مَن هي القوات الأمنية إشكالية المصطلح في غياب النص
رياض هاني بهار
لفت نظري تداول عبارة جديدة طارئة بخطاب الاعلام العراقي المتداول “القوات الأمنية” ، لكن الوقوف عند المصطلح ذاته يكشف عن إشكالية لغوية ودلالية لا تقل أهمية عن الإشكال التشريعي.
فمصطلح “القوات” في السياق العربي والعراقي خصوصًا يحمل إرثًا عسكريًا تقليديًا طالما استُخدم للدلالة على التشكيلات المسلحة المرتبطة بوزارة الدفاع والعمليات القتالية.
بالمقابل فان مصطلح “الأمن” بوصفها أكثر تعبيرًا عن المهام الوقائية والقانونية والتنظيمية التي تستهدف صون المجتمع من الداخل لا خوض المعارك من الخارج.
ومن هنا فإن وصف التشكيلات المدنية بأنها “قوات أمنية” يستدعي مراجعة لغوية وتشريعية لتحديد المصطلح الأنسب الذي ينسجم مع طبيعة المهام والسلطة التي تمارسها تلك الجهات.
إشكالية غياب التعريف عند مراجعة التشريعات العراقية بدءًا من الدستور لعام 2005 مرورًا بقانون وزارة الداخلية رقم 20 لسنة 2016 ووصولًا إلى قوانين الأجهزة الأمنية المختلفة كالأمن الوطني والمخابرات لم نجد أي مادة تتضمن تعريفًا قانونيًا جامعًا وشاملًا لـ”القوات الأمنية”.
ومع ذلك يستمر استعمال هذا المصطلح كمفهوم شامل للتشكيلات الأمنية المكلفة بالأمن الداخلي( مثل الشرطة والأمن الوطني وجهاز مكافحة الار*ها*ب.)
هذا الاستخدام الواسع يفتح الباب أمام التأويل والخلط في الصلاحيات خصوصًا في حال اتخاذ قرارات أو إجراءات بناءً على توصيات أو أوامر موجهة إلى “القوات الأمنية” دون تحديد واضح للجهة المعنية أو المرجع القانوني الذي يحكم تلك الجهة.
الحاجة إلى ضبط المفاهيم في النصوص القانونية في الأنظمة القانونية الرصينة لا يُترك للمصطلحات المتداولة حرية التشكل حسب الأهواء أو العرف الإداري، بل تُضبط بموجب نصوص تشريعية واضحة.
وهذا ما تفتقر إليه عبارة “القوات الأمنية” في السياق العراقي مما يستوجب إعادة نظر تشريعية لتعريف المصطلح وضبط استخدامه.
الخلاصة
غموض المصطلحات في البيئة القانونية ليس مجرد خلل لغوي بل قد يؤدي إلى تضارب في الصلاحيات وغموض في المسؤوليات وحتى إشكاليات في المحاسبة. إن الوقت مناسب الآن في ظل مساعي الدولة لإعادة بناء الاجهزة الأمنية على أسس رصينة لطرح هذا الموضوع على طاولة التشريع فتعريف المصطلحات ليس ترفًا قانونيًا، بل ضرورة لضمان الشفافية وتحديد المسؤوليات وترسيخ سيادة القانون.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.