مقالات دينية

النار الألهية المحرقة

الكاتب: وردا اسحاق

 

 

بقلم / وردا أسحاق قلّو

وندزر – كندا

 

( ألهنا نار حارقة ) ” عب 18:12 “

هناك وسائل طبيعية قد تتحول إلى قوة عدائية تدمر الحياة في الكرة الأرضية  فيها مثل الماء والنار والرياح ، إذا ثارت هذه بقوة ستلحق الدمار والموت والفناء . نار هذا العالم يلحق الأذى والتدمير فيحرق الغابات والمدن والقرى وحتى البشر والحيوان ، وهذه النار تحتاج إلى وقود لكيتستمر ، لكن نار الله لا تحتاجح إلى مادة لكي تشتعل . نار الله إذا دخلت في المادة لا تحرقها وتفنيها لأنها نار خلاقة لكونها من الله الخالق ، فالله لا يصدر منه أي شر ضد الطبيعة التي خلقها في الحسن والجمال ، فمثلاً النار التي كانت تشتعل في العليقة على الجبل رآها موسى كمنظر غريب ومذهل وذلك لأن النار لا تحرق العليقة ( خر 3:1-6 ) فدخل موسى في التفكير الذي دفعه الى العجب والذهول من ذلك المنظر العجيب ، فبدأ يفكر بنوع النيران المشتعلة في العليقة والتي لا تحرق ، بل كانت تنير العليقة وبسبب النار تميّزت عن العليقات الكثيرة المحيطة بها ! ولماذا لن تحترق العليقة ، وبماذا يرمز هذا المنظر ؟ أنها نار الله العجيبة والتي ترمز إلى وجوده ، كما كانت تظهر ليلاً على شكل عمود مشتعل أمام شعب أسرائيل في البرية لكي تنير لهم الطريق وتقودهم الى الهدف . العليقة المشتعلة دون أن تحرق كانت بسبب وجود نار الله فيها وهو الذي كان يحميها علماً بأن إلهنا نار آكلة ( تث 24:4 و عبر 29:12 ) والعليقة كانت ترمز الى العذراء مريم التي حبلت من نار الروح القدس منذ أن سلم الملاك عليها . ونار الروح القدس عندما يحل في المؤمن بعد المعمودية والتثبيت يجعل قلب الأنسان كالعليقة المشتعلة فيحرق قلبه القديم دون أن يستهلكه مادياً فيتحول إلى قلب نقي طاهر بقوة نار الله الخلاقة . الله يغفر ويحرق الخطايا بنار محبته ، وهكذا تغفر كل خطايا الأنسان المعمذ مهما كانت بسبب تلك النار الألهية اللتي لا تحرق أحساناته وعاداته الفاضلة في شجرة حياته ، بل كل غصن يابس به يحرق لكي يعود اليه الأنسان الأول قبل الخطيئة ، هكذا يتحول بسبب النار الألهية الى شخص آخر ، بل يولد ولادة جديدة من الماء ونار الروح القدس الذي تعمد به  . وكما شهد يوحنا المعمدان قائلاً عن نارالمسيح ( أنه سيعمدكم بالروح القدس والنار ) “لو 16:3 ” .  ومن يذق نار الله ويختبرها سيشعر بأنه تغيّر ونضج روحياً فيسلم ذاته لله كعجين طري ليخبزه كما يشاء فيصبح ثمراً ناضجاً .

نار الروح القدس لطيف ووديع وشفاف ، لكن عندما يتذمر الأنسان ويشتكي سينطفي ذلك النار المقدس في عمقه ، لكنه لا يتركه إلى الأبد ، فعندما يعود الخاطىء إلى رشده ويصلي ويطلب المغفرة سيعود يشتعل لكي يرشده النار إلى الطريق القويم . لكن هذا النار سيتحول في يوم الدينونة إلى نار آكلة ، فمخيف هو الوقوع في يد الله الذي سيحاسب كل أنسان بحسب عدله حساباً مجرداً من الرحمة .

نار الروح القدس التي حلت على التلاميذ يوم الخمسين على شكل ألسنة كأنها من نار ، كانت نار إلهية فأمتلأوا جميعاً منها فسلحهم ذلك الروح بمواهب كثيرة فتغيروا كلياً وتشجعوا وبدأوا يتحدثون بلغات أخرى وينشرون الكلمة بكل جرأة وبحكمة إلهية تحدّوا بها قادة اليهود والحكماء وخرجت منهم آيات كثيرة نالت إعجاب الجميع فتغيروا كما تغيروا أولئك الشاردين من بستان الزيتون تاركين إلههم لوحده . أولئك الرجال تحولوا إلى أبطال غلبوا العالم كله . الله لا يريد الأنسان الخائف البارد في إيمانه ، لأن الخوف هو أساس لكل الشرور وبسبب الخوف أنكر بطرس ربه ثلاث مرات .

بنار محبة الله يتحول الأنسان الى شخص آخر فعال لا يهاب الموت ليتأكد ذلك الأنسان بأنه تحول كالعليقة في البرية إلى عليقة مشتعلة دون أن تحترق وبقوة تلك النار المشتعلة في قلبه سيتكلم بجرأة وينشر الرسالة بدون خوف لهذا نقلوا الرسل البشارة  إلى كل أصقاء العالم فغلب المسيح العالم بهم .

كما نقرا عن النار الإلهية التي تغيّر الإنسان عندما نقرأ موضوع دعوة الله لأشعياء النبي حين وضع ملاك الرب جمرة على فمه كي يسخِرهُ في إعلان كلام الله لشعبه . فاللسان والنار يرمزان لتكريس الرسول للتبشير ، وكل مسيحي بعد المعمودية ينال قوة الروح القدس لكي يتهيأ وينطلق للتبشير .

أخيراً نقول : يارب أضرم فينا نار محبتك وأسكن في قلوبنا كما في العليقة لكي تطهرنا وتحرق فينا بنارك المقدسة كل شىء لا يليق بالقداسة ، هكذا نعيش مسيرة الأحتراق الداخلي بنارك التي تحرق خطايانا كما تحرق النار كل الشوائب الملتصقة بالذهب بينما لا تحرق النار الذهب في البوتقة ، بل تنقيه ، لنتذكر إذاً بأننا معمذون بالروح والنار ، وتلك النار هي نار حبك الألهي لنا وستبقى تتقد فينا لكي تحرق في عمقنا كل الأفكار الخاطئة لنبقى معك ولك.

هكذا نطلب منك أن تجعل قلوبنا كالعليقة المشتعلة بنار محبتك لنتحدث من خلالها إلى الآخرين فيكون لهم الخلاص . نار الروح القدس الذي ينير طريقنا إليك ينشلنا من حب الأرضيات لنسعى للوصول إلى كنوز السماء وربنا يسوع هو كنزنا الأعظم الذي يقود فكرنا وقلبنا نحو السماء ( لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ) ” مت 21:6″ .

فليتقد نار روح الله القدوس في قلوبنا ويطهرنا من كل دنس

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!