حين يُصبح اللقب سلعة… من هو الخبير الأمني؟”
لمياء صالح رسول
في ظل فوضى الألقاب الإعلامية، يبرز مصطلح “الخبير الأمني” كواحد من أكثر المسميات تداولًا في البرامج السياسية العراقية. يظهر أشخاص بشكل يومي على شاشات التلفاز، يتحدثون عن الأمن والسياسة وكأنهم يمتلكون مفاتيح الأجهزة الاستخبارية، بينما الحقيقة أن كثيرًا منهم لا يملكون من الخبرة سوى القرب من أصحاب القرار، أو علاقة صداقة مع مسؤول في جهاز أمني.
فمن هو الخبير الأمني حقًا؟
وهل مجرد الحصول على معلومة مسرّبة أو تصريح داخلي، يجعل من الشخص خبيرًا ومحللًا؟
ما هو تعريف “الخبير الأمني” الحقيقي؟
الخبير الأمني الحقيقي، وفق المعايير الأكاديمية والمهنية، هو شخص يمتلك:
1. خلفية عملية موثقة في مجال الأمن، كالخدمة في الجيش، الشرطة، الاستخبارات، أو مؤسسات مكافحة الار*ها*ب.
2. دراسة أكاديمية أو تدريب متخصص في مجال الأمن القومي، الدراسات الاستراتيجية، أو العلاقات الدولية.
3. خبرة تحليلية مثبتة من خلال كتابة تقارير، أبحاث، كتب، أو دراسات منشورة وموثقة.
4. قدرة على تقديم رؤى واقعية مبنية على منهجية، لا على إشاعات أو علاقات شخصية.
عندما يتحول اللقب إلى “واسطة”
للأسف، نجد اليوم عددًا من الشخصيات التي تُلقّب بـ”الخبير الأمني”، لمجرد أنهم قريبون من ضابط أو مدير جهاز أمني، يتلقون منه معلومات داخلية، ويخرجون للإعلام كمحللين.
هذه الظاهرة لا تقتصر على التزييف، بل تؤدي إلى تضليل الشارع، وخلق حالة من الذعر أو التهويل، أحيانًا لأغراض سياسية، وأحيانًا لمجرد الظهور الإعلامي.
الخطر الأكبر: تضليل الرأي العام
ما يحدث اليوم هو استسهال التوصيف الأمني، حيث يتحول من علم وتحليل عميق، إلى مشهد إعلامي استعراضي.
وهذا لا يخدم الأمن الوطني، بل يُفقد الجمهور الثقة بالمعلومة، ويخلط بين الرأي والتسريب، وبين التحليل المهني والانطباع الشخصي.
دعوة للإعلام والمسؤولين
يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتحمل مسؤوليتها، وألا تُطلق لقب “خبير أمني” إلا على من يمتلك السيرة والخبرة والمؤهلات.
كما أن على الأجهزة الأمنية أن تحترم هيبة المعلومة، وألا تُسربها عبر علاقات شخصية، لأنها بذلك تسهم في تدمير ثقة المواطن بالمؤسسة الأمنية
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.