مقالات عن مانكيش

أنواع الخبز والمعجنات في مانكيش وطرق صناعتها

وردا اسحاق

الكاتب: وردا اسحاق

 

 

أنواع الخبز والمعجنات في مانكيش وطرق صناعتها

بقلم / وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

 

 

 

الخبز هو المكون الأساسي في المائدة ويصعب الأستغناء عنه والمتكون من دقيق الح*بو-ب بمختلف أنواعها .

يعود تاريخ صناعة الخبز الى العصر الحجري القديم حيث أستندت وجبات الأنسان القديم بشكل أساسي على البروتينات والدهون . فهناك أدلة أثرية للدقيق والتي كان يصنع منه خبز فطير . ففي أوربا يعود الى قبل 30 ألف سنة ، فأول الخبز الذي عرفه الأنسان كان يتكون من طحن الح*بو-ب بواسطة بعض الحجار ، وبعدها أخترع آلة حجرية تتكون من حجرين الأول مقعر كالجرن يضع فيه الح*بو-ب المبللة ، والثاني على شكل مدق حجري بيضوي ، أي ( خشولا وخشلتا ) بالعربية ( المجرس ) لتصبح بعد الدق كالعصيدة وهكذا تم الحصول على غذاء قابل للهضم ، وهي الطريقة الأولى التي تم الأثاريون أكتشافها في بعض الحفريات التي تدل على تطبيق هذا النشاط في أعداد الطعام في العصور الحجرية القديمة . وبعدها ظهر بمحض الصدفة بأن عرض لمصادر الحرارة كأشعة الشمس الحارقة أو تسخن على الأحجارالساخنة ، وهكذا أستمرت الفكرة وتطورة الطريقة . ظهر الخبز المطبوخ كغذاء رئيسي للأنسان قبل عشرة الف سنة ،حيث أدخل الأنسان البدائي الح*بو-ب في النظام الغذائي عندما بدأ يستقر في القرى فزرع القمح ومزج تلك الح*بو-ب مع الماء وطحنها بشكل خشن بواسطة الأحجار ومن ثم قام بطبخها على النار .وفي مصر تم صناعة الخبز قبل ثلاثة ألف سنة أما الخميرة فأكتشفها المصريون قبل 2600 سنة . في العصور القديمة كانت هناك مصادر متعددة للتخمير .

أما عن المطبخ القديم لأبناء الرافدين ، فنقل ألينا عالم الآثار العراقي د. بهنام أبو الصوف الكثير من المعلومات من العصور السومرية والبابلية والآشورية ، أخترنا منها هذه السطور الخاصة بصناعة الخبز ، يقول :

كان المطبخ السومري، مثل الفرنسي، قائماً على الخبز. فالرمز المسماري للأكل، هو علامة (الفم) مع علامة (الخبز) في داخله. وكلمة «أكالو» الأكدية تعني «يأكل»، وكلمة «أكلو» تعني «خبز». وتفيدنا السجلات الآثارية بأن سكان وادي الرافدين القدامى كانوا يصنعون أكثر من ثلاثمائة نوع من الخبز، الفطير وغير الفطير. وعندما تعلم أنكيدو (في ملحمة غلغامش) كيف يأكل مثل سائر بني البشر (بدلاً من ارتضاع الحليب من حيوانات البر)، كان أول شيء تعلمه هو أكل الخبز: «كل الخبز، يا أنكيدو، بهجة الحياة 

 

كان الطعام العراقي الى وقت قريب سومرياً، وبابلياً، وفارسياً، وعباسياً، وتركياً. لكن ذلك كله ربما يعود الى جذوره السومرية والبابلية. فمأدبة آشور ناصر بال الباذخة لم تكد تستثني صنفاً ولوناً من ألوان الطعام. 

وإذا كانت الموسيقى في عهد نبوخذ نصر تتألف من أوركسترا من عدد متنوع من الآلات، فلا بد من أن مطبخه كان باذخاً في تنوعه أيضاً. ولا بد من أن الأخمينيين الفرس استعاروا المطبخ البابلي بعد احتلال هذه المدينة العظيمة، مثلما تعلم ملكهم اللغة البابلية. وهذا انتقل في ما بعد الى الساسانيين، ثم الى العباسيين، الذين كان مطبخهم باذخاً جداً. 

