مقالات عن مانكيش

منكيش الجمال والعطاء / ألحلقة ألثانية ( ألمناخ )

الدكتور عبدالله مرقس رابي
منكيش الجمال والعطاء
الحلقة الثانية ( ألمناخ )

خاص/ مانكيش.كوم

الدكتور عبدالله مرقس رابي
استاذ وباحث اكاديمي

يعد المناخ احد عناصر البيئة الطبيعية التي لا دخل للانسان في وجوده وله تاثير مباشر أو غير مباشر في حياة اية جماعة من بشرية او حيوانية أو نباتية . والمناخ هو الحالة العامة للغلاف الجوي في منطقة ما لفترة طويلة قد تزيد عن شهر او فصل، أو حالة الغلاف الجوي الدائمة في درجات الحرارة وهطول الامطار وسقوط الثلوج والضغط الجوي والرطوبة وسطوع الشمس،أما الطقس فهو حالة الغلاف الجوي اليومية في منطقة ما في العناصر المذكورة .

وأما مناخ منكيش يتميز بصفات المناخ القاري شبه المداري ، والذي يوصف بمناخ البحر الابيض المتوسط،حيث تسقط معظم الامطار في فصل الشتاء والربيع والخريف وتنعدم في فصل الصيف ،وتمتاز بشتائها البارد لسقوط الثلوج ،وتتراوح كمية الامطار التي تسقط على منكيش ما بين 400 – 1000 ملم سنويا ،وقد كان معدل سقوط الامطار في ناحية الدوسكي للفترة من 1975 – 1986 ” 631 ملم ” ،واما من حيث درجات الحرارة فتصل في الشتاء الى -9 م ،وفي الصيف تصل احيانا الى 33 م ،بينما في فصلي الربيع والخريف تكون درجات الحرارة معتدلة،ولخضوع منكيش الى مناخ البحر المتوسط فانها تمتع بمناخ خلاب ذات طبيعة جميلة جدا ،فتتنوع الحياة الطبيعية في الفصول الاربعة لتضفي على موقع منكيش مشهد رائع يثير الدهشة لجمالها ،فيستمتع المرء بمناظرها ومشاهدها وتبتهج الروح .

ففي فصل الشتاء الذي يبدا عادة مع كانون الاول ويمتد حتى نهاية شباط تبدا درجات الحرارة بالانخفاض ،فتنزل الامطار الغزيزة ،وتكون ابرد الايام الشتوية في الفترة المعروفة  الاربعينية ” المحصورة بين 22 كانون الاول والى نهاية كانون الثاني ،وغالبا تسقط الثلوج في هذه الفترة ،ويغطي الصقيع معظم المناطق في ليالي الشتاء ،وكانت المواصلات تنقطع في المنطقة لكثرة سقوط الثلوج  في الماضي،وتتقيد حركة الناس ،وكانت تقتصر على الزيارات المتبادلة بين الاهل والاحبة والجيران لقضاء وقت الفراغ الطويل لمعظمهم وذلك لان غالبيتهم عملوا في الزراعة فالشتاء يقيدهم من مزاولتها.

وكانت الارض تكتسي ببساط ابيض من الثلوج الساقطة فتكون منظرا طبيعيا خلابا جميلا يستمتع الناس فيه ،فكان الشباب يخرجون الى التزلج في التلول المرتفعة المتاخمة لمنكيش ،واستمتعوا ايضا بالخروج اللى البراري على شكل جماعات لصيد الدراج والقبج تلك الطيور الجميلة التي تعود بعض من اهالي منكيش الى الاهتمام بتربيتها للزينة ،واجمل الاوقات الشتوية كانت تلك الليالي التي يصعد الشباب الى السطوح لدفع الثلج المتراكم عليها وعلى وجوههم الفرحة والبهجة بالرغم من البرد القارص ،وذلك لان زيادة سقوط الثلوج في الشتاء هو خير وبركة للمزارعين ،اذ ان تدفق المياه من الينابيع الطبيعية في الصيف يعتمد على نسبة الثلوج الساقطة في المنطقة .

وقد تراجع سقوط الثلوج في منكيش في السنوات الاخيرة بسبب الانحباس الحراري العالمي وذلك للتلوث البيئي الذي يحصل عبر بلدان العالم ،وقد تعرضت المنطقة بتلوث البيئي بسبب الحروب الدامية وزيادة المصانع في المدن المحيطة الكبرى في كل من تركيا وايران والعراق وسوريا، وثم ارتفاع في نسبة المركبات على الطرق، والعامل الاخطر هو زيادة التصحر لايذاء البيئة الطبيعية ،فهناك الفرق بين مناخ منكيش قبل خمسين عاما ،اذ كانت الارض عبارة عن غابة كثيفة ولكن تدريجيا تحولت الى ارض خالية من الاشجار.

