مقالات

انت مو انت …. انت

من الواقع المعاش

هذه ليست حكمة معلقة على اكاديمية او معهد، وليست فلسفة من نوع ما، انها عبارة موجودة في أحد مراكز شرطة مكافحة الاجرام، فعندما تدخل مركز الشرطة تجد هذه العبارة بشكل واضح، وهي تفسر السياسة التحقيقية لمكتب مكافحة الاجرام، وكيفية التعامل مع المتهمين او المشتبه بهم، ويفسرها أحد الداخلين هناك بهذا الشكل: انت دخلت لهذا المكتب بصفة متهم، فحتى لو كنت بريء ولست انت من ارتكب الج#ريم*ة، فنحن سنجعلك انت.

في البدء تقاد الى مكتب المحقق بعيون مفتوحة وايد طليقة، يقول لك المحقق: “شوف لو تحچيلنا اللي نريده لو نفسحك وانت بكفيك”؛ ثم تبدأ مسيرة “شرق المتوسط”، تغلق العينان وتٌسلسل اليدان الى الخلف، وتقاد الى غرفة التعذيب، هناك انت ستعترف بأنك انت.

تمنع من الطعام والشراب الا من فتات خبز يابس وقدح ماء في اليوم، تمنع من الذهاب الى دورة المياه، حرمان من النوم، فمكان الاحتجاز صغير جدا، والنزلاء كثيرين، وفي الأيام الأولى ينهضوك عند الساعة الثالثة فجرا لتجرجر لغرفة التعذيب، الى الساعة الخامسة او السادسة فجرا.

اغلب الضباط والمنتسبين في اقسام مكافحة الاجرام هم مرضى نفسيين تماما، في بعض الأحيان يأتون بساعات متأخرة من الليل، ويأمرون الحرس بجلب أحد النزلاء ل “يتونسوا بيه”، فتبدأ حفلات التعذيب الليلية، ولا تسمع سوى الصراخ والعويل والانين والتوسلات من المتهم، في مقابل أقبح وأقذر الشتائم و”الفشار” من قبل ضباط التحقيق.

عمليات الارتشاء كبيرة جدا، فأهالي المتهمين يدفعون أموالا هائلة للضباط والمنتسبين فقط ليكفوا عن ممارسة تعذيب أبنائهم، فتجد اغلب الضباط والمنتسبين يمتلكون سيارات فخمة وبيوت في أماكن راقية، ويسهرون في أرقى الملاهي الليلية.

لا توجد لجان تفتيش او حقوق انسان، او ما حصل وجاءت لجنة فأنها تشترى، وتكتب تقريرها عن إنسانية التعامل، وكيف انهم يطبقون العبارة القانونية “المتهم بريء حتى تثبت ادانته”، لكن عندما تدخل تقرأ عبارة “انت مو انت… انت”.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!