مقالات

– المصرية اليوم – تهدى باقة ورد الى – المصرى اليوم –

” المصرية اليوم ” تهدى باقة من الورود الى ” المصرى اليوم ”
============================
وُلدت جريدة ” المصرى اليوم ” ، فى المكان الصواب ، وفى الوقت الصواب . وهذا شئ من النادر حدوثه . هل ” المصرى اليوم ” ، قد أخذت قرارها أن تصبح طبقا شهيا ، فى وجبة الافطار للمصريات والمصريين ، وانتظرت حتى آن الآوان المناسب ؟؟.
كانت ” المصرى اليوم ” ، تدرك أن ” مصر ” هى جذورها التى ستنمو عليها . ولكن متى تبدأ فى نثر البذور ، هذا هو السؤال .
الكثير من الأحلام النبيلة ، تم تكفينها ودفنها ، قبل أن تحصد الثمار ، فقط لأنها اختارت الوقت الخطأ . وهناك عدد لا يُحصى من الأشخاص ، الذين فقدوا حياتهم ، لمجرد أنهم قد تواجدوا فى الوقت الخطأ .
فى صيف 2004، أطلت علينا ” المصرى اليوم ” ، فى وقت يحتاج الى تغيير الهواء الصحفى ، وتجديد الدم السارى فى عروق الصحافة المصرية . كانت مصر ، قد بدأت تمل ، وتئن ، من تشابه الأقلام ، وركود الشغف الصحفى ، وانطفاء وهج الكلمات على الورق . وأصبحت الصحافة ، مهنة منْ لا مهنة له . الوساطة والمحسوبية والبروزة ، وعدم اثارة أى جدل ، والسير على الطرق المستقيمة المقررة سلفا ، جعلت من فاقدى المواهب ” نجوما ” ،
يملأون الفضاء العام .
أطلقت ” الجريدة ” الجديدة على نفسها ، اسم ” المصرى اليوم ” ، ” مصرية ” مستقلة ، صادرة عن مؤسسة ” المصرى ” اليوم للصحافة والنشر . ” مصر ” تتكرر ثلاث مرات ، للتأكيد على ” مصرية ” مصر . وكان هذا هو الرد الوحيد الناجز ، على الأصوات الصاخبة المستوردة من الصحراء ، لطمس الهوية المصرية ، واخفاء معالمها الحضارية ، لتلبس بالعافية الرداء الصحراوى البدوى، والثقافة الصحراوية البدوية ، والرجعية الدينية الذكورية ، الصحراوية البدوية .
بدأت ” المصرى اليوم ” مستقلة ، وبقيت على مدى عشرين عاما ، مستقلة . لكلمة ” مستقلة ” ، جاذبية واغراء وسحر ، خاصة لدى بلادنا التى خضعت للاحتلال ، على مدى تاريخها ، ولم تتوقف عن المقاومة ، من أجل ” الاستقلال ” ، والتحرر .
حينما صدرت ” المصرى اليوم ” ، كان الشعب المصرى ، يحتاج الى ” رئة ” جديدة للتنفس . يتطلع الى ” قاطرة ” ، قوية ، صُنعت فى مصر ، تشده الى الأمام .
أدركت الجريدة أن خير بداية ، وأصعبها ، هو اعادة الهيبة ، والمصداقية ، والحرية ، للكلمة المكتوبة على صفحاتها .
منذ البداية ، حرصت الجريدة الوليدة ، على تقديم صحافة ” ليبرالية ” ، تعتمد على احتواء جميع التيارات والأفكار والرؤى ، وان كان بعضها يناقض البعض الآخر جذريا .
وكانت قناعتها ، أن التنوع هو اثراء للجريدة ، وفى مصلحة القارئات والقراء ،
وتقوية للوطن . وهو السبيل الوحيد لكشف الوجوه الحقيقية من الوجوه المزيفة ،
وطرد العملة الرديئة ، والابقاء على العملة الجيدة ، وفرز منْ يهمه مصر ، ومنْ
يهمه ضرب مصر ، مصفاة تعزل الكلمات الخبيثة المسرطنة ، المدهونة بالعسل ، عن الكلمات الحميدة النقية .
وهكذا أصبحت ” المصرى اليوم ” ، بعد فترة قصيرة ، أكبر وأهم الجرائد المصرية
المستقلة ، وأوسعها انتشارا ، وشعبية .
بعد أن اعتدنا زمنا طويلا ، على استهلاك الصحافة ” البايتة ” ، ” الباردة ،
