بيان تيار الثورة الاشتراكية حول تعديل قانون الإيجار القديم:
أقر البرلمان منذ أيام التعديلات التي اقترحتها الحكومة على قانون الإيجار القديم، والتي تسمح بطرد المستأجرين وإخلاء الوحدات السكنية والتجارية منهم قسرًا بعد فترة انتقالية تبلغ 7 سنوات للسكني و5 سنوات للتجاري، ما يشكل تهديدًا لما يزيد عن مليون ونصف أسرة مصرية، يمكن أن يفقدوا، بعد انقضاء الفترة الانتقالية، سكنهم ويجدوا أنفسهم مشردين بلا مأوى.
لماذا الآن؟ وما هو دافع الحكومة من وراء هذا التعديل؟
26 عامًا لم تُحسَم خلالها دعاوى عدم دستورية بعض مواد قانون الإيجار القديم أمام المحكمة الدستورية، لكنها أصدرت حكمًا بعد عام واحد فقط من توجيه عبد الفتاح السيسي لها بحسم الملف، يقضي بعدم دستورية المواد الخاصة بثبات القيمة الإيجارية، وألزمت الحكومة بتعديل القانون. سارعت الحكومة لإعداد تعديلات تسمح بطرد المستأجرين بعد المدد المشار إليها، ليقوم البرلمان الموالي بدوره في تمرير التعديلات في لمح البصر.
الدولة ترغب، من خلال هذا التعديل، في إيجاد مصادر تمويل لتغطية فجوة عجز الموازنة، بعد أن لجأت إلى صفقات عملاقة لبيع الأصول، مثل صفقة بيع أراضي منطقة رأس الحكمة للإمارات، ومؤخرًا تحويل ملكية 175 كيلومترًا مربعًا من الأراضي على ساحل البحر الأحمر إلى وزارة المالية، تمهيدًا لبيعها لسداد الديون. لكن إفلاس الدولة وفسادها لا يكتفيان، بل يطلبان المزيد دائمًا.
تعديل القانون بهذا الشكل سيسمح للدولة بتحقيق عوائد عقارية استثمارية ضخمة في السنوات القادمة، وهذا ما يعني الدولة فقط. أما ملايين المواطنين المهددين بفقدان وحداتهم السكنية، فلا يعنيها أمرهم في شيء، في تحدٍّ واضح لملايين الناس الذين وجدوا أنفسهم فجأة في مرمى نيران دولة لا يعنيها سوى بقاؤها، ولو كان ذلك على حساب تشريدهم.
العدو في معركتنا هو الدولة، وليس الملاك. صحيح أن الملاك مستفيدون، لكن التعديلات لم تُصَغ بهذا الشكل كي يستفيدوا هم منها، بل صيغت هكذا كي تستفيد الدولة في نهاية المطاف. وهذه نقطة لا يجب أن نغفل عنها، حتى لا نوجّه سخطنا نحو الملاك، فيتحول الصراع إلى مستأجرين ضد ملاك، بينما الملاك لم يصنعوا هذا الموقف ولم يتسببوا فيه. الدولة هي من صنعته، وهي المسؤولة عنه.
دولة يسيرها فرد الرئيس. تتحرك مؤسساتها لتحقيق أمنياته، من أول القضاء إلى الحكومة إلى مجلس النواب. هي دولة مفلسة وفاسدة حتى النخاع، يستفيد من إفلاسها وفسادها الرئيس نفسه وأفراد عائلته وقادة الجيش وأجهزة الأمن والشرطة والقضاء وأعضاء الحكومة والبرلمان، يتحالف معها رجال أعمال ومستثمرون. من أجلهم تصدر الأحكام، ومن أجلهم تُعدَّل القوانين، كي تتاح لهم فرص الاستحواذ على عقارات وأحياء بكاملها، وليذهب سكانها إلى الجحيم. فهذا هو منطق السيسي: “الحاجة اللي تغلى عليكم ما تشتروهاش” أي أن الوحدة التي تسكن فيها، بعد بضع سنوات، ستكون بملايين الجنيهات، وإن لم تكن قادرًا على دفع تلك الملايين، فلتذهب لتسكن في عشش الصفيح أو تحت الكباري.
الدولة تهدد اليوم ملايين المواطنين بالتشرد، وغدًا ستهدد ملايين غيرهم، ولن يوقفها شيء، طالما استمر السيسي وجماعته الحاكمة على رأس السلطة. الأمل هو أن نتحد جميعًا: مستأجرين وملاكًا، عمّالًا وطلبة، وكل الفئات المطحونة والمضطهدة، لنقف في وجه هذه السلطة ونضع حدًا لها بإسقاطها. معركة اليوم مصيرية وفاصلة، وإما أن نستعيد فيها وطننا وثورتنا التي اختطفها السيسي وجماعته، أو نصبح جميعًا ضحايا، أو ضحايا محتملين، لهذه السلطة.
ندعو في تيار الثورة الاشتراكية جميع فئات الشعب المتضررين من سلطة السيسي – من مستأجرين وملاك ومواطنين ومناضلين وطلبة وعمّال وكادحين وأهالي معتقلين ومهجّرين قسرًا – إلى بناء وتشكيل روابط وخلايا ومجموعات عمل على مستوى الأحياء والمدن والمحافظات والجامعات والمعاهد والمصانع، لتنسيق عملها على مستوى الجمهورية، من أجل وضع حد لسلطة باتت تمثل خطرًا علينا جميعاً.
إن حق الدفاع الشرعي عن النفس، المكفول قانونًا على مستوى الأفراد، مكفول أيضًا على المستوى الاجتماعي بالحسّ المشترك لأعضاء المجتمع. فحين يتهدد المجتمع خطر، يجب عليه أن يهبّ وينتفض للدفاع عن نفسه، من خلال وسائل تبدأ بالتنظيم والتظاهر والإضراب، وصولًا إلى الانتفاض والثورة، معركتنا طويلة، وليس لدينا فيها ما نخسره. لكن أمامنا وطنٌ نستطيع أن نستعيده من تجّار الأوطان الذين يحكموننا.
تواصلوا معنا عبر الصفحة أو البريد الإلكتروني: [email protected]
soc-rev-egy.org
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.