مقالات دينية

المطهر في الكنيسة الكاثوليكية


المطهر في الكنيسة الكاثوليكية!!!

***********************************************

إعداد / جورج حنا شكرو
كل كاثوليكي ينفي وجود المطهر هو خارج عن الكنيسة الكاثوليكية و يلقب بالهرطوقي!!!

عندما يموت الإنسان يكون أمامه ثلاثة حالات، وهو يحتاج لواحدة منها : 1- الذهاب للسماء مباشرة . 2- الذهاب إلى الجهنم. 3- الذهاب إلى المطهر . والمطهر هو حالة الأشخاص الذين أنتقلوا وهم في حالة النعمة ، ولكن ليسوا كاملين في المحبة ، ولذا متى تم تنقية قلبهم ومحبتهم بمرورهم بحالة المطهر ، يمكنهم التمتع بالحضور والتواجد أمام الله . فالمطهر يتعلق بأشخاص نالوا نعمة الخلاص ويعيشون في محبة الله ، ولكن ليس بطريقة كاملة .

المطهر كعقيدة في الكنيسة الكاثوليكية

جاء في مجمع ليون الثاني( 1274) : « إن مات المؤمنون التائبون حقا في المحبة ، قبل أن يكفِّروا بثمار لائقة بالتوبة ، عما ارتكبوه أو أهملوه ، فستطهَّر نفوسهم بعد الموت بعقوبات مُطهِّرة . هذا وأن تشفعات المؤمنين الأحياء ستفيدهم للتخفيف عن هذه العقوبات ، وهي ذبيحة القداس والصلوات والصدقات وسائر أعمال التقوى التي اعتاد المؤمنون أن يقوموا بها من أجل سائر المؤمنين ، بحسب ما أنشأته الكنيسة » .

وجاء في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الآتي :

« الّذين يموتون في نعمة الله وصداقته ، ولم يتطهروا بعد تطهيراً كاملاً ، وإن كانوا على ثقةٍ من خلاصهم الأبدي ، يخضعون من بعد موتهم لتطهير ، يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء » .

تاريخها

تقول الكنيسة الكاثوليكية بأن هذا التعبير وجد وحُدّد كعقيدة إيمانية في مجامع محلية (456، 464، 693، 840، 983، 998)، وأخيراً تحددت هذه العقيدة في مجامع مسكونية ( وحدها الكنيسة الكاثوليكية تعترف بكون تلك المجامع ” مسكونية ” لأنها انعقدت بعد الإنشقاق الكبير عام 1054 ) ، تلزم جميع المسيحيين الكاثوليك بالاعتراف بها شرقاً وغرباً.

هذه العقيدة حددها كلاً من مجمع “لا تران المسكوني 1215″ ومجمع ليون المسكوني 1274″ ومجمع فلورنسا المسكوني 1431” ومجمع ترينتيني المسكوني “1545 – 1563” وكان نص العقيدة كالأتي :

“أن الذين يخرجون من هذه الحياة وهم نادمون حقيقة وفي محبة الله ، ولكن قبل أن يعرضوا عن خطاياهم وإهمالاتهم بأعمال توبة وافية ، تتطهر نفوسهم بعد الموت بعقوبة مطهرة “

وقد أيدها تأييداً كاملاً آخر مجمع مسكوني “المجمع الفاتيكاني الثاني المسكوني 1962 – 1965” بقوله عن هذه العقيدة “إن هذا المجمع المقدس يتقبل بعمق إيمان أجدادنا المبجل، الخاص بهذه الشركة الحيوية القائمة بيننا وبين أخواتنا الذين وصلوا إلى المجد السماوي، أو الذين لازالوا يتطهرون بعد موتهم”

