مقالات دينية

القديس بطرس الرسول

القديس بطرس الرسول

بقلم / وردا إسحاق قلّو

القديس بطرس الرسول

  قال يسوع لبطرس ( أنت الصخرة ، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي ، وابواب الحجيم لن تقوى عليها ) ” مت 18:16″

 بطرس الرسول هو سمعان بن يونا أخو الرسول إندراوس . ولد في بيت صيدا في الجليل . لهذا قال أحد الموجودين في ساحة قصر رئيس الكهنة عن بطرس عندما ألقي القبض على يسوع بأنه من الجليل أيضاً . كان يعمل مع أخوه الذي قاده إلى يسوع ، ويسوع قال لبطرس ( أنت تدعى من الآن كيفا ) أي الصخرة . دعاه يسوع مع أخيه لكي يجعل منهما صيادا البشر . فتركوا صيد السمك والشباك ليتبعاه .

 عندما شرح يسوع موضوع دخول الغني إلى ملكوت الله . تعجب الجميع وقالوا : من يقدر أن يخلص إذن ؟ بادر بطرس يسوع قائلاً ( ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك ) فقال له يسوع ( الحق أقول لكم : ما من أحد ترك بيتاً ، أو زوجة ، أو إخوة ، أو والدين ، أو أولاداً من أجل ملكوت الله إلا وينال أضعاف ذلك في هذا الزمان ، وينال في الزمان الآتي الحياة الأبدية ) ” لو 18: 28-30 ” .

  تابع بطرس الرب بكل رغبته فلازم يسوع إلى النهاية ولن يرتاب إيمانه أبداً ، فعندما أعلن المسيح جسده مأكلاً حقيقياً ، ودمه مشرباً حقيقياً ، والذي كان يقصد به سر الإفخارستيا الذي سيؤسسه للمؤمنين به ، إستصعب التلاميذ كلامه ورجع الكثيرين منهم وتركوه ، فقال يسوع لتلاميذه : ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا ؟ فأجاب بطرس جواباً مؤثراً يدل على قوة إيمانه وثقته بالرب ، فقال ( إلى من نذهب يا رب وكلام الحياة الأبدية عندك ؟ ) .

  بطرس كان الأقرب إلى يسوع ، وقد جعل الرب منه ومن إبني زبدي ، الحلقة الأولى المحيطة به . لهذا لم يرافق يسوع في بعض الحالات إلا هؤلاء الثلاثة ، كحضورهم معه في يوم التجلي ليروا ملكوت الله قبل وفاتهم من دون التلاميذ الآخرين . وكذلك في لحظة إقامة إبنة يائيرس ، إضافة إلى وجودهم بقرب يسوع في بستان الزيتون عندما كان يصلي قبل أن يلقوا القبض عليه . كان بطرس هو اللسان الناطق دائماً عن التلاميذ الآخرين .

  سأل بطرس يسوع قائلاً ( كم مرة أغفر لأخي إذا خطىء إليّ ، أسبع مرات ؟ أجابه يسوع : لا أقول لك سبع مرات ، بل سبعين مرة سبع مرات ) والرقم سبعة يرمز إلى الكمال ، والكمال لا حدود له ، أي أن يسوع قال لبطرس لا حدود للمغفرة . فواجب كل مؤمن أن يغفر دائماً بمحبة لكل من يطلب منه المغفرة .

 بطرس الذي كان الأقرب إلى المسيح إعترف بلاهوته أمام التلاميذ عندما سأل المسيح قائلاً وأنتم من تقولون إني هو ، فأجاب سمعان بطرس ( أنت هو المسيح إبن الله الحي ) ” مت 16:16 ”  . نعم يسوع هو إبن الله وإعترف به حتى الأبالسة بأنه هو قدوس الله  . إعتراف بطرس كان واضحاً ليعلن هوية معلمه الحقيقية ، ويسوع أعلن تطويبه قائلاً ( طوبى لك يا سمعان بن يونا ، فليس اللحم والدم كشفا لك هذا ، بل أبي الذي في السموات . وأنا أقول لك : أنت صخر وعلى الصخر هذا سأبني كنيستي ) ” مت 16: 16-17 ” . كلمة صخر تعني ( كيفا ) بالآرامية ، و( كيبا ) بالسريانية المحلية الدارجة .  هناك تلميذ آخر سبق بطرس بإكتشاف حقيقة يسوع اللاهوتية منذ أول لقائه بيسوع وهو الرسول نثنائيل . قال له يسوع عندما رآه للمرة الأولى ( هذا إس*رائي*لي خالص لا غش فيه ) فأجابه ، ( من أين تعرفني ؟ ) أجابه يسوع ( قبل أن يدعوك فيلبس وأنت تحت التينة ، رأيتك ) أجابه نثنائيل معترفاً بلاهوته ،قائلاً ( رابي ، أنت إبن الله ، أنت ملك إس*رائي*ل ) ” يو 1: 47-49 ” .

