الحوار الهاديء

صالح البخاتى.. والباحثون عن السعادة

خالد الناهي

خالد الناهي   

 

 

صالح البخاتى.. والباحثون عن السعادة

تنقل الروايات أن النبي يوسف ( عليه وعلى نبينا واله الصلاة والسلام) رفض ما عرضت عليه امرأة  العزيز, فذكره رب العزة ذلك في القران الكريم, فما بال من عرضت عليه دنيا بحالها, فقال كما قال جده ( يا دنيا غري غيري(

كلنا يبحث عن السعادة, لكن لكل منا سعادته.. فهناك من يجدها في المال, فتراه يحكم كل علاقاته بمقياس مالي, فتجده حيث تجد المال, واخر تتحقق بالجاه والمنصب, واخر في النساء والهوى.. لذلك تجد كلا منا موجود حيث تتحقق سعادته.

هناك سعادة خاصة قلة جدا من يبحثون عنها, فرغم أن طلابها لا يختلفون عن طالبي السعادات الاخرى, فهم ايضا يسعون لها ويذهبون حيثما تكون, لكن ما يميز هؤلاء, انهم يبحثون عن الموت من اجل الظفر بها.

انها تجارة من نوع اخر, طرفي العقد فيها مختلفين جدا عن طالبي الدنيا, طرفها الاول والمشتري هو رب السماوات والارض, والطرف  الثاني البائع هو الشهيد, فيالها من تجارة, وما اعظمه من عقد.

الشهيد السيد صالح البخاتى, القائد الميداني لسرايا الجهاد, والملبي الاول لفتوى الجهاد الكفائي, كان ساعيا للحصول على نسخة من عقد البيع والشراء منذ صباه, لذلك دائما ما تجده حاضرا حيث تكون الشهادة, ومتواجد اينما استوجب الفداء والتضحية, رافضا للاستبداد والظلم.

ابن العمارة كان ملاصقا لشهيد المحراب, مستبسلا حيثما تطلب الواجب ذلك, في الهور او في بادية السماوة او اي مكان فيه محاربة الظالم ونصرة المظلوم, لكن شاءت الاقدار, الا يوقع عقده في صباه, او حتى عندما اصبح شابا, ليس لخلل في عقيدته, او لعدم استحقاقه لتلك المنزلة العظيمة, انما لأن له منزلة كبيرة عند ربه, ودورا  مذخورا فاجله الى يوم اكبر واعظم, كما حصل مع قدوته شهيد المحراب, عندما تناثر جسده في اطهر بقعة في ارض العراق, وعلى يدل اراذل خلقه.

الشهيد صالح البخاتي, صاحب الستين عاما, وقع عقده مع بارئه في الصقلاوية, في شهر رمضان, فكان عطشان كما جده الحسين في العاشر من محرم, وتحديدا في 21|6|2016بعد تحرير الفلوجة من رجس د*اع*ش.

اخيرا تحقق حلم البخاتي وربحت تجارته, وفاز بمنزلة الشهداء والتقى بشهيد المحراب في عليين, وترك خلفة ابناء يسيرون على نهجه, ممسكين بخط الصد الاول, كما كان والدهم ( قدس سره)

لم تكن علاقة البخاتي مع الجنود, علاقة قائد وجنوده, انما كان ابا واخا لهم حريصا على حياة من هم تحت امرته, لذلك وبالرغم من كبر سنه, كان يتقدمهم دائما, ربما للبيئة والتربية الاثر الكبير في ذلك فهو ابن ميسان, مدينة الكرم والنبل والجود, كما انه ارتوى من منهلين أحدهما اسري, حيث والده النسبي السيد جبر مشري البخاتي, اخذ منه النسب الشريف, والالتزام بالمبادئ الدينية والاخلاقية والعشائرية الاصيلة, واب مرجعي متمثل بسماحة اية الله محمد باقر الحكيم (رضوان الله عليه)  اخذ منه التقوى والورع والتواضع, فصنعت منه انسانا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

رحل البخاتي, بعدما سطر اروع  الانتصارات, فكان قنديلا اخر في درب الشهداء..  الباحثين عن السعادة

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!