ويضيف الكاتب ، كنت أحب أن أعرف ماذا كان أجدادنا العراقيون يأكلون، فرغيف الخبز العراقي الذي يخبز في التنور (وهي كلمة بابلية) كان سومرياً. ولعل خبز العروق المعاصر (وهو خبز بلحم وبصل وتوابل) ذو جذور بابلية أيضاً. ولا بد من أن الكليجة (المعمولة) كانت بابلية وآشورية، إن لم تكن سومرية أيضاً. ولعل وجبة التشريب (حيث يقطع الرغيف ويُثرد في صحن ليتشرب بمرق اللحم، ويوضع فوقه اللحم والبصل والحمص المسلوق) كانت سومرية. ففي وادي الرافدين (شمال سورية) دجنت الحنطة للمرة الأولى، وفي هذه المنطقة دجنت الخراف أيضاً. والمريس: ما مرسته في الماء من التمر ونحوه. لكن كلمة «مرسو» الأكدية تقال لضرب من الكعك (الكيك) كان يصنع من مزج نوع من الأشربة مع الطحين. بل إن كلمة «كعك»، التي نظن انها أصل كلمةcake يقال لها بالأكدية «كعاتو

وقد صدر حديثاً لجان بوتيروJean Battéro الفرنسي ، فهي سومرية . كتاب ترجم الى الانكليزية بعنوان (أقدم مطبخ في العالم: الطبخ في وادي الرافدين)، وذلك بعد ان اكتشف المؤلف ثلاثة ألواح مسمارية في أرشيف جامعة . 

إذن نستنتج مما نقله لنا د. الصوف بأنه حتى في العصور القديمة كان هناك مجموعة واسعة من أنواع الخبز . وكذلك في العصور الوسطى حيث كان الخبز يقدم كغذاء أساسي على المائدة . أما في العصر الحديث فكان للخبز خطوة تأسيسية في خلق العالم الحديث بسبب المخترعين والمبدعين والآلات الحديثة التي أخترعت لصناعة الخبز الحديث ، فمثلاً يتعبر ( فريدريك أو تو روهويدر ) الأب الروحي لشرائح الخبز ، ففي عام 1912 أخترع آلة لتقطيع الخبز الى شرائح . وفي عام 1928 أخترع روهويدر آلة أخرى لتقطيع ولف شرائح الخبز .

 .

تختلف أنواع الخبز في العالم ، كما تختلف الح*بو-ب المستخدمة وطريقة الصنع . ففي المكسيك يصنع الخبز من دقيق الذرة . وفي الأسكتلندا يأكلون كعكة البانكو التي تصنع من دقيق الشوفان . أما في السويد فيأكلون خبزاً صلباً مصنوعاً من دقيق الجودار . وفي بعض البلدان تطحن البازلاء ويصنع منها الخبز . وكذلك في بلدان أخرى يستخدم الرز لصنع الخبز . وحتى البلوط في بعض بلدان الشرق الأوسط يطحن ليصنع منه الخبز . وفي اليونان في العصور القديمة كان خبز الشعير ( سولون ) هو المستخدم . أما خبز القمح فكان يصنع لأيام الأعياد .

 

كان الخبز الأبيض هو المفضل لدى أغلب سكان أوربا . في عام 1961 حدث تطوراً كبيراً في عملية الخَبِز الذي استخدم في عمل ميكانيكي مكثف من العجين الى الحد بشكل كبير من فترة التخمير مع تحديد الوقت اللازم لأنتاج الرغيف . أما أنواع الخبز في بلدان العالم فنذكر بعضا منها ، المانيا تفتخر بأن لديها أكبر مجموعة متنوعة من الخبز في العالم ، فيتم أنتاج 300 نوع من الخبز الأساسية مع أكثرمن ألف نوع صغير على شكل معجنات . ويعتبر الشخص الألماني من أكبر المستهلكين للخبز في العالم ويليه التشيلي . وهكذا تطور صناعة الخبز الى أنواع كثيرة في العالم ففي معرض كولونيا للخبز عام 2005 تم عرض أكثر من ألف نوع من قبل أكثر من 16 ألف مخبز من مختلف البلدان .

أما في مانكيش فكانت المواد التي كانت تستخدم لصناعة الخبز هي ( دخنا وطالا والشعير ) وذلك الى منتصق الثلاثينات من القرن الماضي وبعد هذه الفترة بدأ بزراعة الحنطة وكما أشرنا في موضوع ( طرق الدق والطحن في منكيش …) فكان الخبز الناتج من تلك المواد صلباً لمضخ والهضم . أما أنواع الخبز والمعجنات التي كانت تصنعها المرأة المنكيشية فهي    

أنواع الخبز والمعجنات المنكيشية :

 

1-   رّقي  ( خبز رقاق ) : هو أكثر أنواع الخبز المرغوبة والمستخدمة لدى العائلة المنكيشية  . تتم صناعته من الطحين بعد نخله بواسطة المنخل الدقيق ( مخلتا ) والخاصة لنخل الطحين فيفرز منه النخالة التي تطرح للدجاج .  يعجن الطحين بدلكه بعد ضم الأصابع جيداً الى الداخل ، تبرك المرأة لكي تدلك الطحين ، ويرسم عليه علامة الصليب وبعد ذلك يغطى بالنايلون ، وعلى النايلون قطعة قماش ثخينة تسمى ( صدركثا ) لكي لا ينشف العجين الموضوع في أناء خاص يسمى ( لكَنة ) .

