مقالات

دعوة إلى التفكير خارج إطار الدولة القومية / منتدى الصين ودول

استضافت بكين في 13 أيار الجاري المنتدى الرابع للصين ودول مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الذي ترأسه وزير الخارجية الصيني، وشارك في أعماله أكثر من 20 وزير خارجية من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك). أُطلق المنتدى في عام 2014 في القمة الثانية لمجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في هافانا، وعُقد لأول مرة في عام 2015. وبالإضافة إلى وزراء الخارجية، شارك أيضًا رؤساء جمهوريات البرازيل، كولومبيا، وتشيلي.

كلمة الافتتاح
ألقى الرئيس الصيني شي جين بينج كلمة الافتتاح. وفي كلمته، حدد نقاط التعاون بين بلاده ودول مجموعة (سيلاك). من خلال “برنامج التضامن”، ستدعو الصين ثلاثمائة مسؤول من الأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية سنويا على مدى السنوات الثلاث المقبلة “لإجراء البحوث وتبادل الخبرات”. وفي مجال برامج التنمية، أكد شي أن الصين ستستورد المزيد من المنتجات ذات الجودة من أمريكا اللاتينية، وتشجع شركاتها على زيادة استثماراتها في المنطقة.
ولدعم تنمية دول المنطقة، ستقدم الصين قروضا بقيمة (حوالي 8,19 مليار يورو). وبالإضافة إلى تعميق التعاون في “المجالات التقليدية مثل البنية التحتية والزراعة والغذاء، وكذلك الطاقة والتعدين”، ومن المقرر توسيع التعاون في “المجالات الناشئة مثل الطاقة النظيفة، واتصالات الجيل الخامس، والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي”.
وفي مجال السلام، تدعم الصين “إعلان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منطقة سلام وإعلان الدول الـ 33 بشأن جعل بلدان المنطقة خالية من الأسلحة النووية. وفي مجال برامج التأهيل، ذكر شي أن بلاده ستوفر “للدول الأعضاء في المجموعة 3500 منحة حكومية، و10 آلاف فرصة تدريب في الصين، و500 منحة دراسية للمعلمين الصينيين الدوليين، و300 فرصة تدريبية لمتخصصي التخفيف من حدة الفقر على مدى السنوات الثلاث المقبلة”. لدعم العلاقات الودية، سيتم في البداية رفع مستلزمات التأشيرة عن خمس دول من مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، ومن المقرر التوسع في هذا المجال.

خارج إطار الدولة القومية
اقترح الرئيس الكولومبي بيترو غوستاف: “تحويل نموذج العلاقات الدولية” ودعا إلى “حوار بين الحضارات يتجاوز هياكل الدولة القومية”. وفي خطابه، رفض “نظرية صراع الحضارات”، معتبراً أن هذا النهج أدى إلى تأجيج الصراع وكراهية الأجانب.
ولتعزيز التعاون الاقتصادي، دعا بيترو إلى إنشاء شبكة ألياف بصرية تحت الماء بين أمريكا اللاتينية والصين. سيسمح هذا المشروع بتبادل عادل ومتوازن للمعرفة في سياق الذكاء الاصطناعي.
وفي اليوم السابق للقمة، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى إنشاء “منطقة اقتصادية ثنائية ” بين كولومبيا وفنزويلا في سياق انضمام كولومبيا إلى مشروع طريق الحرير الجديد. وأضاف “معا، يمكننا جمع الآلات والاستثمار ورأس المال والأسواق من الصين من أجل إنشاء منطقة اقتصادية ثنائية قوية”. إن رجال الأعمال من كلا البلدين مستعدون بالفعل لهذا المشروع.
وأكد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في كلمته أمام المنتدى أنه “لا يمكن لأي دولة أن تتحرك للأمام بمفردها”، مؤكدا أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يجب أن تعملا معا “للتغلب على التحديات التاريخية”. وإن أمريكا اللاتينية تقف الآن عند مفترق طرق: “إما أن تظل منطقة تعاني من الفقر أو أن تصبح مركزا لتنمية مستدامة وشاملة ومنصفة”.
وأكد أن دول المجموعة ملتزمة بتقليص التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بواسطة السياسات الشاملة والتعاون الدولي. وإن التعاون مع الصين سيساعد على تعزيز الصناعة المحلية وتشجيع الابتكار التكنولوجي. ويتطلب التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون الوصول الشامل إلى التكنولوجيات النظيفة، وخاصة في المناطق المعرضة للخطر مثل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

دعم جهود السلام في أوكرانيا
وناقش المنتدى المحادثات المرتقبة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي حالة من „ الانسجام الدبلوماسي”، أصدرت حكومتا الصين والبرازيل بيانا مشتركا أعربتا فيه عن دعمهما لاستئناف محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا والتزامهما بالدفاع عن التعددية. ورحب لولا وشي بالرغبة المبدئية التي أبداها رئيسا روسيا وأوكرانيا لاستئناف المحادثات في مدينة إسطنبول التركية.
وجاء في البيان: “هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع”، مشيداً بدور الدول الوسيطة ومطالباً بتعزيز القنوات الدبلوماسية. وأعلنت الحكومتان أنهما باعتبارهما “قوتين محبتين للسلام وتقدميتين” يجب عليهما تعزيز التنسيق فيما بينهما والاستفادة الكاملة من “مجموعة الأصدقاء من أجل السلام”. وفي الوقت نفسه، دعيا كافة الأطراف إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة.

إدانة سياسات ترامب العدوانية
انعقد المنتدى في ظل تصاعد الحرب التجارية العالمية. أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جيا كون، الضغوط التي تمارسه واشنطن، في وسائل الإعلام، على دول أمريكا اللاتينية لتقييد التجارة مع الصين. وأكد أن دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي هي دول ذات سيادة ومستقلة.
تمثل الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي الـ 33 الأعضاء في تحالف مجموعة (سيلاك)، الذي يضم جميع الدول ذات السيادة في الأميركيتين باستثناء الولايات المتحدة وكندا، قرابة ربع سكان العالم وقرابة 27 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي العالمي. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم التجارة 518 فيها مليار دولار في عام 2024.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!