رئيس التحرير واليات الهيمنة الاعلامية والعقد النفسية والارتباطات السياسية(4)
كرنفال الأقنعة: تشريح جسد التحرير السرطاني
في سيرك الأفكار المُعلَّق بين خيوط المُسلَّطات، يتحوَّل رئيس التحرير إلى “دمية ذات خيوط مقطوعة”؛ يدَّعي التحكمَ بينما تُحرِّكه أيدي خفيَّة وراء ستار الأيديولوجيا والمنفعة والارتباط … ؛ هنا، في ساحة الإعلام المُشوَّهة، تُختزل الحروف إلى مسحوقٍ يُنثَر فوق جراح الغرور، بينما تقصُّ مقالات الكتاب كظلالٍ في مسرحية عبثية عنوانها: “حرية مُقيَّدة بشرائط حمراء”… ؛ إنه ليس مجرد ناشر، بل “كيميائي سام” يحوِّل الحبر إلى سمٍّ إن لم يُشبع عطشَ مرآته النرجسية ويرضي توجهاته السياسية .
المفارقة السريالية تكمُن في أن الجميع هنا “مؤدلجون متعصبون منغلقون متخشبون “، حتى الهواء الذي يتنفسونه!
فاللامنتمي – في هذه الدائرة – مُتهمٌ بانتمائه لعدم انتمائه!
لكن المرض الحقيقي يبدأ حين يلبس رئيس التحرير قناع “حارس المعبد والمدافع عن العقيدة والوطن ” ويختزل الوطن في صورةٍ تُشبهه، وكأن الخريطة وُلدت من مرآة وجهه القبيح !
إنه يُنشئ ديكتاتوريةً ناعمةً تحت شعار “حماية القيم”، بينما يسرق حقَّ الكلمة كسارقٍ يرفع لافتة “مكافحة السرقة”!
اللغة هنا تُشبه غابةً من السكاكين المعلَّقة: فـ”الطائفية” و”العن*ف” مجرد فخاخٍ لاصطياد الكلمات الحُرة… ؛ والأغرب أن بعض هؤلاء “الحراس” يحكمون على كتابٍ لم يقرأوهم، كأنهم أطباءٌ يُشخِّصون مريضاً لم يروه!
بل إنهم يتحوَّلون إلى “نواقل وباء” يوصون بمحاصرة الكتّاب عبر منصات أخرى، وكأن الافكار المختلفة فيروسات معدية يجب إبادتها قبل أن تصل إلى جمهورٍ يُفترض أنهم “قاصرون” عن فهمها!
وفي هذا الكابوس، تُصبح الصحافة سجناً ذهبياً تُديره “لجان التطهير الفكري -هيئات التحرير – “، حيث يُحاكم الكاتب على هويته لا على نصه، ويُحرق حرفُه في ميدان العامّة بتهمة “الاختلاف”… ؛ و رئيس التحرير هنا ليس محرراً، بل “كاهن معبد” يبيع صكوك الغفران للكتّاب الذين يركعون أمام تمثاله… ؛ أما البقية، فيُلقى بهم في غياهب “أرشيف النسيان”، حيث تتعفن الحروف كجثثٍ بلا قبور.
الغرابة تبلغ ذروتها حين يُصدِّق المؤدلج أكاذيبه لدرجة أن مرآته تُخرِج له صورة “البطل الوطني” بينما هو مجرد “جليس في حضرة السلطة او الجهات المعادية “… ؛ إنهم يرفعون شعارات الحرية كبالونات ملوَّنة، ثم يثقبونها بخنجر الرقابة …!!
أما الكاتب المحاصر، فيتحوَّل إلى “بحَّار في صحراء”، يحمل قارورة حبرٍ يبحث عن واحة منصةٍ لا تبيع الهواء… ؛ إنه يعلم أن المنصات الحقيقية أشبه بـ”مرايا سحرية” تعكس تنوع العالم، لكن السؤال الذي يطارده كشبح : مَن يكسر المرايا المُعلَّقة على جدران المؤسسات الإعلامية؟
و الصراع هنا ليس بين كاتب ورئيس تحرير، بل بين عقلين:
– أحدهما يُجسِّد “المكتبة الكونية” حيث تتعانق الأصوات في رقصة التنوع،
– والآخر يُشبه “مُتحف الشمع” حيث تُجمَّد الأفكار خلف زجاج التحذيرات.
فهل نُطفئ النور لنمنع الظلال، أم نفتح النوافذ كي تموت الأشباح تحت ضوء الشمس؟
وللحديث بقية …