 

عجين د ( رّقي ) لا يضاف اليه الخميرة ، أما باقي أنواع الخبز فجميعها مخمرة . بعد ذلك يقسم العجين الى أقراص متساوية الأحجام  تسمى ( كوصي ) . وبعدها يفتح قرص العجين ( كوصة ) بواسطة عصا ملساء طولها 80 سم وقطرها واحد سم تسمى ( كيرا ) على طاولة مصنوعة من الجبس مستندة على ثلاث أرجل تسمى ( خوانة ) أرتفاعها 15 سم وقطرها مابين 80 الى 90 سم  .  يتم فتح العجين الذي يضاف أليه قليل من الطحين الذي يسمى ( بلاخا ) لكي لا يلتصق العجين ب ( كيرا )  وبعد ذلك يتم وضعه بواسطة ال ( كيرا ) على صفيح معدني أملس ومحدب المسمى ب ( دوقا ) أو الصاج ، مثبت على مقعد خاص مصنوع من الطين يسمى ( كنونا ) يُشعل فيه الحطب فيبقى الصفيح حاراً بنفس الدرجة .

يقلب الرقا على الصاج بواسطة عصا خشبية مسطحة تسمى ( مقلبانا ) . يفضل صناعة هذا النوع من الخبز لكونه مطبوخ جيدا فيتحمل البقاء مدة أطول أكثر من كل الأنواع الأخرى من الخبز . يحفظ في سلة خاصة تسمى ( بثورا دلخما ) ومن ثم تغطى بقطعة من القماش . يتميز هذا الخبز الرقيق القابل الى الكسر بسرعة ، يمكن تناوله صلباً أوليناً بعد رشه بقليل من الماء ومن ثم يغطى بقماش لكي يصبح مرناً وسهل التناول . 

 

 

 

2-   بثخاثا : يصنع هذا النوع من الخبز بعد صناعة الرقي مباشرةً ، وذلك من العجين الباقي من الرقي المستخدم على الأرجح في وجبة الفطور ، أما بثخاثا فتسخدم لوجبة العشاء ، ولا يجوز خزنها كثيراً لكونها أكثر سمكاً من الرقي . يفتح الكوصة ثلث فتحة الرقا .

3-   بطيري : مفرده بطيرا ( فطيرا ) وهو من أشهر الفطائر التراثية المعروفة في منكيش . شكله سميك ، أسمك من الأنواع الأخرى من الفطائر . يضاف أليه البصل الذي يدق بواسطة ( خشولتا ) أي المدق الحجري ، ويضاف أليه ملح ومن ثم يعصر ليتخلص من الماء الذي يحتويه  وبعد ذلك يدلك جيداً بالأصابع المبللة بالبيض . يتراوح قطرالبطيرا ما بيم 15 – 20 سم . يمكن تناول البطيرا لوحده لكونه محشياً ، ويمكن أن نسمي البطيرا بيتزا منكيش .

4- تخراثا دتنورا ( رغيف التنور ) : يصنع من نفس عجين ( الرقي ) لكن يضاف أليه الخمير وقليل من الدهن الحر ( مشخا دأروي ) وبعد ذلك يغلق ويلصق على التنور إلى أن يحمر لونه بالحرارة .

5-   تخرتا دسسقي ( رغيف الّلية المقلية المقطعة  ) : أقراص من الخبز( تخراثا ) المحشية بقطع من ( السسقي ) أي الشحم المقلي ، يفتح القرص بواسطة ( كروما ) 

 

 

 

6-   تخرتا دجاجك : ( يعمل الجاجك من الدوئي وذلك بوضع الدوئي على النار وبعد ذلك يبرد ويوضع في الكيس لكي يتخلص من الماء ويوضع معها نوع   من الحشائش المسمى ب “سيّرِكي ” مع سحق قطع من الجبن مع المخلوط )

يغطى الرغيف بهذا الخليط وبعدها تفرش على الصاج لكي تطبخ جيداً. تعتبر من الفطائرالمخمرة المرغوبة في العائلة المنكيشية وخاصةُ لوجبة العشاء.