وأما فصل الربيع الذي يبدأ مع بداية شهر نيسان والى نهاية شهر ايار ،فهو فصل الحركة والجمال والانتعاش النفسي بعد السبات الشتوي . ففي نهاية شهر آذار وبعد نهاية موسم الثلوج وذوبانها تمتلىء الوديان المحيطة ببلدة منكيش بالمياه الجارية ويفيض نهر منكيش الموسمي ويستمر هطول الامطار بين حين واخر .فتبدأ الارض تتحول الى بساط عشبي اخضر  فتكتسي المروج الممتدة حول البلدة باعشابها الناضرة وورودها اليانعة ،وتبتهج الروح بنفحاتها الشذية وتعطر الوجود بأريجها وتخضر الاشجار وتتفتح ازهارها فنسمع حفيف الاوراق واصوات الطيور الهادئة بالحانها المختلفة وغدير المياه المنتشرة هنا وهناك ، وتنتعش الطبيعة بالهواء النقي العليل ،والشمس تلامس هذا المشهد باشعتها الذهبية لتقول لنا هناك امل يجب ان نبقى .

هكذا تعكس الطبيعة مشهدا رائعا في منكيش في فصل الربيع لتسر عين الناظر وتنعش النفس وتدخل اليها البهجة والسرور ،وتختلط الالوان الطبيعية مع الوان ملابس الفتيات الجميلات اللواتي يسارعن الخطى مع ذويهن الى المروج والبساتين ،وقد يعكر صفو البهجة سقوط المطر الربيعي بغزارة ،ولكن لفترة قصيرة ،فسرعان ما تتبدد الغيوم ،وتظهر الشمس ثانية وترسل اشعتها الذهبية لتضرب الخدود الوردية فتزيدها رونقة وبهاءا،فانها حقا ساعات من العمر فكل شيىء يضحك ، الطير والجبل والمروج والشجر ليبتهج المنكيشي ويمرح ويقول احب بلدتي لعطائها الجميل .

واما المزارع فيبدأ موسما زراعيا جديدا ويهيىء الارض لزراعتها بمختلف المحاصيل الزراعية وتنظم بساتين الفواكه وكروم العنب وتنظف من الاعشاب ليكونوا منها علفا لحيواناتهم لموسم الشتاء اللاحق، وهكذا تبدأ حركة الناس منذ الصباح ليتوجهوا الى المزارع في الماضي ،بينما تقلصت هذه الانشطة في السنوات المتأخرة لانخراط العديد من الاهالي في مهن اخرى غير الزراعة وتركت العديد من الاراضي الصالحة للزراعة “كما سنوضح ذلك في مقال لاحق ” .

وأما في فصل الصيف فينعد فيه سقوط الامطار ،وتسهم الرياح الشمالية التي تهب على الريف احيانا الى انخفاض ملموس لدرجات الحرارة ،وتنعدم العواصف الرملية ،لذلك يمتاز الجو بالصفاء والنسيم العليل وخصوصا في الساعات المتأخرة من النهار ،فنرى الناس يخرجون الى التنزه حول البلدة وفي البساتين الخضراء ليتنعموا بالفواكه المختلفة ، أو الخروج الى المقاهي الصيفية التي وجدت العديد مشيدة على منابع المياه المنتشرة حول البلدة ،ومنهم يتوجه الى منطقة المصايف القريبة من منكيش .

بينما في فصل الخريف الذي يبدأ في منتصف شهر ايلول وينتهي في اواخر شهر تشرين الثاني ، يعتدل المناخ في هذا الفصل ويميل الجو رويدا رويدا نحو البرودة فيكون من اكثر الاجواء انتعاشا ،وتبدا المدارس، وتتقلص حركة الناس السياحية ،ويسمى هذا الفصل بفصل جمع الغلة ،حيث تنضج المحاصيل الزراعية الصيفية كالسمسم والرز والفواكه والطماطة وغيرها من المحاصيل .ومع بداية هذا الفصل يبدأ تغير اللون الاخضر لاوراق الاشجار الى الاحمر والاصفر وبعضها اخضر داكن ،فتشكل الطبيعة لوحة رائعة الجمال في منكيش،وهو منظر جميل خلاب يأخذ بجامع القلوب . ..

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!