ما حكَ جلدك مثلُ ظفرك
(مسرحية في مشهدين عن فكرة للكاتب الروسي إيفان تورغينيف)
من حُسن الخُلق أن تحك جلدك بظفرك خيراً من أن يحك لك الغريب أو العدو جلدك بالحراب، فالحاصل لا يُحمد عُقباه. ويُضرب هذا المثل لتوجيه الشخص بأن يتولى شؤون نفسه، والمقصد واضح لا يسند حوائج حياته لغيره ولا يتكل على الآخرين، فإنه إن فعل فلن تكون النتائج مرضية، وهذا خاص بالأفراد وعام للمجتمعات والدول. ويلاحظ التشبيه بين قضاء حوائج الإنسان نفسه بنفسه، وبين الحك بالظفر أيضاً، حيث يرافق الشعور والرغبة حركة الحك التي تزيد وتنقص بحسب الحاجة، فلا يبالغ ولا يقصر، ولو حك جلدك غيرك لم يستطع الوصول إلى رغبتك ومرادك ولا يزيل عنك الأذى. يقول شاعر من أهل صفاقس في تونس:
ما حكّ
جلدك مثلُ ظفرك
فتولّ أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة
فاقصد
لمعترف بقدرك
المشهد الأول
الخشن اليد: لماذا تحشر نفسك بيننا؟ ماذا تبتغي؟ لست منا، فانصرف!
الناعم اليد: أنا منكم يا إخوتي!
الخشن اليد: لا، لست منا، كلام فارغ، كيف تكون منا؟! على الأقل انظر إلى
يديّ. ألا ترى كم هما خشنتان؟ تفوح منهما رائحة الكد والعمل. أما يداك
فبيضاوان. ماذا يفوح منهما؟
الناعم اليد يمدّ يديه: شمّ!
الخشن اليد بعد أن شمّ اليدين: عجيب، كأنهما تفوحان رائحة حديد قديم.
الناعم اليد: نعم، إنها رائحة حديد، فقد حملت الأصفاد عليهما سنين طويلة.
الخشن اليد: وعلى أي شيء؟
الناعم اليد: لأنني سعيت إلى خيركم، وأردتُ أن أحرركم، وقفتُ ضد
مضطهديكم، وتمردتُ، فسجنوني.
الخشن اليد: سجنوك!؟ ولماذا تمردت؟
المشهد الثاني
بعد عامين
الخشن اليد نفسه إلى خشن يد آخر:
اسمع يا أخي أنت تذكر ذلك الناعم اليد الذي تحدث معك في الصيف ما
قبل الأخير؟
الخشن اليد الآخر: أتذكر، ما به؟
الخشن اليد الأول: سيشنق اليوم، نعم، سيشنق، صدر الحكم بذلك.
الخشن اليد الآخر: هل ظلَّ على تمرده؟
الخشن اليد الأول: نعم، ظلَّ على تمرده.
الخشن اليد الآخر: آه، طيب، يا أخي ألا يمكن أن نحصل على الحبل
الذي سيشنقونه به، سيبقى ذكرى عظيمة للأجيال القادمة.
الخشن اليد الأول: أنت مُحقّ، يجب أن نحاول، يا أخي!