مقالات

نظرة حول تحولات العلاقات الدولية وإنعكاساتها علي المستقبل

نظرة حول تحولات العلاقات الدولية وإنعكاساتها علي المستقبل السوداني:

طرأت تحولات عميقة جدًا علي خارطة العلاقات السودانية الإقليمية والدولية في غضون فترة وجيزة حدثت فيها نقلة نوعية محفوفة بظروف الحرب القاسية، ويجب أن لا تُقرأ تلك الصفحة بمعزل عن المتغيرات الجارية إقليمًيا وعالميًا، ومن واقع صراع دامٍ حول المصالح السياسية والإقتصادية والثقافية والأمنية فيما بين الدول العملاقة المتناطحة علي أراضينا عبر أزرعها الار*ها*بية، وهنالك نموًا واضحًا في قارتي افريقيا وأسيا لحركة التحرر المنظم من سياسة الهيمنة الإستعمارية والإستغلالية لصالح التحول نحو عالم جديد مفتوح الفرص ومتعدد الأقطاب وتحكم مؤسساته المشتركة قوانيين جديدة عادلة، وينبغي أن تكون كل الدول مستقلة وحرة ذات سيادة، وأن يتم رسم السياسات الإقتصادية التشاركية لتحقيق مصالح الشعوب وليس المافيات الفاسدة التي تسعى للتحكم في مصائر الشعوب وإستلاب ثرواتها وجعلها ترزح غصبًا عنها في مؤخرة العالم، وهذا الأمر مرفوض.

تؤكد زيارة القائد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي إلي دولة روسيا الإتحادية أن شبكة العلاقات الخارجية تشهد اليوم تحولاً عميقًا قائمًا علي الرؤية الثاقبة للدولة ومسارها الجديد وسعيها الدؤب والمستمر للتموضع الإستراتيجي علي الخارطة العالمية، وهذا ممكن حال إنتهاء الحرب بحكم الموارد والموقع والإرادة الوطنية، وكان في وفد سيادة نائب الرئيس وزراء ”الخارجية والمالية والمعادن“، للمشاركة في فعالية الدورة السابعة والعشرين للمنتدى الإقتصادي الدولي بسان بطرسبورغ، وعندما ننظر لهذا التمثيل سيتضح حجم العلاقة بين السودان وروسيا، والمصالح الإقتصادية والسياسية الضخة المحتملة بين البلدين خلال الفترة الحالية وفترة ما بعد إنتهاء الحرب سيما فيما يخص الإعمار وتطوير الإستثمارات الزراعية والصناعية وحركة التجارة العابرة للقارات وفرص السياحة والمجالات الدفاعية المشتركة والمعتددة الأوجه وكذلك تبادل العلوم والمعارف والخبرات من أجل تحقيق الإستقرار والتنمية المستدامة لصالح الشعبيين الشقيقيين.

نتوقع أن تنجح هذه الزيارة في تحقيق غاياتها السياسية والإقتصادية، وتقديم الوجه المشرق للسودان أمام كافة الدول المشاركة في المنتدى، ومن جديد سيتم تنوير العالم بما يُحاك ضد بلادنا وشعبنا ومستقبلنا من مؤامرات تطبخها وتمولها تلك الحكومات الفاسدة والمستبدة التي تسعى لتحويل عالمنا إلي ”محارق للشواء البشري كبرى“ باشعالها حروب شعواء تحرق الأخضر واليابس مع نشرها خطاب الكراهية والتطرف والار*ها*ب والمخ*د*رات، ويجب علينا محاربة هذا التوجه المُضِر، وحماية بلادنا وشعبنا من النوايا السيئة لدول العدوان، ويجب أيضًا فتح كافة البوابات الدبلوماسية بغية تطوير العلاقة الآفروروسية من أجل المستقبل المنشود، وهذا الأمر قد قطع شوطًا خاصة مع دول الساحل الافريقي التي يزور فيها الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الإنتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة دولتي ”مالي والنيجر“ وهما دولتان صديقتان ومهمتان في القارة الافريقية، ولهما تجارب هائلة في العلاقة الثنائية مع السودان من جهة وبينهما وروسيا من جهة آخرى، وأعتقد أن تعزيز العلاقات بين السودان وكل تلك الدول من شأنه أن يضعنا علي طريق المستقبل؛ فمثّل هذه الزيارات المتزامنة ستكون لها ثمار جيدة جدًا لبلادنا وقارتنا وشعوبها العظيمة.

أكدت حكومة السودان من خلال موقفها تجاه سلوك حكومات العدوان والهيئات الإقليمية والدولية المساندة لها أن دولتنا عظيمة، وحكومتنا واثقة، ولن تستجيب للضغوط الجائرة لكسرها والسطو عليها، وقادرة علي الصمود والتصدي لسياسات الإستعمار، وتأكد للعالم أجمع أن سياسات السودان حيال العالم توضع بعناية فائقة علي عكس ما تقوم به تلك الحكومات التي توزع سياسة الفوضى علي منطقتنا، والعلاقات الدولية دوما عمودها الفقري قائم علي إحترام السيادة الوطنية للدول، وتحكم سيروتها إستمرار تدفق المصالح المشتركة، ولا يمكن البتة ولا يحق لدولة ما أن تفرض أجندتها بقوة علي دولة آخرى، ومن الواجب أن يتم الإمتثال للقوانيين والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول؛ فشعوب العالم اليوم ناضجة ومستنيرة ولا تقبل الإستعمار تحت أيّ زريعة، وأعتقد أن القراءات الجيدة للتطورات الجارية في العلاقات السودانية الروسية، وعلاقة السودان ومالي والنيجر وغيرها من دول الساحل الافريقي ستضعنا بوضوح علي منصة الإنطلاق نحو ترسيخ مفهوم الحرية وإستقلال الإرادة السودانية، الأمر الذي سيفتح مساحات شاسعة للنهضة الوطنية وقيادة العالم الجديد، الذي لا تتحكم فيه سياسات قطبية أوحادية اللون والطعم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!