 

 

 

 

 

7-   تخرتا ت (شيكر ) رغيف السكر  : يفتح العجين على شكل قرص ، ويغطى بالسكر والدهن ومن ثم يطبق ليبقى السكر في الداخل ، وبعدها يفرش على ال ( دوقا ) لكي يشوى جيداً .

8-   تخرتا د ( دقا ) رغيف الجريش  : تصنع من دقيق الجريش ( كرسا ) بعد أن يغسل ، أما ماءه فلا يطرح خارجاً ، بل يعطى للحيوانات . يتم صنعه بخلط الدقا مع الطحين ويضاف أليه الخمير ، ومن ثم يطبخ على الصاج .

9- تخراثا دبَللّو : بللّو مناسبة دينية تقع في منتصف الصوم الكبير . تصنع تخراثا دبللّو من الطحين مع أضافة الدهن الى داخل القرص . هناك قرص متمييز يضاف اليه صليب من العجين . بعد ذلك تقوم العائلة بممارسة لعبة طقسية في ذلك اليوم فيغطون كل الأقراص بقطعة قماش ، وبعدها يسمح لكل فرد من العائلة لكي يسحب قرص منها . فالذي يعثر على القرص الذي يحتوي على الصليب تقدم له العائلة الهدية المعدة للفائز والمتكونة منكيس من الجوز واللوز والجكليت والحامض الحلو وغيرها من الحلويات المستخدمة في تلك الفترة . وفي ذلك اليوم تدعى العائلة كل الأقرباء لكي يشتركون بتلك اللعبة ، للبنين كانوا يصنعون من الفطائر ما يسمى ب ( قشتا ) أما للبنات فكانوا يصنعون لهن ( كالو ) . بعد أنتهاء اللعبة كانوا يتناولون  تلك الفطائر مع الدبس والسمسم .

10- كردَيي : يشبه خبز العرب . يتم صناعته  بفتح العجين بواسطة الكفين ويكون أكبر حجماً من الفطائر ( تخراثا ) .  يلصق على جدار التنور الحار فتنتفخ مساحات فيه ويحمر لونها قليلاً .

11- تخرثا تكالوا ( خبز العروس ) تصنع على شكل دائري كبير الحجم يغطى وجهها بدهن المسمى ( كرا ) أي الدهن الحر وفوق الدهن البيض ومن ثم تطبخ 

 

 

 

 

 

12- تخراثا دشوقا ( رغيف السوق ) : تعد في تنور خاص يسخن بالنفط أو الغاز . دخلت هذه المخابز الى منكيش بعد عقد السبعينات ، كما هناك فرن للصمون . تشبه تخراثا دشوقا نوعاً ما الى كرديي المعد في التنور الخشبي .

 

 

 

 

 

13- كُليجي ( كليجة ) نوع من المعجنات الحديثة التي تعلمن صناعتها الشابات المنكيشيات الساكنات في المدن كبغداد ، وقبل عقد الستينات من القرن الماضي لن تكن الكليجة معروفة .  كانت تعد لأيام عيد الميلاد والفصح . تصنع الكليجة من عجين مختمر مخلوط بالدهن . يفتح العجين بالحجم المراد صنعه ، وذلك بتقطيعه على شكل أقراص صغيرة ، ثم تحشى بالجوز واللوز وجوز الهند والتمر والسمسم  ، وبعدها تطبق وتلصق الحافات مع بعضها جيداً ، ثم تلف على شكل ضفيرة جانبية تعطي للعجين شكلاً جميلاً . وفي الأعلى يزغرف بواسطة أسنان شوكة الطعام أو برؤوس الأصابع ، وبعد ذلك يمسح سطحها بالبيض لكي يضاف أليها بريقاً وطعماً أضافياً . وهناك من تريد أن تصنع الكليجة صغيرة الحجم لأجل التباهي ، 

 

 

 

 

14- كادي ( سي جنبول ): وهي أيضاً من معجنات العيد التي كانت تستخدم في الفطور أيام العيد  . وكان هذا النوع معروف منذ زمن طويل تكون أكبر حجماً من الكليجة . تصنع من عجين مخلوط بالدهن ومحشي ب ( مرتوخا ) أو يسمى ب ( كاوا دكادي ) المصنوع من دهن الحر والطحين والسكر ( بعد ظهور السكر في الأربعينات ) .

15- كادي ( بِرخوَرَكاثا ) : نوع ثاني من كادي ، شكله دائري كان يسمى ( بِرخوَرِ كاثا ) يعمل بعدة أحجام ، محتوياته تكون نفس نوع ( سي جنبول ) .  

إلى اللقاء في موضوع آخر من تراثنا المنكيشي 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!