القديستين جنفياف حامية باريس وثيودورة سيهلا الرومانية
القديستين جنفياف حامية باريس وثيودورة سيهلا الرومانية
إعداد / وردا إسحاق قلّو
1- القديسة جنفياف
ولدت في قرية نانتير الفرنسية ، على بعد أربعة أميال من باريس ، قرابة العام ( 422م ) إسم أبيها ساوريروس ، وإسم أمها جيرونتيا . مرّ بالقرية القديس جرمانوس الذي من الأقصر فلاحظ نعمة الله على الفتاة . كانت في سن السابعة . باركها وأعطاها ميدالية عليها رسم الصليب علامة تكريسها لله . مذ ذاك انصرفت إلى عمل التقوى . ضاقت أمها ذرعاً بكثرة ترددها على الكنيسة فضربتها . للحال أصيبت بالعمى . ولم تشف إلا بعد سنتين إثر إدهانها بالماء المقدس . كرسها فيليسيوس أسقف باريس ، عذراء للمسيح . مارست الحياة النسكية في البيت إذ لم تكن الأديرة قد عرفت بعد في بلاد الغال ( فرنسا ) إنتقلت إلى باريس إثر وفاة والديها . مرضت مرضاً صعباً ، وبالصبر والصلاة تعافت . قست على نفسها بالنسك . كانت تصلي بإستمرار ودموع ولا تخرج إلا لخدمة الفقراء ولا تأكل إلا مرتين في الأسبوع . سمح الرب عليها بتجارب قاسية . الكل تقريباً ، في وقت من الأوقات ، كان ضدها ، أخذوا يطلقون عليها أسم رائية ودجّالة وأرادو إلقاءها في نهر السين . لكن كان للقديس جيرمانوس الآنف الذكر دور في فرض إحترامها على الناس إذ رأى فيها إناءاً مختاراً لله . فاح عطر قداستها فاقبلت إليها الفتيات يلتمسن الإلحاق بها . ذاعت شهرتها في كل أنحاء بلاد الغال ووصلت إلى الشرق . ثمة من يقول أن علاقة روحية ربطتها بالقديس السوري سمعان العمودي الكبير . إليها يعود الفضل في بناء البازيليكا فوق ضريح القديس ديونيسيوس الباريسي ينقل أن أتيلا وجحافلة ارتدوا عن باريس بفضل صلاتها . عاشت إلى سن التاسعة والثمانين . إستمرت حامية لباريس عبر الأجيال . أعتاد الشعب اللجوء إلى ضريحها في الكنيسة المعروفة بإسمها . في أوقات الحرب والأوبئة والمجاعة والحصار والفيضانات والحرائق . أحرق الثوار سنة 1793م معظم رفاتها وألقوه في نهر السين . لكنها ما فتئت تستجيب لطالبي شفاعتها بإيمان إلى اليوم .
نطلب شفاعتها عند الرب يسوع إلهنا وملكنا لكي يرحمنا ويخلصنا ، آمين .
2-القديسة البارة ثيودورة سيهلا الرومانية (القرن 18)
أعلنت الكنيسة الرومانية قداستها في العام 1992م . من قرية فيناتوري ، في ناحية نيامتز في مولدافيا . تزوجت ولم يُرزق الزوجان ولداً فترهبا . لبست الثوب الرهباني في إسقيط فارسلت إلى ناحية بوزو . غزا الأتراك المنطقة وخربوا الدير . هربت وأمها الروحية باييسيا إلى الجبل حيث جاهدت جهاداً بطولياً في شروط مناخية قاسية وقاومت ، بالصلاة ، هجمات الأبالسة . إثر وفاة باييسيا تلقت ثيودورة من الله أمراً بالاستقرار في جبل سيهلا ، غير بعيد عن دير نيامتز الشهير . على مدى ثلاثين سنة سلكت في سيرة شبيهة بسيرة القديسة مريم المصرية ، في قلاية غادرها أحد النساك . منذ مطلع حياتها الرهبانية مَنّ عليها الله بموهبة صلاة القلب . كانت تقضي لياليها في الصلاة ويداها إلى السماء إلى أن تضيء الشمس وجهها . لم تعط لجسدها راحة إلا ساعتين في اليوم ثم تعود إلى جهاداتها . لا تأكل سوى مرة كل يومين ، فقط قليلاً من الخبز اليابس مع نباتات برية وقليلاً من الماء يتجمع من المطر في حفرة في الصخر عُرفت ، فيما بعد، بـ “نبع القديسة ثيودورة”. كانت منقطعة عن كل تعزية بشرية ، بمؤازرة النعمة الإلهية . وحده الأب بولس ، معرف إسقيط ، كان يأتي إليها ، من وقت لآخر ، بالقدسات والنصح . فلما رقد بالرب أقامت وحيدة مُسلمة نفسها لعناية الله . بلغ موضعها ، يوماً ، عدد من الراهبات لذن بالجبل هرباً من مذابح الأتراك . تركت لهن ثيودورة قلايتها ، للحال ، وأقامت في إحدى المغاور مواصلة نسكها لا يدري بأمرها أحد ولا تبالي بحاجات الجسد وهجمات الأبالسة العاجزة . مرة أخرى انقض عليها أتراك بعدما تاهوا في الجبل وكانت على ركبتيها في الصلاة . للحال انفتح حائط المغارة عجائبياً وأمكنت ثيودورة أن تتوارى في الغابة . هناك عاشت كملاك وصلت بصورة متواصلة وروحها إلى الله . استحالت ثيابها أسمالاً بمرور الزمن وتقلب الأحوال الجوية . ولكي يسد الرب الإله حاجتها إلى الطعام أرسل إليها عصافير تحمل الفتات من الإفخارستريا . ذات يوم لاحظ رئيس الدير هذه العصافير فأرسل ، في إثرها ، راهبين . وإذ أرشدهما ليلاً عموداً من نور بلغا معتزل قديسة الله التي كانت في الصلاة ، جسدها مرتفع عن الأرض ووجهها متوهج كالشمس . طمأنتهما أنها امرأة لا شبح . وبعد أن دعتهما إلى إلقاء رداء لها تستر به عورتها ، جعلتهما يدنوان منها . أطلعتهما على نمط حياتها وطلبت أن يُرسل لها كاهن يحمل إليها القدسات . في اليوم التالي ، حضر الكاهن مع الأخوين . وما إن ساهمت القدسات حتى أسلمت الروح بسلام فيما فاح من جسدها عطر سماوي . انتشر خبرها بسرعة . دفق المؤمنون على مغارتها . حوالي العام 1830م جرى نقل ما تبقى من رفاتها إلى لافرا الكهوف في كييف . غير أن المواضع التي شهدت جهاداتها الطيبة بقيت مقدسة بالنعمة . ولا يزال العديد من المرضى ، إلى اليوم ، يُشفون إذ يشربون ماء من “نبع القديسة ثيودورة” في إسقيط سيهلا.
+
فبصلوات قديسيك
أيها الرب يسوع المسيح إلهنا
ارحمنا وخلصنا – آمين