مقالات

وزراء عراقيون بين الفقر والاستهداف – كاظم فنجان الحمامي

سنتحدث هنا عن اثنين من الوزراء العراقيين. احدهما من القرن الماضي، والآخر من المرحلة الراهنة، جمعتهما قواسم مشتركة بما يمتلكانه من مشاعر وطنية وتوجهات علمية وإدارية، لكنهما تعرضا لظروف قاهرة ومعاملة سيئة. سوف نذكر الاول باسمه الصريح وهو الوزير (بهاء الدين نوري الشرواني)، ونتجنب ذكر أسم الوزير الثاني حتى لا تثار ضده الهجمات الكيدية، وحتى لا تتوسع من حوله دائرة المضايقات، التي ظلت متفجرة حتى يومنا هذا. .
ولد الوزير الاول في العراق لأسرة كردية عام 1897 وانتقل إلى رحمة الله عام 1960. عاش ومات فقيرا متعففا يستحق الصدقة. كان لا يملك ثمن الدواء لعلاج أمراضه الناجمة عن سوء التغذية. .
كان مثقفا واعيا يتقن خمس لغات: العربية والتركية والفارسية والكردية والإنجليزية. درس القانون في جامعة الاستانة، ودرس العلوم الحربية في جامعة كمبرلي البريطانية. يعود له الفضل في تأسيس كلية الأركان عام 1937، وعين عميدا لها برتبة لواء ركن. ثم شغل منصب محافظ السليمانية بدرجة (متصرف)، وسفيرا في الأردن وايران وتركيا، ووزيرا في كابينة نوري السعيد عام 1945. .
يقول الطبيب عبد الجبار البحراني: ((انه في عام 1949 إتصل به الوزير بهاء الدين نوري الشرواني يطلب معاينته في داره بسبب تدهور حالته الصحية. فذهبت إليه وأجريت المعاينة والفحص، فتبين انه يعاني من الإرهاق وسوء التغذية نتيجة العمل المتواصل، عندئذ كتبت له قائمة فيها العلاج والمكملات الغذائية. . فقال لي: كم ثمن الدواء ؟. وكم أجرك يا دكتور ؟. قلت له: الكشف على حسابي، وثمن الدواء عشرة دنانير فقط. لكنني اكتشفت انه لا يملك ثمن الدواء، فأعطيته عشرة دنانير مني لكي يتغذى ويأكل)). .
كانت تلك حكاية الوزير الزاهد في القرن الماضي. أما في المرحلة الراهنة فلدينا وزير مستقل بلغ من العمر عتيا، اشتركت معظم الاحزاب السياسية في النيل منه، وقطعت شوطا كبيرا في تشويه صورته بكل الأساليب والطرق التي لا تخطر على البال، فلفقوا له عشرات التهم، وحركوا ضده عشرات الدعاوى الكيدية، وحرموه من راتبه التقاعدي، ولم يتركوا شاردة أو واردة إلا حولوها إلى وسيلة للتنكيل والتعذيب والانتقام. وعلى الرغم من تقدمه بالسن، وعلى الرغم من دوره الريادي في تنفيذ المشاريع الوطنية، ظلت كوابيس الترهيب تطارده في المنافي البعيدة. .
ختاما: مات الوزير الاول فقيرا معدما بلا راتب تقاعدي، وعاش الوزير الثاني فقيرا تحت وطأة التهميش والاستبعاد وبلا راتب تقاعدي. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!