آراء متنوعة

‭ ‬لو‭ ‬نظر‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬طائرته‭ ‬نحونا؟

‭ ‬لو‭ ‬نظر‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬طائرته‭ ‬نحونا؟

د . فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬التجاهل‭ ‬الذي‭ ‬يبديه‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إزاء‭ ‬العراق‭ ‬امر‭ ‬مثير‭ ‬ولعله‭ ‬يستحق‭ ‬ان‭ ‬يوصف‭ ‬بالموقف‭ ‬الخطير‭ ‬بحسب‭ ‬ايماني‭ ‬انّ‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬مصادفة،‭ ‬فالرجل‭ ‬كأنه‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬ولو‭ ‬بنظرة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬طائرته‭ ‬الرئاسية‭ ‬وهي‭ ‬تعبر‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتحط‭ ‬بمطار‭ ‬الرياض‭ ‬او‭ ‬الدوحة‭ ‬او‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭.‬

عندما‭ ‬يقال‭ ‬انّ‭ ‬ترامب‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬تبرز‭ ‬العواصم‭ ‬الثلاث‭ ‬وحدها‭ ‬فقط‭ ‬كعلامات‭ ‬بارزة‭ ‬تخطف‭ ‬عيون‭ ‬الامريكان‭ ‬وقلوبهم‭.‬

ترامب‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬مجرد‭ ‬نظرة‭ ‬عابرة‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يرسل‭ ‬تعليقا‭ ‬يخص‭ ‬بلدا‭ ‬حاربت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بكل‭ ‬إمكاناتها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬صناعته‭ ‬وبنائه‭ ‬وتشكيليه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬واليوم‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يفكر‭ ‬ان‭ ‬يتذكره‭.‬

اثنان‭ ‬وعشرون‭ ‬عاما،‭ ‬كانت‭ ‬مدة‭ ‬كافية‭ ‬ليولد‭ ‬فيها‭ ‬بلد‭ ‬جديد‭ ‬ومتقدم‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬الاموال‭ ‬الهائلة‭ ‬والثروات‭ ‬النفطية‭ ‬والدعم‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬تابعاً‭ ‬للعناية‭ ‬الامريكية‭ ‬الفائقة‭ ‬للبلد‭ ‬الذي‭ ‬انتهى‭ ‬الى‭ ‬حال‭ ‬باتت‭ ‬فيه‭ ‬أكبر‭ ‬المنجزات‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬اعمال‭ ‬عادية‭ ‬لأية‭ ‬بلدية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

من‭ ‬حيث‭ ‬القيمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬اليوم‭ ‬العراق‭ ‬رقما‭ ‬صعبا‭ ‬وحاسما‭ ‬في‭ ‬المعايير‭ ‬الامريكية،‭ ‬وفي‭ ‬الموازين‭ ‬الأمنية‭ ‬تبدو‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬رست‭ ‬باتجاه‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬حقيقتين‭ ‬إما‭ ‬دولة‭ ‬وإما‭ ‬ار*ها*ب،‭ ‬وانّ‭ ‬عدم‭ ‬نيل‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬يلقي‭ ‬بالشكوك‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الامريكان‭ ‬بشأن‭ ‬مصداقية‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬يرومون‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إذا‭ ‬قرروا‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السياقات‭ ‬العادية‭.‬

لو‭ ‬جمعنا‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬سرقها‭ ‬السياسيون‭ ‬والعناوين‭ ‬المحمية‭ ‬بأكاذيب‭ ‬السلطات‭ ‬المختلفة‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬لكانت‭ ‬مبالغ‭ ‬عظيمة‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تجعل‭ ‬رئيس‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬متجها‭ ‬لوضع‭ ‬إمكانات‭ ‬بلده‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬مشاريع‭ ‬واستثمارات‭ ‬وضمانات‭ ‬وحمايات‭ ‬يحتاجها‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬سعيه‭ ‬لبناء‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬الصفر‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬السعودية‭ ‬والامارات‭ ‬وقطر،‭ ‬اذ‭ ‬لديها‭ ‬أموال‭ ‬لم‭ ‬تسمح‭ ‬ان‭ ‬يسرقها‭ ‬سياسي،‭ ‬أو‭ ‬شيخ،‭ ‬أو‭ ‬امير‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عنوان‭ ‬رسمي،‭ ‬وجعلتها‭ ‬قوة‭ ‬مقاتلة‭ ‬بيدها‭ ‬لإجبار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تخطب‭ ‬ودها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والبناء‭ ‬والتقدم‭. ‬

لنتخيل‭ ‬ان‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬منح‭ ‬العراق‭ ‬خمس‭ ‬ثوان‭ ‬من‭ ‬وقته‭ ‬ونظر‭ ‬عبر‭ ‬الاجواء‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬الطائرة‭ ‬الرئاسية‭ ‬الى‭ ‬بلادنا،‭ ‬وسأل‭ ‬أحد‭ ‬مساعديه‭ ‬سؤالاً‭ ‬متوقعاً‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬على‭ ‬لسانه‭: ‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬العراق؟‭ ‬ثمّ‭ ‬يأتيه‭ ‬الجواب‭ ‬من‭ ‬مساعده‭: ‬

لايزال‭ ‬البنك‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الامريكي‭ ‬يصرف‭ ‬لهم‭ ‬دفعات‭ ‬الواردات،‭ ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬نراوح،‭ ‬كما‭ ‬كنّا‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬سنة،‭ ‬والفساد‭ ‬هناك‭ ‬بات‭ ‬ثقافة‭ ‬واسلوب‭ ‬حياة

هل‭ ‬يستطيع‭ ‬أي‭ ‬مستشار‭ ‬للرئيس‭ ‬ان‭ ‬يقول‭ ‬كلاماً‭ ‬مخالفاً‭ ‬لهذه‭ ‬الحقائق؟

ولا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬توقعاتي‭ ‬حول‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يجيب‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭.‬

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!