انتصار من تحت الركام

اللواء الركن
ضرغام زهير فخري

لقد كتبت غ*ز*ة تاريخ جديد لفلسطين خط باحرفاً من نور معطرة بدماء الشهداء
ففي قلب الدمار حيث يتناثر حطام البيوت والبنيات والحجارة المحترقة ويغطي الغبار والرماد الأزقة والشوارع وتلتحف جثث الشهداء الأرض الطاهرة تنهض غ*ز*ة من تحت الركام وتعلن الانتصار رافعةً رايات العز والفخر رغم الجراح والألم. ليس انتصارًا عسكريًا فحسب بل هو انتصار الصبر والإرادة والصمود انتصار الإنسان الفلسطيني على آلة الحرب والدمار الصهيونية وانتصار الحق على البطش والظلم وعلى الباطل.

الصمود.. حجر الأساس للانتصار

لم تكن معركة غ*ز*ة مجرد مواجهة عسكرية بين شعب محتل وألة عسكرية جبارة مدعومة من قبل أكبر دول العالم بل كانت اختبارًا حقيقيًا للصبر والقدرة على التحمل والقتال في ظروف قاهرة. فالمنازل والازقة التي سُوّيت بالأرض لم تُسقط العزيمة والمجازر التي استهدفت الأبرياء من النساء والأطفال لم تُضعف الإصرار. بل ظلّ صوت المقاومة عاليًا متحديًا القصف والحصار مؤكدًا أن الاحتلال رغم قوته وأجرامه لم يستطع كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني والتي تأبى الهزيمة او الاستسلام.

الحياة تنتصر رغم أنف الاستعمار

وسط الدمار ورائحة الموت كانت غ*ز*ة ترسم طريقها نحو الحياة. فالأطفال الذين فقدوا منازلهم وجدوا في الأنقاض ملعبًا جديدًا والنساء اللواتي فقدن أحباءهنّ وقفن شامخات عزيزات حاملاتٍ أملًا لا يُهزم. الجامعات والمدارس التي دُمرت عادت بطلابها إلى الساحات المفتوحة متحدين كل الاشرار والأسواق التي تحولت إلى ركام أعادها التجار بسواعدهم ليؤكدوا أن غ*ز*ة وإن جُرّدت من أبنيتها لم تغادر الحياة ولم تغادر الجغرافية ولا يمكن أن تُجرد من هويتها ا*لفلس*طينية.

انتصار الإرادة على آلة الدمار

قد يضن البعض أن هزيمة العدو عسكريًا هي الانتصار وان دمار غ*ز*ة ومحو شوارعها وازقتها هو فشل وانكسار. ولكن أهل غ*ز*ة غيروا المعادلة وجعلوا من ركام منازلهم قلاع يطلق منها اهازيج الحق والتحدي وللأقتدار. لقد أراد الاحتلال الصهيوني بدباباته وطائراته كسر غ*ز*ة فخرجت غ*ز*ة أقوى وأراد إخماد صوتها فبات صداه يتردد في كل أرجاء العالم فلسطين حرة حرة. أثبت الفلسطينيون أن القوة ليست فقط في السلاح بل في العزيمة التي لا تلين والإيمان العميق بعدالة قضيتهم وأيمانهم بحريتهم ووحدة شعبهم.

رسائل غ*ز*ة للعالم
غ*ز*ة لا تهزم ولم تهزم ولن تهزم

اليوم يقف العالم أمام حقيقة واضحة رغم كل المحاولات الصهيونية لإطفاء نور غ*ز*ة وعزلها عن العالم لم تزال غ*ز*ة تشع بنور الصمود والتحدي والأمل والاقتدار. لم تكن المعركة مجرد مواجهة بين جيش قوي وشعب محاصر بل كانت ملحمة تاريخية تُسجل بحروف من نور تروي قصة شعب جبار لا ينكسر وأرض لا تموت ونصر ينبثق من تحت الركام ليحكي للعالم أن غ*ز*ة وإن تألمت تنتصر. رغم أنف الاعداء.
أن من أهم الرسائل التي وجهتها غ*ز*ة اليوم للعالم هي: –

١.أن مقاتلين ح*ما*س لم ولأن ينكسروا بل ظهروا بقيافة عسكرية يفخر بها كل مقاتل وبسلاح وعدة كاملة.
٢.تنكيس أسلحة الجيش الإ*سر*ائي*لي التي كان يشاع انها لا تقهر وعرضها امام اعين العالم مهانة وليس لها قيمة.
٣.عزف النشيد الوطني ورفع العلم الفلسطيني على سارية عالية ليرفرف عالياً شامخاً في سماء غ*ز*ة العز معلن وحدة مصيرة الشعب الفلسطيني من الشمال الى الجنوب.
٤.اظاهر أطفال فلسطين الذين يمثلون مستقبل هذا الشعب العظيم وهم يحملون بين صدورهم أيمانهم المطلق بحق العيش وحق الوطن وحق الوجود.
٥.تسليم الأسرى في مناطق مختلفة من غ*ز*ة في النصيرات وجباليا ودير البلح وخان يونس وهذه رسالة إلى قادة الجيش الإ*سر*ائي*لي بأن غ*ز*ة حرة ولا تقهر.
٦.تسليم أسير تم أسره في عام ٢٠١٤ اي قبل ١٠ سنوات وح*ما*س تحافظ عليه رغم كل هذا الدمار وهذا دليل على مدى حرص ح*ما*س على ارواح أسرى العدو.
٧.أجراء عملية تبادل وإطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد ومنهم من المحكومين ١٠٠٠عام واعادتهم الى أهليهم.
٨. بعد غضب إس*رائي*ل من مصافحة طواقم الصليب الأحمر لمقاتلين ح*ما*س ارسلت اليوم عناصر نسوية لتجنب مصافحة المقاتلين لهم وهذا دليل اخر لمدى خيبة الجانب الإ*سر*ائي*لي من مظاهر عملية التسليم.
٩. ختم المشهد بتقبيل رأس جنود ح*ما*س من قبل أحد الأسرى وهذا دليل على سماحة ديننا وحسن معاملة ح*ما*س للأسرى الذين لم ينكروا هذا العرفان.

الخاتمة
يوم بعد يوم تسطر لنا غ*ز*ة وأهلها الأبطال قصص وأفعال تفخر بها الأجيال وتلقن الخونة والجبناء دروس في الرجولة والبطولة والصمود معلنة بذلك نصر لا يليق الا بالرجال الرجال.
نعم نحن أمام تجربة عسكرية فريدة تجبر الجيوش على تدريسها في جامعاتها العسكرية فلقد غيرة ح*ما*س كراسات التعبة والقتال في المناطق المبنية لتكتب سفر جديد في حروب الجيل السادس من القتال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.