آراء متنوعة

إلى السوداني.. أضبط الإيقاع هناك من

منذ انتهاء أزمة تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني وتصويت مجلس النواب على كابينته الوزارية في تشرين الأول 2022 ولغاية الثلث الأول من العام الحالي 2024 شهدت البلاد استقراراً أمنياً ملحوظاً، وإن لم يكن تاماً، لكنه استقرار ملموس، وكذلك هناك توجه جاد أو تحركات على أرض الواقع وإن كانت خجولة من قبل مختلف الوزارات لتقديم الخدمات، وأيضاً عاش العراقيون ما يمكن أن أصفه بأنه مرحلة هدوء اجتماعي وأقصد بذلك أن حروب مواقع التواصل الاجتماعي السياسية بين المكونات العراقية وهجمات الجيوش الإلكترونية خفت وتيرتها نوعاً ما، هذه العوامل مجتمعة وإن كانت نسبية أو حتى هامشية، خلقت أملاً بأن الأمور بدأت تسير نحو الاستقرار في مختلف المجالات بعد 20 عاماً من الق*ت*ل والتفجيرات والمعارك والشحن الطائفي والقومي والاقتتال السياسي والكساد الاقتصادي وغير ذلك.

لكن يبدو أن هذا الاستقرار النسبي لا يروق للبعض ممن يعتاشون على الفوضى والتخريب والعن*ف والتعصب، هؤلاء البعض برأيي هم كالقراد الذي يعتاش على دماء ضحاياه ولابد من مكافحة هذه الحشرات للتخلص من إزعاجها ومخاطرها الصحية على المجتمع فهي كالبعوض والذباب التي تنقل الأمراض البدنية أما هذه فتنقل الأمراض الاجتماعي وبالتالي مكافحتها لا تقل ضرورة عن حملات مكافحة الآفات.

إن الهجمات المدفوعة الثمن -نقداً أو سياسياً- التي تستهدف مطاعم وشركات عراقية لمجرد أنها تحمل علامة تجارية أميركية ما هي إلا غطاء لهدف سياسي، وإلا فأين كان هؤلاء من الدعم الأميركي لإس*رائي*ل منذ شهر تشرين الأول 2023 ولغاية الآن، ثمانية أشهر وأميركا تعلن دعمها وتأييدها للإبادة الجماعية التي تشنها إس*رائي*ل على الفلسطينيين ألم تكن كافية لهزّ ضمائر هؤلاء؟.

هؤلاء يعلمون جيداً أن المطاعم والشركات التي يستهدفونها، أصحابها والعاملون فيها وزبائنها عراقيون والأموال التي تتحصل عليها تذهب إلى جيوب عراقية ولا تستفيد منها الشركة الأم الأميركية ديناراً واحداً، فعلى سبيل المثال، شركة بغداد للمشروبات الغازية والتي يبلغ عمرها ضعف أعمار هؤلاء تأسست في العام 1989 بعد حصولها على امتياز “موافقة” من الشركة الأم لكون “بيبسي كولا” علامة تجارية مسجلة عالمياً ومحمية بقوانين دولية ولا يجوز تأسيس شركة تحمل اسم هذه العلامة من دون موافقة رسمية من الشركة الأم، لكن الإيرادات المالية شركة بغداد للمشروبات الغازية من الإنتاج لم تغادر أي نسبة منها إلى الولايات المتحدة والجميع يعرف ذلك بديهياً، وكذلك الحال بالنسبة لسلسلة مطاعم “KFC” و”تشيلي هاوس ليز” ومعهد “كامبردج” وشركة “كتربلر” ما هي إلا أسماء لمشاريع اقتصادية عراقية تعود بالنفع على عراقيين، فإذا كانت مشكلة هؤلاء مع الأسماء فعليهم إلقاء هواتف النقالة “آيفون” وأجهزة الكومبيوتر “DELL” و”HP” و”ماك” وأن لا يرتدون بناطيل الجينز “الكابوي” وأن لا ستخدموا الإنترنت لأنها شبكة أميركية ولا يشتروا سيارات الأميركية ولا ينتاولوا الأدوية التي تصنعها شركات أميركية ولا يسافروا على متن الطائرات الأميركية، لا بل أنني أتحداهم وأنا واثق أنهم لن يفعلوا ما سأقترحه عليهم، إذا كنتم حقاً صادقون في مقاطعة المنتجات الأميركية فأنني أطالبكم بشن هجمات على القواعد العسكرية العراقية وتدمير طائرات “F16” ودبابات “إبرامز” وكذلك بنادق “M16، وM14” وأيضاً مسدسات “كلوك” التي يحملها بعضكم، أتحداكم أن تهاجموا وكلاء شركة “آبل” وغيرها لأنكم أنتم بأنفسكم تقتنون هواتف وكومبيوترات هذه الشركة.

