مقالات

رسالة السجين السياسي الأهوازي مختار آلبوشوكة تكشف الغطاء عن

وكالة هرانا: كتب مختار آلبوشوكة، السجين السياسي العربي في سجن شيبان بالأهواز، رسالة روى فيها تفاصيل التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرّض له في أحد مراكز الاحتجاز في الأهواز، وما لاقاه من مسبة وشتائم وجّهها عناصر الأمن ضده.
رسالة تروي مأساة أبطالها أشباه بشر، وهم رجال الأمن، الذين انهالوا عليه بالضرب المبرح مع علمهم بإصابته بفتق، وعلى بطنه أكثر من أي موضع.. مما أدى إلى تفاقم حالته الصحية واكتوائه بآلام مضاعفة.

رسالة تروي حياة محكوم بالسجن المؤبد في غياهب السجون الإيرانية، تروي حرمانه من العلاج اللازم رغم تأكيد الأطباء تدهور صحته، وما يعانيه من ألم مفجع نتج عن إهمال صحي متعمّد: رسالة مزدوجة طرفاها المرض والتعذيب، وهما قد اجتمعا في تناول مسكنات قوية وأدوية هي أفضل ما يحصل عليه في ذلك السجن.

وقد أفادت هرانا، الجناح الإعلامي لمجموعة ناشطي حقوق الإنسان في إيران، بأن رسالة مختار آلبوشوكة هي توثيق وصرخة من أعماق التعذيب اللاإنساني الذي يتعرّض له في مركز احتجاز تابع لأجهزة الأمن.

وكان مختار قد نُقل سابقًا، بأمر قضائي، إلى إحدى مشافي الأهواز برفقة عناصر جهاز الأمن، لكنه تعرّض في رحلته هذه للضرب في أحد مراكز الاحتجاز.

رسالة تنضح بالألم ورواية تتحدث عن أحوال السجناء الأهوازيين، وإليكم فيما يلي النص الكامل للرسالة:

“حين يُحكم عليك بالسجن المؤبد، وخمس سنوات إضافية… [لم] تقضِ [إلا] أربع عشرة سنة منها خلف القضبان؛ فإن مجرد رؤية الشوارع، والسيارات والمارّة، والأشجار المنتشرة على جانبي الطريق، ووجوه المارة وهم يسيرون على عجلة، يُعتبر بمثابة رحلة سياحية فريدة… كأنني أشاهد أجمل مناظر العالم. لذلك حين نادوني يوم 6 ديسمبر 2025، وأركبوني سيارة داخل ساحة السجن، شعرت في البداية بنوع من البهجة.. ولكن ما إن خرجنا من باب السجن برفقة أشخاص يرتدون زيًّا مدنيًّا لا أعرفهم، عندها التفت الرجل الذي كان أمامي ووجّه لي أول صفعة قوية على وجهي، وقال لزميله الذي كان جالسًا بجانبي: “ضع العصابة على عينيه وقيّد يدي هذا الحقير…!”

وبينما كنت أضع يدي فوق وجهي من شدة الألم، كان العنصران الآخران اللذان بجانبي يسحباني بعن*ف لتقييد يديّ خلف ظهري، وعندها كنت أرى آخر مشاهد من العالم خارج السجن، تمر من أمامي، وقبل أن تختفي تلك المشاهد بسبب إغلاق العين بعصابة سوداء… وغصت في ظلام دامس… عندها خاطبت نفسي قائلًا: يا مختار، لن تذهب في رحلة نزهة… ولم تعد ترى الشوارع، والأشجار، والسيارات، ووجوه المارة!

ولكن لم يخطر ببالي أبدًا أنني سأواجه هذا الكم من العذاب والتعذيب، لا سيما بعد 14 عامًا قضيتها خلف قضبان السجن.

حاولت أن أطمئن نفسي: أنا في السجن منذ أربع عشرة سنة، ومحكوم بالمؤبد… بتهمة لم أرتكبها! ماذا يريدون مني بعد؟ ولماذا يريدون إيذائي؟

وبينما كنت أفكر في ذلك، وجّه لي أحدهم لكمة قوية في أسفل البطن، فصرخت من الألم، وقلت دون وعي: عندي فتق شديد، أرجوكم لا تضربوني! فرد العنصر الأمني الذي بجانبي وكأنما كلماتي حرّكت فيه ساديّته فابتسم بسخرية وقال: “أفضل!” ثم أضاف بشتائم نابية: “عندك فتق؟ سأجعلك تنسى أنك كنت تعاني منه أصلًا!” ووجّه لي بكل قوته لكمة أخرى إلى أسفل بطني.

وطوال الطريق كانوا ينهالون عليّ بالشتائم البذيئة الفاحشة الموجّهة إلى أمي وأختي وعائلتي، حتى أن ألم تلك الكلمات النابية قد أفقدني الشعور بألم التعذيب الذي تعرّضت له… ولا تزال مرارة تلك الإهانات أشد إيلامًا من الضرب…

مكثت عدة أيام في مركز احتجاز، عرفت لاحقًا أنه تابع لأجهزة الأمن في الأحواز، وهناك تم تعذيبي بشدة. لا أعرف كم مضى من الوقت، كوني فقدت الوعي من شدة الضرب، خاصة على أسفل بطني، وأفقت لاحقًا لأجد نفسي على سرير المستشفى، مقيّدًا بالأصفاد والسلاسل، وكان هناك شخص إلى جانبي يبدو أنه طبيب، وهو يتوسل إلى رجال الأمن قائلًا: “إنه مصاب بفتق خطير، وهناك احتمال كبير بانفجاره، يجب أن يبقى هنا ويخضع لجراحة فورية”. ولكن عناصر الأمن وكأنهم لم يسمعوا شيئًا، أخذوني مقيّدًا بالأصفاد معصوب العينين، وسحبوني من على سرير المستشفى إلى مركز التعذيب مرة أخرى.

تكرّر التعذيب والإهانات… وعندما فقدت الوعي مرة أخرى، أعادوني إلى المستشفى، وأصرّ الطبيب مجددًا على ضرورة إجراء عملية جراحية عاجلة لي، لكنهم تجاهلوه مرة أخرى.

كل هذا حدث بينما كنت مضربًا عن الطعام، حتى أعادوني إلى سجن شيبان بالأهواز. وكان كل هذا العذاب فقط لأنهم وجدوا اسمي في قائمة جهات اتصال على هاتف شخص معتقل! وأنا الذي أمضيت أربع عشرة سنة في سجونهم!

عندما عدت إلى ردهة السجن، كنت أعتقد أنني غبت أكثر من شهرين، لكن زملائي أخبروني أنني غبت فقط 12 يومًا، من 15 إلى 27.

والآن، بعد مرور شهر على تلك الأيام، أشعر وكأن جراحًا عميقة بقيت في داخلي! ليس بسبب التعذيب الجسدي، بل بسبب الإهانة النفسية والشتائم النابية المتكررة التي وُجّهت إلى أحبتي، وهي جراح لم تندمل أبدًا.

السجين مختار آلبوشوكة
يناير 2025

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!