في الحالتين نندم !
عماد آل جلال
سُئل سقراط: أيهما تفضل، الزواج أم العزوبية؟
فأجاب بهدوئه الفلسفي: “في الحالتين أندم.”
قد تبدو إجابته ساخرة لأول وهلة، لكنها في جوهرها تعبير عن وعي حاد بتعقيد الحياة البشرية، حيث لا توجد إجابات مطلقة أو حلول مُريحة نهائية.
وما أشبه حالنا اليوم بحال سقراط ذاك!
فئة كبيرة من المتابعين لما يجري في عالمنا – سياسياً، اجتماعياً، إعلامياً – تعيش في دائرة مغلقة:
تتابع، فتندم على ما ترى،
تنأى بنفسها، فتندم على انسحابها.
كأننا في كل مرة نختار فيها موقفاً، نكتشف بعد قليل أننا نبحث عن مخرج لا وجود له، أو نلوذ بيقين هش سرعان ما يتبخر أمام أول اختبار.
الخيارات المتاحة في كثير من القضايا إما ناقصة، أو مريبة، أو محفوفة بالخذلان. والمتابع الحيّ، الذي لا يرضى لنفسه أن يكون تابعاً أو غافلاً، يجد نفسه دائماً في مهبّ السؤال:
هل أتكلم أم أصمت؟
هل أشارك أم أنسحب؟
هل أتخذ موقفاً، أم أن الانتظار أرحم؟
في عالمنا اليوم، يبدو أن التيه لم يعد خياراً، بل قدرٌ يعايشه أصحاب الوعي والضمير.
وهم – كحال سقراط – لا يثقون بخيارات النهار، ولا يطمئنون إلى صمت الليل.
في الحالتين… يندمون.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.