مقالات

المحكمة الجبائية الدولية، طائر بدون أجنحة

ما قيمة قرارات المحكمة الجنائية الدولية إ، لم تكن لها سلطة وقدرة على تنفيذ ما قررته ؟ هل يعقل أن الأحكام تصدر باسم أغلب أعضاء المحكمة الجنائية الدولية كإرادة دولية ورغم ذلك فهي تبقى عالقة بمجرد تحفظ أو رفض عضو واحد ؟ كيف يمكن تصور المحكمة الجنائية الدولية وهي تصدر قرارا يمثل الإنتصار الجماعي للأعضاء لتوجه لعدل والإنصاف؟ هل فكرت الأمم المتحدة في مسألة تعديل البنود المنظمة لهذه المحكمة وفق ما يخول لها صلاحيات التدخل واستعمال القوة والردع ؟ إذا كان الجواب بلا؟ فأية قيمة لعقد مثل هذه الجلسات وإصدار القرارات ؟ قد يقول قائل بأن مجرد إصدار حكم يقضي بكذا وكذا يشكل انتصارا معنويا لهذه المحكمة، وشقا للطريق نحو تنامي السخط العالمي إزاء الطرف المستهدف من الحكم ، في رأيي هذا لا يكفي في هذا الزمن الذي أصبحت القوى الهيمنة على العالم تستغل نفوذها لتتدخل في شؤون بلدان أخرى والأكثر من ذلك شرعنة هذا التدخل باسم خطاب ( الحفاظ على حقوق الإنسان) ، ويحتاج الأمر الى مراجعة صلاحيات السلطة المخولة لهذه المحكمة التي من شأنها التوفر على صلاحيات تنفيذ ما تصدره، وإلزام الأطراف على احترامها ، بالشكل الذي يجعل قرارات المحكمة الجنائية الدولية تكتسي قيمتها القانونية والرمزية، وحينذاك يمكن أن نقول بأن المجتمع الدولي يتوفر على جهاز قضائي على الردع وتحجيم القوى المعتدية، وآنذاك يمكن أن نطمئن على أن العالم يتوفر على قنوات قادرة على الوقاية من الإعتداءات والردع للمخالفات، وما دون ذلك فإن قرارات المحكمة الجنائية الدولية تبقى مجرد حبر على ورق في الوقت الحاضر، ما دامت قراراتها مجرد قرارات لن تمضي بعيدا في المراقبة والمحاسبة في مخالفات المعاهدات والإتفاقيات الدولية التي وقعتها الأطراف الدولية المختلفة .
لا شك أن ثمة فراغ ما في البنود المشكلة للجنائية الدولية أو أن بعض الفصول لا تكتسي الصيغة الزجرية ذات الطابع الإلزامي، وهو ما يستدعي المراجعة لهذه القوانين المنظمة بما يضمن لها القدرة على تنفيذ الأحكام التي صدرت وفق معادلة تنفيذ ماقضت بها وإلزام الأطراف على احترامها بل والأكثر من ذلك عدم تكرار تلك المخالفات المسجلة، سيما وأن الأحكام تكتسي قيمتها القانونية والرمزية حينما تصل الى أجرأتها على الأرض، بما يجعلها قادرة على فرض هيبتها على الجميع، وفق معادلة الإنتصار للقانون والقيم التي ناضلت من أجلها البشرية قصد إرساء مجتمع العدل والسلم .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!