مقالات

مالي تلعب بالنار!! – الواسع محمد اليمين

قرعة لبن صومام الجزائرية… كفيلة بتأديب مالي ومن يقف خلفها !!

في زمن كثرت فيه المناورات السياسية، وارتفعت فيه أصوات لم تعتد الحديث، تُطرح العديد من الأسئلة حول دوافع بعض الأطراف في الإقليم، وعلى رأسها دولة مالي، التي اختارت في الآونة الأخيرة تصعيد نبرة الخطاب تجاه الجزائر، الدولة التي لم تكن يوماً إلا سنداً لها في أحلك الظر

مالي… من الدولة المنهكة إلى المتحدية

مالي، الدولة التي تعاني من أزمات داخلية متعددة، بدءاً من الانقسامات العرقية مروراً بالتهديدات الأمنية وصولاً إلى الوضع الاقتصادي الهش، لم تكن في يوم من الأيام في موقع يسمح لها بالمواجهة أو التحدي. بل على العكس، كانت الجزائر – ولا تزال – تسعى للحفاظ على وحدة هذا البلد واستقراره، انطلاقاً من قناعتها العميقة بأن استقرار الجوار هو جزء من أمنها القومي.

لقد رعت الجزائر، في لحظة كانت فيها باماكو على وشك السقوط، اتفاق السلم مع حركة الأزواد، وجمّدت جراح الحرب الأهلية، واحتضنت مفاوضات كادت أن تُبعد مالي عن هاوية الانهيار. واليوم، وبينما كان يُنتظر من مالي التزام الصمت على الأقل، اختارت إصدار بيانات وتصريحات تتسم بالعنجهية والتصعيد، وكأنها تتنكر لمن وقف معها بالأمس القريب.

من يدفع بمالي نحو الهاوية؟

الأدهى من كل هذا، أن الخطاب المالي لا يبدو أنه يعبر عن إرادة حقيقية داخلية، بقدر ما يعكس توجيهاً من قوى خارجية تستثمر في التوتر وتغذي الصراع. هذه القوى، التي ربما تملك المال، لا تملك الجرأة على المواجهة المباشرة، فتختبئ خلف دول ضعيفة لتصفي بها حساباتها السياسية والاستراتيجية.

غير أن الجزائر، التي تعرف هذه اللعبة جيداً، لا ترد بالصوت العالي ولا بالشعارات. التاريخ علّمها أن السيادة تُبنى بالفعل لا بالتهريج، وأن من “استسلم ذات يوم بمكبر صوت”، لا يحق له أن يلقن دروساً في الحرب أو الرجولة السياسية.

المعادلة التي لا يفهمها “طويل العمر”

لمن يدفع المال لمالي، سواء من بوابة “المساعدات” أو من نافذة “الاستثمار في الصراعات”، عليه أن يعلم أن أمواله ستُستهلك حتماً… ولكن فائدتها ستعود إلى الجزائر، لا لتضرها. فكل درهم يُضخ في محيطنا، تتحول الجزائر إلى حجر توازن يحوّله إلى أداة لمصلحتها – سواء عبر الأمن، أو الاقتصاد، أو حتى التأثير الشعبي في المنطقة.

وهنا بيت القصيد: هذه المعادلة لا يفهمها من يظن أن المال وحده يصنع النفوذ. ولا من يتخيل أن دولة كتبت تاريخها بالدم، يمكن أن تهتز ببضعة تصريحات أو مواقف مرتجلة.

ختاماً…

الجزائر ليست في موقع رد الفعل، بل في قلب الفعل السياسي في المنطقة. وهي، وإن التزمت الصمت في بعض الملفات، فإنها تعرف متى وكيف تضع النقاط على الحروف. و”قرعة اللبن”، تلك التي بدأ بها الحديث، ما هي إلا استعارة بسيطة عن قدرة الجزائر على أن تُربّي من يجهل حجمها… بأبسط الطرق، دون أن تحرك جيشاً أو تصدر بياناً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!