الشهيد المثلث الرحمة مار توما اودو 1855-1918
سلسلة ابطال التاريخ والإنسانية /-2
الشهيد المثلث الرحمة توما اودو 1855-1918
بقلم يوحنا بيداويد
في هذا العدد نتطرق على احد اعلام الكنيسة الكلدانية واساقفتها في بداية القرن الماضي، الا وهو الشهيد المثلث الرحمة المطران توما اودو، الذي كان الشهيد الاخير من بين المطارنة الاربعة من الكنيسة الكلدانية( )، الذين سقطوا في مذابح سيفو او سفر برلك اثناء الحرب العالمية الاولى 1914-1918. يعد المطران توما اودو من مفكري الكنيسة الكلدانية في العصر الحديث من حيث انتاجه الفكري واللاهوتي واللغوي والادبي، حيث اشتهر بتحدثه بعدة لغات عالمية ومحلية وكذلك بدقته في اختيار تعابيره البليغة.
سيرته
ولد مار توما اودو من عائلة عريقة (اودو) في مدينة القوش الواقعة في شمال العراق في 11 تشرين الاول 1955م( ). درس في مسقط رأسه العلوم الاساسية، وسافر مع عمه البطريرك مار اس*رائ*يل اودو (1792-1878) إلى روما حينما حضر الاخير المجمع المسكوني الاول، وهناك التحق الشاب توما بكلية بروبكندا- انتشار الايمان وتخرج منها عام 1880 بدرجة ملفان وكاهن، ورسم كاهنا في نفس العام( ) في روما، ثم عاد إلى وطنه الام العراق.
عمل سنتين بقرب البطريرك ايليا عبو يونان، ثم عينه البطريرك نائبا بطريركيا على المعهد الكهنوتي البطريركي. كذلك تذكر بعض المصادر انه خدم ثلاث سنوات في رعية الكلدان في حلب سوريا. عام 1892 إلى العراق بعدما انتخب اول مطران على ابرشية ارومية التي استحدثت حينها، التي كانت تقارب مؤمنيها 6000 مع 40 كاهنا. استشهد المثلث الرحمة توما اودو مع القاصد الرسولي صونتاح في مركز ارسالية الكنيسة الكاثوليكية في ارومية في 18 اب 1918 اثناء مذابح سفر برلك التي قامت بها الدولة العثمانية قبل اشهر من سقوطها واستسلامها للحلفاء 1918 في ارومية.
اهم اعماله:
1- القاموس (كلداني- كلداني)( )، الذي يتالف من مجلدان 1897- 1901، طبع في مطبعة الاباء الدومنكان ( ).
2- كتاب “قواعد اللغة” 1905.
3- ترجم كتاب “كليلة ودمنة” إلى السرياني 1895.
4- قراءات مختلفة.
5- كتاب “ميزان الزمان” ليوحنا اسابيوس 1844.
6- كتاب “نحو اللغة السوادية”، طبع في اروميا 1911.
7- ترجم كتاب التعليم المسيحي حسب تعليم المجمع التريدنتيني وطبعه في الموصل سنة 1889.
قصة استشهاده:
يروي المثلث الرحمات المطران بطرس عزيز قصة استشهاد القاصد الرسولي صونتاح فيقول( ): «بينما كنا نحن الثلاثة (القاصد الرسولي صونتاج ومار توما أودو ومار بطرس عزيز) مجتمعين في غرفة القاصد الرسولي الواقعة في الطابق الأرضي من المبنى وبعد أن كنا قد انتهينا من تناول الفطور سمعنا فجأة ضوضاء وهياج أمام باب المدخل. خرج القاصد الرسولي من الغرفة وتوجه نحو المدخل ليستطلع الأمر وما جرى. عندئذ سمعنا دوي إطلاقتين ورأينا اثنين من أتباع الخائن أرشد همايون (الذي كان لاجئاً عند القاصد الرسولي من أعدائه)، قادمين نحونا ليبلغانا بمق*ت*ل القاصد الرسولي». كما يذكر المثلث الرحمات مار بطرس إطلع على تفاصيل الإغتيال أيضاً من النسوة اللواتي كنّ في ساحة المقر، حيث قلن: «شاهدنا اثنين من جماعة أرشد همايون يطلقان النار على القاصد الرسولي ويرديانه شهيداً».
يستمر المطران بطرس عزيز بسرد الأحداث، فيقول: «سقط الأب دنحا اللعازي شهيداً مقتولاً أمام البناية التي كان يسكنها مع اللاجئين. ثم جاء أرشد همايون ومعه بعض الرجال، حاولنا (يقصد نفسه والمطران توما أودو) تذكير أرشد همايون بوعده، وطلبنا منه العون والمساعدة لإنقاذنا المحنة التي كانا فيها. لكن هو نكر وعده، فعوض تقديم المساعدة راح يفتش المقر بحثا عن المقتنيات والأموال والذهب. بعد مغادرة الوغد أرشد همايون البناية من بعد أن سرق ما وجده من المقتنيات الثمينة. جاء مجرم آخر من قرية (بالار) الفارسية طالباً النقود منهما، لما مانعه الشهيد مار توما أودو أطلق النار عليه وأرداه قتيلا، عندئذ لم أرَ بديلاً إلا أن أقدم للقاتل اللعين صليب الأسقفية الذي أحمله على صدري مع الخاتم الموجود في أصبعي وحافظة نقودي»( ).
لقد سقط اثناء الحرب العالمية اكثر من 350 الف من ابناء شعبنا المسيحي (الكلدان والاشوريين والسريان واكثر من مليون ونصف مليون من الاخوة الارمن، يقدر عدد شهداء الكنيسة الكلدانية بحدود 100 الف او اكثر بقليل، هؤلاء لم يكن لهم اية مطاليب سياسية في حينها، ولكن تم ق*ت*لهم بسبب ديانتهم المسيحية او عدم قبولهم التنازل عنها وخلع صليبهم، او تغير ايمانهم مقابل السلام والامان.
في الختام نقول ان الشهيد المطران المثلث الرحمة مار توما اودو كان فعلا احد ابطال هؤلاء الشهداء الذين لم يرضخوا للمعتدين ولم يسلم صليبه للمجرمين كي يدنسه، فدفع حياته ثمنا لهذا الموقف الامين لايمانه القويم. هكذا كانت مسيرة شعلة الايمان مستمرة عبر اسفار التاريخ المؤلمة إلى ان وصلتنا حيث لم يبقى حجر او صخرة او شجرة لم ترتوي من دمائ شهداء الكنيسة الشرقية. لناخذ الشهير مار توما اودو وكل هؤلاء الشهداء والقديسيين مثالا لنا في حياتنا الاجتماعية اليومية. لنثبت على ا