” الجامدة ” ، تذوقنا كل صباح ، أرغفة الصحافة الطازجة الساخنة الديناميكية . تخلصنا من
” سوء التغذية الصحفية ” المزمن ، الذى أصاب عقولنا بالهشاشة ، والعمود الفقرى لأحلامنا بالاعوجاج . شُفينا من ” نقص المناعة الحضارية ” ، و” فوبيا الحرية ” .
صنعت ” المصرى اليوم ” ، المعادلة الصعبة . مع ما تستهدفه من حد أدنى للمستوى الفكرى والثقافى ، فقد التف حولها جميع المستويات . فكانت الجريدة اليومية ، الناطقة باسم الوطن ، بكل طبقاته وفئاته ، وشرائحه ، وأعماره ، ومهنه ، نساء ورجالا ، شابات وشبان ،
فى العاصمة ، وفى المحافظات ، فى الريف وفى المدن .
والسبب وراء ذلك ، أنها منذ اليوم الأول ، اعتبرت صفحاتها لسان حال الوطن المصرى ،
بأكمله ، دون اقصاء لأحد ، ودون تمييز للبعض على حساب بعض آخر .
وتميزت ” المصرى اليوم ” بفتح ملفات جريئة ، شائكة ، فى جميع المجالات ، والتى كانت من تابوهات الصحافة . وهكذا فتحت الجريدة الليبرالية المصرية ، مساحات من حرية التعبير ، واقتحام الأبواب المغلقة ، وشجاعة الطرح .
هى حقا ” خلطة صحفية ” ، مثيرة للاعجاب والدهشة .
تدل الشعبية الكبيرة التى حظيت بها ” المصرى اليوم ” ، منذ بدايتها ، على أن الشعب المصرى ، ما زال بخير . فهو يستجيب ، اذا تيقن من حسن النوايا ، وصدق الكلمة ، ونزاهة واخلاص منْ يتصدى للتغيير ، ونهضة الوطن ، فى أى مجال ، وموقع .
بدأت ، واستمرت ” المصرى اليوم ” ، بنوعية الورق الأصفر المتواضع . وهذا ليس صدفة . انها رسالة بليغة ، تؤكد أن المطلوب هو ” البذخ ” فى عمق الموضوعات ،
ودسم الأفكار ، ولمعان القضايا . وكم هى كثيرة ، المطبوعات الصحفية ، التى تواجهنا بصفحاتها الفاخرة اللامعة ، بينما هى فى قمة التفاهة ، والجهل ، والسطحية ، ولا تخدم الا اعادة انتاج التخلف الحضارى ، بعنصريته ، وذكوريته .
أعتقد أن تأسيس جريدة مصرية مستقلة ، مثل ” المصرى اليوم ” ، هى واحدة من أهم الانجازات المصرية ، فى بداية القرن الواحد والعشرين ، فى مصر . وهى قدوة تُحتذى ، فى جميع المكونات الصحفية ، التى قادتها الى التفرد ، والتأثير .
وعندما نقول ” مصر ” ، فهذا يعنى الاشعاع على كل المنطقة . لنقل كل ما نقول ، عن التحديات التى عطلتنا ، وما زالت تلقى بالألغام على أرضنا . لكن الحقيقة تبقى هى الحقيقة .
فما يحدث فى مصر ، يؤثر فى كل البلاد المحيطة بها . هذا قدرنا ، بحكم التاريخ والجغرافيا ، والفنون ، والآداب ، ومعالم الرقى الحضارى ، ولا نستطيع تغيير هذا القدر .
على المستوى الشخصى ، كانت ” المصرى اليوم ” ، أول مطبوعة صحفية ، تشهد اسمى الأدبى الجديد ، منى نوال حلمى . وكانت هذه واحدة من أغلى أمنيات حياتى . بدأت أكتب على صفحاتها فى بدايات 2022 ، بشكل غير منتظم . وفى 6 يونيو 2022 ، انتظمت مرة كل أسبوعين . وفى 27 مارس 2023 ، جاء أول مقال لى ، باسمى الجديد .
بعد عشرين عاما من العمل الصحفى الدؤوب ، أقدم أنا ” المصرية اليوم ” ، باقة من الورود والأزهار ، الى ” المصرى اليوم ” ، تعبيرا عن محبتى ، وتقديرا لدورها الرائد فى تاريخ الصحافة المصرية .
=========================================================

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!