الضربة الإ*سر*ائي*لية على العمق الإيراني ما بين شلل
اللواء الركن ضرغام زهير الخفاجي
كاتب وباحث في قضايا الأمن الإقليمي
خبير في شؤون الدفاع والتدريب والعلاقات الدولية
مقدمة
شهدت الساعات الأولى من فجر هذا اليوم تطورًا استثنائيًا في مسار الصراع غير المعلن بين إس*رائي*ل وإيران حين نفذت طائرات F-35I Adir الإ*سر*ائي*لية مدعومةً بمسيّرات هجومية وانقضاضية هجومًا جويًا دقيقًا استهدف منشآت استراتيجية وقواعد عسكرية ومقارًا حساسة وشخصيات نووية وعسكرية في قلب العمق الإيراني وتحديدًا قلب العاصمة طهران.
ورغم أن إيران كانت تملك تحذيرات مسبقة وتقارير معلنة من تصاعد التهديد فإن حجم الاختراق ودقته وغياب أي تصدٍّ فعال من الدفاعات الجوية يثير تساؤلات وجودية حول كفاءة بنية الدفاع الجوي الإيراني والاستخبارات الإيرانية وقدرتها على التعامل مع المعلومات والتهديدات الحديثة و المتطورة.
أولًا: المعادلة الفنية – المدى مقابل التخفي
تُعد طائرة F-35I Adir العمود الفقري للقوة الجوية الضاربة الإ*سر*ائي*لية وهي مصممة بميزات شبحية لتفادي الرادارات إلا أن استخدامها في هذا الهجوم يثير ملاحظات فنية مهمة:
• المدى القتالي للطائرة لا يتجاوز 1200 كلم باستخدام الوقود الداخلي فقط بينما تبعد طهران عن أقرب نقطة في إس*رائي*ل أكثر من 1500 كلم وهو ما يُرجح استخدام خزانات وقود خارجية.
• استخدام تلك الخزانات يُفقد الطائرة ميزة التخفي ما يعني أنها كانت عرضة للرصد إلا إذا تم تعطيل المنظومات الإيرانية بالكامل أو تم خداعها بالتشويش والحرب الإلكترونية.
• حتى لو تم التخلص من الخزانات قبيل دخول الأجواء الإيرانية فإن نقاط التثبيت البارزة تظل تشكل زوايا عاكسة للرادار ما يجعل كشف الطائرة ممكنًا بمنظومات متطورة.
ثانيًا: خريطة الدفاع الجوي الإيراني – نظرية الطبقات الفاشلة
تعتمد إيران على شبكة دفاع جوي “متعددة الطبقات” تشمل ما يلي:
• المنظومة S-300PMU2 روسيا لعتراض الطائرات والصواريخ حتى 200 كلم .
• باور-373محلي بديل S-300 ضد الأهداف الشبحيةحتى 300 كلم .
• طبس وخاتم ومرصاد محليةم/ط قصيرة ومتوسطة المدى50 – 100 كلم .
• رادارات سينا، صادق، غادر محليةإنذار مبكر وكشف بعيد400 كلم وأكثر .
ورغم ذلك لم تُسجل أي محاولة تصدٍّ جوي فعالة أو حتى إطلاق صاروخ دفاع جوي واحد موثق ما يدل على:
• عجز في التنسيق بين الرادارات ومنصات الدفاع.
• أو تعطيل إلكتروني واسع النطاق لأنظمة القيادة والسيطرة (C4ISR).
• أو اختراق استخباراتي أدى إلى شلل شبكات الردع في لحظة التنفيذ.
ثالثًا: استخدام المسيّرات من داخل إيران – اختراق داخلي عميق
نشرت وسائل إعلام إ*سرائ*يل*ية معلومات تفيد بأن الموساد أقام معسكرات لإطلاق مسيّرات هجومية داخل الأراضي الإيرانية واستخدمها في الهجوم المتزامن مع طلعات الطائرات.
هذه المعطيات تؤكد:
• أن الهجوم كان هجينًا: طيران + مسيرات + خلايا بشرية على الأرض.
• وجود ثغرات أمنية حادة داخل إيران نفسها.
• احتمال تعاون أطراف داخلية مع الموساد أو على الأقل اختراق منظومات الحماية الأمنية والعسكرية.
• هشاشة الجبهة الداخلية.
• عدم فعالية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية واختراقها من قبل الموساد.
رابعًا: أسباب الإخفاق الدفاعي – بين العنصر البشري والتقني
لا يمكن تحميل الأنظمة وحدها مسؤولية الفشل بل يجب النظر في:
• ضعف التدريب القتالي الواقعي لفرق الدفاع الجوي واعتمادها المفرط على سيناريوهات نظرية.
• فجوة الجاهزية رغم توفر تحذيرات سابقة ما يشير إلى ضعف الاستجابة العملياتية.
• قصور القيادة والسيطرة إذ لم تتحرك غرفة العمليات المركزية بشكل سريع أو حاسم.
• تفوق الحرب السيبرانية الإ*سر*ائي*لية التي ربما عطلت الأنظمة قبل بدء الهجوم.
خامسًا: التأثيرات الاستراتيجية
هذا الهجوم لم يكن مجرد عملية تكتيكية، بل:
• أثبت عجز الردع الإيراني أمام القوة الجوية الإ*سر*ائي*لية.
• أضعف ثقة الداخل الإيراني في قدرات جيشه وأجهزته الأمنية.
• منح إس*رائي*ل تفوقًا استراتيجيًا حقيقيًا ورسالة ردع موجهة ليس فقط لإيران بل لكل أطراف “محور المقاومة”.
• وربما يدفع إيران إلى تغيير شامل في عقيدة الدفاع الجوي والسيبراني.
الاستنتاجات
إن فشل إيران في كشف ومنع هذا الهجوم الجريء يعكس اختلالًا بنيويًا في أنظمتها الدفاعية والقيادية والاستخباراتية.
• الهجوم فتح أبواب الأسئلة أمام إعادة تقييم جدوى الاستثمار في الدفاع الجوي دون تحديث حقيقي في التدريب والجاهزية والتقنيات الرقمية.
إيران بحاجة ملحّة إلى:
• إصلاح قيادة الدفاع الجوي.
• تطوير عقيدة مرنة للدفاع السيبراني والهجومي المتكامل.
• فتح مراجعة داخلية حقيقية لتحديد مكامن الخلل قبل تكرار الضربة.
• إعادة بناء الأجهزة الأمنية الحساسة والاستخباراتية وتطهيرها من المندسين.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.
