ضربات موجعة… وحلم لا يمكن أن ينتهي
اللواء الركن ضرغام زهير الخفاجي
كاتب وباحث في قضايا الأمن الإقليمي
خبير في شؤون الدفاع والتدريب والعلاقات الدولية
تحليلي عسكري حول الضربة الأمريكية الإ*سر*ائي*لية المشتركة ضد المنشآت النووية الإيرانية
*مقدمة
تطور دراماتيكي في أزمة مفتوحة
في تطور خطير يعكس تعقيدات الملف النووي الإيراني وتصاعد التوتر الإقليمي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ “هجوم ناجح للغاية” على ثلاثة مواقع نووية إيرانية أبرزها منشأة فوردو المحصّنة تحت الأرض. جاء الهجوم بعد تصعيد إس*رائي*لي استمر لأكثر من عشرة أيام ووسط حديث متزايد عن الخيارات العسكرية “المطروحة على الطاولة” وهو ما تحقق على أرض الواقع.
تزامن الإعلان مع تصريح لوزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث أكد فيه أن الضربة “كانت ساحقة ومدروسة بدقة” مشيرًا إلى أنها نتيجة “أسابيع وشهور من التخطيط الاستخباري والتنفيذي عالي المستوى”.
*تفاصيل العملية: تكتيك مدروس وضربة محسوبة
١. أدوات الهجوم: تفوق تكنولوجي أمريكي وإسناد استخباري إس*رائي*لي
تم تنفيذ الهجمات باستخدام:
• طائرات B-2 Spirit الشبحية الأمريكية.
• قنابل خارقة للتحصينات (من نوع GBU-57 MOP).
• صواريخ مجنحة أُطلقت من غواصات أمريكية في المياه الإقليمية.
• دعم استخباري واستهدافي متكامل من قبل القوات الإ*سر*ائي*لية.
٢. الأهداف: منشآت استراتيجية حيوية
• منشأة فوردو النووية (المحصنة تحت عمق 80 مترًا).
• منشأة نطنز (المركز الرئيسي لتخصيب اليورانيوم).
• موقع أصفهان النووي لتصنيع مكونات الوقود.
٣. أسلوب التنفيذ
• الضربة لم تكن مباغتة: تم إعلام الدول الكبرى بموعد ومسار وأهداف تحليق القاذفات الثقيلة تجنبًا لأي سوء تقدير عسكري.
• إيران أُبلغت قبل 48 ساعة للسماح بإخلاء المواد المشعة والخطرة والحواسيب وأنظمة البيانات الحيوية بهدف تفادي كارثة نووية أو بيئية.
• الضربات لم تستهدف “قلب المفاعلات” لتفادي تسرب إشعاعي كارثي بل ركزت على البنى التحتية والمداخل والمخارج وغرف التحكم والخدمات الأرضية.
*الأثر العسكري والتقني للضربة
١. الخسائر المباشرة
• تدمير شبه كامل للمنشآت النووية الثلاث عبر استخدام قنابل خارقة للتحصينات تسبب انهيارات أرضية وانفجارات تحت الضغط.
• تقديرات الكلفة التراكمية للمشاريع المتضررة:
• ٥٥٠ مليار دولار للبناء والتطوير خلال أربعة عقود.
• ٥٠ مليار دولار تكاليف تشغيلية سنوية.
٢. التداعيات البشرية واللوجستية
• تفجير الأنفاق العميقة أدى لاختناق وق*ت*ل محتمل لمن تبقى داخل المنشآت.
• تدمير المعدات الدقيقة وأجهزة الطرد المركزي نتيجة الضغط .
• انقطاع منظومات القيادة والسيطرة عن المجمعات النووية الإيرانية.
*الرد الإيراني: رسالة الصمود والانتقام المحدود
رغم حجم الخسائر الفادحة لم تأتِ ردة الفعل الإيرانية بشكل عشوائي أو شامل. بل جاءت ضمن استراتيجية “الرد المحسوب”:
إيران وجهت ضربات انتقامية موجعة لإس*رائي*ل باستخدام صواريخ باليستية دقيقة ومدمرة.
• تم استهداف مراكز عسكرية ومواقع حساسة داخل العمق الإ*سر*ائي*لي.
• امتناع عن استهداف القواعد الأمريكية الى حد الان في ظل تحذير من أن أي اعتداء على قوات واشنطن سيؤدي إلى “حرب شاملة” بمشاركة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإس*رائي*ل.
• هجمات سيبرانية محدودة على منشآت إ*سرائ*يل*ية اقتصادية وملاحية.
• ترقب أمريكي صامت للرد الإيراني المنتظر.
*الهجوم الإ*سر*ائي*لي المتزامن: تفكيك القوة الإيرانية
استهدفت الضربات الجوية الإ*سر*ائي*لية:
تدمير المنشآت الظاهرة للمنشآت النووية.
• قواعد الحرس الثوري ومنصات إطلاق الصواريخ.
• المطارات العسكرية والمستودعات الاستراتيجية.
• مراكز القيادة والسيطرة للجيش الإيراني.
• مواقع لتصنيع الطائرات المسيّرة.
*هدف الضربة الإ*سر*ائي*لية كان واضحًا: تجريد إيران من القدرة على تنفيذ هجمات مستقبلية واسعة وضرب قدرتها على الردع الاستراتيجي.
*الأبعاد الدولية والتحركات السياسية
تم إبلاغ روسيا مسبقًا وتوصلت واشنطن إلى اتفاق مع موسكو لنقل ما تبقى من اليورانيوم المخصب الإيراني إلى روسيا للتعامل معه ضمن مفاعلاتها في مشاريع سلمية.
• رغم الموقف الحاد تم التنسيق الدولي لضمان عدم تحول الهجوم إلى مواجهة نووية أو بيئية.
• تُقرأ الضربة الأمريكية على أنها رسالة مزدوجة: دعم للحليف الإ*سر*ائي*لي وكبح لأي اندفاع إيراني خارج نطاق السيطرة، مع ترك الباب مواربًا للتفاوض.
*بين الحلم والركام: المشروع النووي الإيراني إلى أين؟
رغم تدمير البنية المادية للمشروع النووي الإيراني لا يبدو أن الضربة استطاعت إنهاء الحلم النووي الإيراني:
تم تدريب آلاف من العلماء الشباب وانتشر المشروع أفقيًا في الجامعات والمراكز الأكاديمية.
• مشروع إيران ليس فقط أجهزة ومنشآت بل عقيدة استراتيجية راسخة في عقل القيادة الإيرانية.
• الضربات والاغتيالات والهجمات السيبرانية لم تستطع حتى الآن إجهاض المشروع من جذوره.
• المشروع النووي الإيراني في عقول وقلوب وصدور الشباب الإيراني ولايمكن كبحه.
*خاتمة:
ضربة عسكرية أم حرب نفسية؟
الضربات الأمريكية-الإ*سر*ائي*لية المزدوجة ضد إيران مثلت ذروة التوتر في صراع طويل الأمد. لكنها لم تكن “حرب إنهاء”، بل أقرب إلى “عملية احتواء استراتيجية”.
فإيران برغم الجراح ما زالت تقاوم والمشروع النووي وإن تراجع مؤقتًا سيجد طريقًا للعودة. وربما الأهم من كل ذلك أن الإقليم دخل مرحلة جديدة من التوازنات الساخنة حيث السلاح والسياسة يتساويان في التأثير.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.