  بسبب قوة محبة بطرس ليسوع ، لن يتحمل موضوع موت الرب عندما أعلن للتلاميذ عن موته . فعارض موضوع موته ، فرد يسوع قائلاً ( إبعد عني يا شيطان .. ) هنا المقصود ليس شخص بطرس ، بل الشيطان الذي صاغ هذا الكلام على لسان بطرس لأن الشيطان لا يريد أن يموت المسيح عن البشرية فيعيد علاقة الإنسان مع الله . بطرس لا يعلم بالهدف الحقيقي الذي جاء من أجله المسيح . بعد أن ،تهر يسوع الشيطان بيّنَ أن مسيرة الإيمان وخطة الله الخلاصية يجب أن لا تتوقف بسبب ما قاله بطرس ، كما يعلمنا يسوع بقوله أن نحتاج إلى تفكير بما هو لله أولاً ، لا بحسب تفكير الناس ، وبعد ذلك نبوح بآرائنا إلى الآخرين . .

كذلك كان بطرس متحمساً للدفاع عن المسيح لكي لا يموت ، لهذا صرح له قائلاً : إني مستعد أن أمضي معك إلى السجن وحتى إلى الموت . فقال له يسوع : ( أن الروح مستعد وأما الجسد فضعيف ، ستنكرني الليلة ثلاث مرات قبل صياح الديك مرتين . ) . كما قال له بعد العشاء أيضاً ( أما أنا فصليت من أجلك لئلا يزول إيمانك . وأنت متى عدت فثبت إخوتك ) ” يو 21: 15-17 ” .  فعندما نكره بطرس ثلاث مرات وصاح الديك تذكر أقوال الرب له ، فخرج خارجاً وبكى بكاءً مراً تعبيراً عن ضعفه وعن محبته لمعلمه . .

  كان بطرس أميناً على أسرار المسيح ، وكان شجاعاً وقوياً لهذا جعله الرب قائداً وراعياً على الرسل ورئيساً على كنيسته ، وهو الذي أسس كرسي البطريركية في إنطاكيا ، وخدم هناك مدة سبع سنين ، وخلفهُ مار أوديوس بعدما مضى إلى روما ليقيم الكرسي الرسولي هناك سنة 44م ، وبعدها عاد أيضاً إلى أورشليم في نفس السنة ، فألقاه هيرودس أغربيا في السجن لكي يرضي اليهود ، لكن ملاك الرب خلصه بإعجوبة . عقد المجمع الكنسي الأول مع الرسل في أورشليم عام 49م . وكتب رسالته الأولى ، لعن سيمون الساحر الذي طلب موهبة الروح القدس لكي يستخدمها في الخداع كما كان يفعل السحر من قبل . زجره بطرس وأمرهُ أن يعود من طريقه المعوج . كان سيمون عزيزاً على الملك نيرون ، لهذا غضب على بطرس فأخذ يترقبه ، وبوحي إلهي عرف بطرس بقرب موته ، فكتب رسالته الثانية ، وما لبث أن قبض نيرون عليه في روما وسجنه . ثم أمر بصلبه ، ولشدة محبته للمسيح طلب من صالبيه بأن لا يصلب كسيده ، بل منتكساً . لهذا نجد الصليب الموجود على كرسي البابا مقلوباً بشكل الطريقة التي صلب بها بطرس . وقد أثبت القديسون : ديونيسيوس وإيريناوس وأوسابيوس وإيرونيموس وكما كشف الأثاريون أيضاً في روما ، أن بطرس ذهب إلى روما بالإتفاق مع بولس الرسول ، وبعد أن أسس كنيسة روما إستشهد في عهد نيرون عام 67م .

 مجداً لأسم يسوع إبن الله الحي

 توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!