أساس العقيدة الكتابي

ترى الكنيسة الكاثوليكية أن لعقيدة المطهر التي أعلنتها من طرف واحد جذور كتابية، فالكتاب المقدس بحسب رأيها مملوء بالشواهد والآيات التي تتحدث عن المطهر سواء مباشرة أو بالاستنتاج ، وسنورد منها بعضاً لنرى على ماذا اعتمدت الكنيسة الكاثوليكية في عقيدتها:

– سفر المكابيين الثاني 38:12-45 : ” وجمع يهوذا جيشه وسار به إلى مدينة عدلاَّم ، وفي اليوم السَّابع تطهروا على ما جرت العادة وقضوا السبت هناك . وفي اليوم التالي أقبل يهوذا ومن معه ليحملوا، كما هو مفروض، جثث الق*ت*لى ويدفنوهم مع أقربائهم في مقابر آبائهم . فوجدوا تحت ثياب كلَّ جثة تماثيل صغيرةً من أصنام آلهة يمنياً مما تُحرمه الشريعة على اليهود . فتبين للجميع أن ذلك كان سبب سقوطهم ق*ت*لى. فرفعوا كُلُّهم آيات الحمد إلى الرب الديَّان العادل الذي يكشف الخفايا. وأخذوا يصلون ويبتهلون إليه أن يمحوا تلك الخطيئة، وبعد ذلك بدأ يهوذا النبيل يعظ الحاضرين أن يبتعدوا عن الخطايا لأنهم رأوا بعيونهم نتيجتها على الذين ق*ت*لوا ثم جمع من كل واحدٍ تبرعاًـ فبلغ مجموع التبرعات ألفي درهم من الفضة، فأرسلها إلى أُورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة، وكان ذلك خير عملٍ وأتقاه لإيمانه بقيامة الموتى. هؤلاء رَجاؤُهُ بقيامة الذين ق*ت*لوا لكانت صلاتُهُ من أجلهم باطلة. ولو لم يعتبر أنَّ الذين ماتوا أتقياء ينالون جزاءً حسناً، وهو رأي مُقدسٌ وتقيُ، لهذا قدَّم الكفارة عن الموتى ليغفر الرب لهم خطاياهم”.

بنو إس*رائي*ل والملوك والانبياء اعتادوا أن يصوموا ويصلوا من أجل الراقدين وكان لهذه العبادة اعتبار خاص عندهم ، فاهل يابيش جلعاد صاموا “وصلوا طبعاً ” سبعة أيام على شاول وأبنيه (1صم 31:31 أي 12:10)، وكما صام داود ورجاله ( 2صم 21:1 ) لما مات أبتير رئيس جيش إس*رائي*ل ( 2صم 35:3 ) .

– النبي دانيال 12: 10 : “كثيرٌ من الناس يتنقون ويتطهرون ويُمحصون، والأشرار يفعلون الشَّرَّ ولا أحد منهم يفهم،، أمَّا العُقلاء فيفهمون” .

– متى 31:12-32 : “من أجل هذا أقول لكم إن كل خطيئة وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح القدس فلا يغفر. ومن قال كلمة على بني البشر يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلا يغفر له لا في هذا الدهر ولا في الأتي” .
ويعلق القديس غريغوريوس الكبير على هذه الآية فيقول : “أنه يحمل على الاعتقاد بأن هناك خطايا تغفر في هذه الدنيا وخطايا تغفر في العالم الآخر “

– كورنثوس الأولى 10:3-15 : “أنا بحسب نعمة الله التي أوتيتها كبناء حكيم وضعت الأساس وآخر يبني عليه فلينظر كل أحد كيف يبني عليه ، إذ لا يستطيع أحد أن يضع أساساً غير الموضوع وهو يسوع المسيح. فإن كان أحد يبني على هذا الأساس ذهباًَ أو فضة أو حجارة ثمينة أو خشباً أو حشيشاً أو تبناً. فإن عمل كل واحد سيكون بيناً لأن يوم الرب سيظهره إذ يعلن بالنار وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. فمن يبقى عمله الذي بناه على الأساس فسينال أجره. ومن احترق عمله فسيخسر إلا أنه سيخلص ولكن كما يخلص من يمر في النار” ، وأغلب المفسرين الكاثوليك يرون في امتحان النار هذا تطهيراً عابراً.