يا هؤلاء، أنتم لا تقاطعون المنتجات الأميركية بل أنكم تحفرون قبر الولاية الثانية للسوداني بدفع من الجهات التي تنتمون إليها والتي أغاظها السوداني بما يحققه من شعبية فشلت إحزابكم في تحقيق جزء بسيط منها، على الرغم من بساطة بل ضآلة ما حققه السوداني مقارنة بما هو واجب عليه وليس مطلوب منه.

يا هؤلاء، أنتم لا تعنيكم غ*ز*ة ولا فلسطين ولا إس*رائي*ل ولا أميركا بل أنتم “بيادق” منزوعة الإرادة تحركها إرادة سياسية تلقي لكم فتات المائدة لتقتاتوا منه لا أكثر.

زعيمكم الذي افترضتموه زعيماً وسجدتم بين يديه، جُن جنونه من السوداني بعد أشهر معدودات فأراد بأي طريقة أن “يطويه” تحت جناحه المكسور أسفاً وحزناً على ضياع الرئاسة منه منذ سنين، أصابكم بجنونه فطاشت عقولكم وفقدتم البوصلة وما عدتم تعرفون أنكم بهيجانكم هذا تنسفون كل حظوظ الإطار التنسيقي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، الأغلبية الشيعية ركنت منذ سنين للهدوء لأنها تريد أن تتنفس بعد 20 عاماً من الق*ت*ل والتفجيرات والخراب والبطالة، الشيعة كرهوا “العنتريات الفارغة” أفهموا هذا الأمر، هم لا يريدون سوى الاستقرار والاطمئنان على سلامتهم، الشيعة باتوا يرون أن هدوء مرجعيتهم الدينية هو الحل الأمثل للعيش بسلام وأن مهاتراتكم السياسية “الفقاعية” هي من جلبت لهم المصائب، هذا الواقع فإن لم تفهموهم فاعلموا أنكم تسيرون نحو ا*نت*حا*ر سياسي وشعبي في الانتخابات النيابية المقبلة كما تجرعتم الهزيمة في انتخابات 2021.

وأنت أيها السوداني إما أن تكون رئيساً حقيقياً للحكومة وقائداً فعلياً للقوات المسلحة وتفرض القانون على هؤلاء وعلى غيرهم كما استعرضت عضلاتك في مطار بغداد ومسشتفى الكاظمية، أو أن تكون كمن سبقك، مشغولاً بنظارتك الشمسية التي يتجاوز سعرها 700 دولار ولا تعنيك سلامة الناس ولا مصادر رزقهم، فاجتماعك يوم الأربعاء بالمجلس الوزاري للأمن الوطني والذي كانت مخرجاته بائسة ومحبطة ولا تتناسب مع حجم التهديد الأمني الذي شهدته بغداد، يوحي بأنك ليس فقط غير متهم بما يجري بل أنك ترتعد خوفاً من مجرد مناقشة ما فعلت هذه الجهات الفوضوية من إرباك أمني وتهديد مباشر لك أنت شخصياً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!