هل تنجح الحشود الشعبية والمؤسسات الدولية في فك الحصار عن
المحامي علي ابوحبله
في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غ*ز*ة، عاد معبر رفح ليحتل صدارة المشهد كرمز للأمل والخذلان في آن واحد. وبينما أخفقت الدول، عربية كانت أم إسلامية، في فك الحصار المفروض على القطاع، برزت الحشود الشعبية والمبادرات الدولية كبدائل رمزية تسعى لإحداث اختراق في جدار الصمت والجمود. لكن يبقى السؤال المطروح: هل تنجح هذه التحركات بالفعل في تحقيق ما عجزت عنه الدول؟
الحشود الشعبية: رمزية المقاومة وضغط الواقع
لا يمكن التقليل من شأن التحركات الشعبية التي شهدتها الحدود المصرية مع قطاع غ*ز*ة، ولا من القوافل التضامنية التي انطلقت من عواصم العالم نحو معبر رفح. هذه المبادرات، التي تجمع بين الدافع الإنساني والغضب الشعبي، تشكل عنصر ضغط مهم على الحكومات والرأي العام، وتنجح في لفت الأنظار إلى المأساة المستمرة في غ*ز*ة.
ومع ذلك، فإن هذه الحشود غالبًا ما تُواجَه بمنع الوصول أو التجاهل أو حتى القمع، خصوصًا عندما تُعتبر تحركاتها “تهديدًا أمنيًا” من قبل الدول المضيفة أو المتأثرة بالنزاع. فبدون غطاء سياسي أو تنسيق دبلوماسي، تظل قدرة الحراك الشعبي على إحداث تغيير ملموس محدودة، رغم أهميته الرمزية الكبيرة.
المؤسسات الدولية: بين المبادئ والقيود
تلعب المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة والصليب الأحمر، دورًا محوريًا في نقل المعاناة إلى المنصات الرسمية والضغط عبر القنوات الدبلوماسية. ويمتلك بعضها القدرة على إرسال بعثات، توثيق الانتهاكات، أو تقديم مساعدات طارئة.
لكن هذه المؤسسات تعمل ضمن أطر قانونية ودبلوماسية تُحترم فيها سيادة الدول، مما يُقيد تحركها العملي في ملفات كمعبر رفح، الذي يخضع لتوازنات سياسية وأمنية معقدة بين مصر، إس*رائي*ل، وحركة ح*ما*س.
فشل الدول لا يعني نهاية الأمل
عجز الحكومات عن فك الحصار لا يعني أن الضغط الشعبي والدولي بلا جدوى. فغالبًا ما تكون هذه التحركات محفزًا لتغيير سياسي، أو على الأقل لإجبار الأطراف المتورطة على تقديم تنازلات إنسانية، كتسهيل مرور المساعدات أو إجلاء الجرحى.
لقد سبق أن أجبرت الضغوط الإعلامية والحملات الشعبية مؤسسات ودولاً على إعادة النظر في قراراتها. وعليه، فإن التحركات الحالية، رغم محدوديتها، قد تنجح في فتح المعبر جزئيًا أو مؤقتًا، وهو إنجاز لا يُستهان به في ظل الكارثة الممتدة.
لا تمتلك الحشود الشعبية ولا المؤسسات الدولية مفاتيح حل جذري لأزمة معبر رفح، لكنهما تُجسدان صوتًا لا يمكن إسكاته، وضميرًا لا يمكن تجاهله. النجاح قد لا يأتي بشكل كامل أو فوري، لكنه قد يتحقق تدريجيًا، عبر تراكم الضغوط وخلق رأي عام عالمي يحرج المتورطين بالصمت أو التواطؤ. وفي ظل الصمت الرسمي، تبقى هذه المبادرات بصيص الأمل الأخير لأبناء غ*ز*ة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.