيستغرق ذلك من عشرون إلى ثلاثون عاماً ، ناهيك عن أموال طائلة يجب الحصول عليها من الخارج ! وهذه التنظيمات المعتمدة على الشريعة سوف لا تسمح لها بفعل كل ذلك ! هذه الفصائل لها أهداف مذهبية وجهادية وترغب في العجالة للوصول أو الأنخراط فيها ! قد يكون هناك فصيل أو اكثر يرغب في السير في ذلك الدرب ولكنه سيصطدم حتماً بالفصائل المعارضة لها ولنهجها ! فصائل ستُعادي إس*رائي*ل ، وأخرى لواشنطن ، والثالثة لإيران ، وغيرها لتركيا وعلاقتها مع أسرائيل ووووو إلخ ! اغلب الفصائل التي وصلت إلى سدة الحكم في سوريا سوف تطمح ببناء قوة عسكرية كبيرة وهذا الذي سيتعارض مع كل الجيران ! وحتى مع الفصائل التي ترغب العمل بهدوء لبناء دولة سورية حديثة ! وهنا تُكمن الخطورة وسيتم إستنساخ التجربة العراقية !
سوف ترون ذلك بأنفسكم . فسيقع المحظور والخطر الذي نراه في عيون الشعب السوري وسيبدأ الإقتتال بين تلك الفصائل بحجج كثيرة واولها طبعاً سيكون العمالة والخيانة والخروج عن النهج المكتوب ! وفي اغلب الأحيان سوف لا تكون لهذه الفصائل القوة الكافية للتوجه نحو إس*رائي*ل أو تركيا ولكنها ستستقوي على الفصائل السورية التي تأمل في بناء دولة مدنية ( لا اعتقد سيكون هناك توجه نحو بناء دولة مدنية ولكننا بدأنا نحلم حتى في الصباح الباكر ) .
وطبعاً كل الخاسرين في المنطقة سيحاولون التعويض قليلاً وذلك بتهجيج فصائلها أو الجماعات المتعاطفة معها . فواشنطن سيكون لها جماعاتها وإيران سيكون لها تدخلاتها وإس*رائي*ل ستدعم حلفاءها وتركيا لها اخوانها وحتى العرب سيكون لهم سنتهم ! حتى قد يكون لروسيا فصيل تدعمه إذا انتهت من كييف ! هذا إذا أضفنا التعقيدات العرقية والطائفية الموجودة في سوريا أصلاً ( الكُرد ، السنة ، الشيعة ، العلوين ، المتشددين ، القاعدة ، الد*اع*ش ،المسيحيين ( لاهذولة راح يذوبوا لوحدهم ) …
فكيف سيتم ترويض كل هذه الفصائل وهذه التناقضات الخطيرة ! شخصياً لا ارى غير ظلام ودخان حرب طائفية تحرق سوريا في ظلام قد يستغرق سنوات طويلة وهذا هو المطلوب لكل الجيران ( الكل راح ينتقم من الآخر ولكن على حساب الشعب والشباب السوري ) ! معقولة راح يجي يوم يترحم ويتمنى السوريون أيام بشار كما حصل في العراق ! لا أتمنى ذلك إطلاقاً ، لأنه إن حصل فهذا يعني سوريا قد دخلت كابوس مرير ومرير جداً ! عادي إذا قلنا سيتم إستنساخ النسخة العراقية ! فليش نستغرب !
لهذا أتمنى من كل الذين وصلوا للحكم وبعد هذا العذاب المرير أن يعوا ويدركوا ذلك جيداً ، ولا يسمحوا لتدمير ما تبقى من سوريا وشعبها الذي عانى بما فيه الكفاية ! إذا ما نجحتم وحققتم ما نتمناه ويتمناه منكم الشعب السوري فسيكون ما قمتم به عملاً مقدساً على الأرض وفي السماء ! وما على الرسول إلا البلاغ .
ملاحظتان على الهامش :
ما تقوم به إس*رائي*ل بعد السقوط بضربات لكل مرافق الدولة السورية والبنية التحتية والعسكرية هو خارج أي قانون حتى لو كان ساكسونياً ! فلماذا تفعل الصهيونية ذلك وأين حقوق وقانون الأمم وأين ديمقراطية الغرب من ذلك ولماذا العالم صامت عليها ! ماذا لو كانت دولة أخرى تستغل هكذا ظرف وتقوم بما تقوم به إس*رائي*ل ( مثل إيران ، روسيا ) ماذا كان أو كيف كان سيكون حال لسان التفهاء والزعاطيط ! تعرفوهم طبعاً !
الثانية :
يتحدث الجميع على إن السوريون هُم الذين عليهم إختيار مَن يحكمهم ! هذه من مهازل التاريخ والبشرية . مَن سيسمع رأي الشعب ومَن سيحترم ذلك الشعب نفسه ! شنو انتم نائمين أو شياطين حقيقيون ! صادقاً إذا ما تّرك الأمر للشعب فسينتقل الوضع في سوريا من إستنساخ التجربة العراقية إلى التجربة الأفغانية الطالبانية ( والله افضل ، الجماعة عادوا إلى القرون الوسطى ولا حقوق الإنسان ولا الدولة الحديثة ولا بطيخ ملوّن ! ) عادوا إلى تجربة الأسلاف القديمة ويعيشون بهدوء وسلام على الطريقة البدائية ، لا وجع الإنترنت ولا ضجيج التويتر ولا حب الشمس ولا مسرحية الحفاظ على المناخ ! في هذه الحالة سيترحم الشعب السوري على أيام الفوز بنسبة تسعة وتسعون ونصف !!!!!
نيسان سمو 10/12/2024