آراء متنوعة

الديمقراطية في مأزق الدكتاتورية

أ . د . سامي جودة الزيدي

لا يخفى على الجميع أن الديمقراطية في العراق عانت من استبداد السلطات الفردية التي غيبت بشكل كبير الممارسات الديمقراطية في العراق إلى حد كبير في النصف الثاني من القرن الماضي حتى أصابت المجتمع خيبة امل ويأس من عودتها مرة أخرى . وقد افرج عنها بعد سقوط النظام السابق لينتعش شعور العراق من جديد لعله يتنفس هواء الحرية نقيا.

الا أن اختطاف الديمقراطية من العراقيين لم يتأخر طويلاً فقد أسرت بحبال الاستبداد وشراهة السلطة من جديد لتعود إلى شراكها ولكن هذه المرة بطريقة جديدة، إذ عملت القوى السياسية إلى حقن مجلس النواب بحقن التخدير وسحب صلاحياته بوصفه من أهم مظاهر العملية الديمقراطية. وجعله مجلسا يحتضر ويكاد في أية لحظة أن يعلن عن موته سريريا.

أن زعماء الكتل السياسية على الرغم من أن أغلبهم لم يكونوا اعضاء حالياً في مجلس النواب الا أن الموافقة على القرارات ورفضها يقرره زعيم الكتلة، وقد يتم إجتماع رؤساء الكتل بينهم ليحددوا ما يقبل من تلك القرارات وما يرفض وما على النواب الا التصويت أو الانسحاب من الجلسة وافشال النصاب.

أن إعادة الحياة الديمقراطية للبرلمان لا تتم الا من خلال خلق قوى المعارضة داخل القبة البرلمانية والتي سوف تحقق التوازن الطبيعي للعملية السياسية، ومراقبة عمل الحكومة والحد من سلوكيات السلطة التنفيذية غير القانونية وخلق فرص متكافئة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتشريع القوانين العادلة التي تخدم الجميع دون تمايز . أن انفراد القوى السياسية في الحصول على اغلب المقاعد بشكل دائم وتوزيع السلطة محاصصة وعدم وجود معارضة فاعلة يجعل مجلس النواب فاقدا لحيويته مما يعيد تكرار المشهد السياسي ذاته إذ يجعل الدولة العراقية متراجعة وغير قادرة على النهضة والتنمية.

أن إعادة الحياة في ممارسات البرلمان هي عملية  منوطة بالناخب العراقي حيث يضع ثقته بمن هم أهل لذلك بعيدا عن الانتماء العشائري والحزبي وبعيدا عن المصالح الذاتية الانية التي ربما ندفع ثمنها تراجعا في كل المجالات .

مجلس النواب ليس مجلسا خدميا إنما هو مجلس تشريعي رقابي وعندما يتحول إلى خدمي يفقد قيمته الرقابية ويتحول النواب إلى معقبين، وهذا الأمر سيكون ذات مردود كبير على جميع الاصعدة، وربما يكون سببا في فقدان المجلس لحياته التشريعية، وعاملا من عوامل تفشي الفساد في مفاصل الدولة العراقية.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!