آراء متنوعة

فرص الدبلوماسية بين واشنطن وإيران

فرص الدبلوماسية بين واشنطن وإيران

يبقى السؤال الأهم والمطروح هل إيران مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية لرفع العقوبات خلال إدارة ترامب؟ إشارات إيران واضحة في أن مسؤولية العودة إلى الاتفاق هي مسؤولية أميركا وحدها.

تراجع النفوذ أفقد طهران عنصر القوة في التفاوض
خطاب التصعيد الذي تمارسه الإدارة الأميركية ضد طهران لإخضاعها للمفاوضات مرة أخرى، بعد إلغائها من واشنطن، لا يمكنه أن يقدم شيئا في التهدئة والسير نحو الاستقرار في المنطقة عموما. خصوصا وأن الخطاب ليس خطابا مرنا، بل يحمل نبرة تهديد واستعلاء على العالم، وهذا ما لا يقبله أغلب دول العالم. أن تبقى هذه الدول محكومة بمزاجيات وقرارات البيت الأبيض، أمر مرفوض.

لذلك، أرسلت طهران إشارات بأنها على استعداد لاستئناف المفاوضات، على أن تكون جادة في رفع العقوبات المفروضة عليها منذ أربعين عاما. ومع ذلك، يبدو أنه من غير المرجح تحقيق أي تطور دبلوماسي في هذا الاتجاه.

هناك احتمالية واردة بعودة المحادثات بين الجانبين، ويعود ذلك إلى أسباب منطقية، منها نية الرئيس الأميركي الخروج من دائرة الحروب واستخدام الجيش الأميركي خارج الحدود. بالإضافة إلى تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة بعد أحداث لبنان وسوريا، التي أفقدته عنصر القوة في التفاوض.

◄ حملة العقوبات الجديدة تأتي في وقت صعب للغاية بالنسبة لإيران، حيث تعاني البلاد من ارتفاع معدل التضخم الذي يبلغ حاليا حوالي 35 في المئة، وتباطؤ النمو

إذ بمجرد انتشار خبر توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة إلى الجمهورية الإسلامية عبر دولة الإمارات يطلب فيها إجراء محادثات، سارعت الحكومة الإيرانية إلى رفض أي تفاوض مع واشنطن ما لم تكن هناك جدية في رفع الحصار. كما بينت أن بعض الحكومات الأجنبية والشخصيات تصر على المفاوضات، في حين أن هدفها ليس حل المشكلات، بل فرض السيطرة وفرض أجندتها الخاصة.

من الصعب في المرحلة الحالية تحديد الرد الإيراني الفعلي على المطالب الأميركية. ويمكن اعتبار تصريح الإمام الخامنئي بمثابة تحذير من الإفراط بالثقة بالولايات المتحدة، ولكنه لا يعني بالضرورة رفض فكرة المحادثات على أسس جدية وجديدة.

أول هذه الأسس هو رفع الحصار المفروض على إيران، وإطلاق الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك العالمية. كما أن بعثة الأمم المتحدة تحاول التأكيد على أن أي محادثات يجب أن تتعلق بالصياغات الضيقة والمحدودة. وربما لا تزال واشنطن وطهران في مرحلة قراءة المشهد حول المحادثات.

تعد روسيا المحاور الرئيسي في تبادل الرسائل الأميركية – الإيرانية الحالية. وقد عرض الرئيس فلاديمير بوتين روسيا كشريك وسيط في هذه المحادثات، والتي تضمنت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى طهران لإدارة المناقشات حول البرنامج النووي الإيراني.

من المرجح أن يكون النزاع النووي بين الولايات المتحدة وإيران قد تمت مناقشته، إذ إن روسيا كانت جزءا من العملية الدبلوماسية التي أسفرت عن خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015، والتي لم تنسحب منها على الرغم من انسحاب أميركا.

◄ طهران أرسلت إشارات بأنها على استعداد لاستئناف المفاوضات، على أن تكون جادة في رفع العقوبات المفروضة عليها منذ أربعين عاما

في الآونة الأخيرة، عززت إيران وروسيا علاقاتهما العسكرية، حيث زودت إيران روسيا بآلاف الطائرات المسيرة في حربها ضد أوكرانيا. بينما زودت روسيا إيران بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية وقطع الغيار والجوانب المتعلقة بالبرنامج النووي.

بالمقابل، كان لإستراتيجية الضغط الأقصى التي فرضتها إدارة ترامب الأولى تأثير اقتصادي على إيران. حملة الضغط التي أقرها ترامب مؤخرا، إذا ما تم تطبيقها بالكامل، ستعمل على تخفيض صادرات إيران بشكل كبير.

تأتي حملة العقوبات الجديدة في وقت صعب للغاية بالنسبة لإيران، حيث تعاني البلاد من ارتفاع معدل التضخم الذي يبلغ حاليا حوالي 35 في المئة، وتباطؤ النمو.

يبقى السؤال الأهم والمطروح: هل إيران مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية لرفع العقوبات خلال إدارة ترامب؟ إيران رفضت عرض الحوار مع أميركا، وحملت الولايات المتحدة مسؤولية الانسحاب من خطة العمل الشاملة.

إشارات إيران واضحة في أن مسؤولية العودة إلى الاتفاق هي مسؤولية أميركا وحدها.

محمد حسن الساعدي
كاتب عراقي

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!