– فيلبي 10:2 : ” لكن تجثوا باسم يسوع كل ركبة ما في السموات وعلى الأرض وتحت الأرض” . ويقول المفسرون الكاثوليك : ليس معنى هذا أن الهالكون سيسجدون له وإلا لم تعد هناك مشكلة . ولكن الذين هم تحت الأرض، هم النفوس المنتقلة إلى حين، في ذلك المكان الواقع في باطن الأرض، والذي أعده الله لتطهير المنتقلون من عالمنا إلى العالم الآخر ، ولا تخلوا نفوسهم من بعض الشوائب والعيوب، التي تحرمها مؤقتاً من دخول السماء .

المطهر لدى آباء الكنيسة

أوريجانوس (القرن الثالث ) يقول “إن جميع أولئك الناس الذين غادروا هذه الحياة يحتفظون بمحبتهم لأولئك الذين تركوهم تحت، ويكونون مشغولي البال على سلامتهم، ويساعدونهم بصلواتهم وتشفعاتهم إلى الله” ( تفسير رسالة رومية ، تفسير نشيد الأناشيد ).

القديس كبريانوس أسقف قرطاجة : يقول بأن التائبين الذين ماتوا بعد أن غفرت خطاياهم، يجب عليهم أن يؤدوا في الحياة الأخرى ما تبقى عليهم من التعويض المفروض، بينما الشهادة هي بمثابة تعويض كامل وواف : ” ليس بيان غسل النفس من الخطايا عذاب أليم طويل والتطهير بالنار وغسل النفس من الخطايا بشهادة الدم “

– أوغسطينوس ( القرن الرابع ) ” إنه لا ينبغي أن نرتاب أبداً في أن صلوات الكنيسة المقدسة والذبيحة الإلهية، والصداقات تسعف المنتقلين الذين تقدم لأجلهم، لكي يكسر لهم الرب رحمته، غير ناظر إلى ما استحقته خطاياهم هذا ما سلمه إلينا الأباء وتحفظه الكنيسة عموماً “.

القديس غريغوريوس الثاولوغس يقول : “إن المؤمنين يعمدن بناره الثانية أي العماد الأخير الذي ليس هو فقط أقسى وأشد بل أنه أطول مدة إذ أنه يأكل في الإنسان ما يصادفه من المادة الكثيفة الشبيهة بالحديد ويزيل الخطايا الخفية ‎”. مشبهاً المطهر بالعماد الثاني ، ليس بالماء ولكن بالنار، وبأنه أشد وأطول من العماد الأول لأنه يأكل ويزيل الخطايا الموجودة في المؤمن ليتطهر ويتنقى ويصبح مستحقاً لمعاينة مجد الله.

القديس يوحنا فم الذهب ( القرن الخامس ) يقول ” ليس من العبث أن الرسل أحلوا وجوب مباشرة الأسرار الرهيبة تذكاراً للذين انتقلوا من هذه الحياة محل الشريعة ” ( ميمر 3 في الرسالة إلى أهل فيلبي )

ما الذي يحدث في المطهر ؟

هناك فائدتين اثنتين بحسب اللاهوت الكاثوليكي :

– التطهير من الأنانية التي عاقت المشاركة في الخلاص : فالله محبة خالصة، وللاتحاد معه يجب أن نتنقى من كل الشوائب ونكون محبة كاملة.
– النمو في الاشتياق للمسيح : فهو ليس عقاب بل ألم يكابده الإنسان طوعاً حين تنكشف حالته المزرية أمام قداسة الله الساطعة، فينتج هذا الإرتياع ندامة شديدة تريد التعويض عن حقارة الماضي .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!