الحرب الاقتصادية : سلاح صامت دمّر العراق بصمت أشد من دوي المدافع
لقد تغيّر وجه الحروب في العالم، لا من حيث الأشكال والوسائل فحسب، بل في طبيعة الأهداف وأساليب التحكم بالشعوب والدول… ؛ اذ شهدت استراتيجيات الحروب والمعارك بين الدول تحولات جذرية مدفوعة بالتقدم العلمي والتكنولوجي وعوامل أخرى، فأثرت بشكل عميق على أشكال الحروب وكيفيات خوضها … ؛ فبعد أن كانت الحروب تُخاض بالسيوف والخيول ، ثم تحولت لاستخدام المدافع الرشاشة، ثم تلتها الأسلحة التقليدية الفتاكة كالدبابات والصواريخ والطائرات … ؛ تحولت الحروب في العصر الحديث إلى حروب إعلامية واقتصادية بالدرجة الأولى… ؛ لقد ولّى زمن المواجهة المباشرة، وحلّ محله عصر الحروب الناعمة، وعلى رأسها الحرب الاقتصادية، التي باتت أخطر من كل الحروب العسكرية لما تخلّفه من تدمير طويل الأمد، وخراب مستتر قد لا يُدرك إلّا بعد فوات الأوان… ؛ وحتى عندما تضطر دولة ما لاستخدام القوة، فقد تلجأ إلى الحرب السيبرانية أو الطائرات المسيّرة أو العمليات الغامضة بدلاً من المواجهة المباشرة.
وبالنظر إلى التاريخ بعين التحليل، يتأكد لنا يقيناً أن الدوافع الاقتصادية تقف وراء أغلب الحروب والمعارك ؛ فالمطامع المالية والمصالح المادية والأهداف الاقتصادية هي الشرارة التي تُشعل المعارك الطاحنة…؛ سواء في السيطرة على الموارد، أو فتح الأسواق، أو فرض الهيمنة المالية أو غيرها … ؛ و لكن السياسي المحنك، إن وجد في وسعه تحقيق أهدافه دون اللجوء إلى إعلان الحرب العسكرية وتكبد خسائر بشرية فادحة بين الجنود والمدنيين، وخسائر مادية تقدر بالمليارات، فلن يتردد بالتأكيد في سلوك السبل الأخرى غير العسكرية لتحقيق مصالح بلده… ؛ فحين يكون السياسي ذكيًا وواقعيًا، ويعلم أن بوسعه تحقيق تلك الأهداف الاقتصادية دون الدخول في حرب عسكرية مباشرة، فإنه حتمًا سيلجأ إلى السبل الاقتصادية، التي تكلّف أقل وتُثمر أكثر، دون خسائر بشرية أو مادية جسيمة … .
فإن استطاع هذا السياسي قضم أراضي جاره عبر المفاوضات والمعاهدات، فلماذا يخاطر بإعلان الحرب ؟ وإن تمكن من أن يستنزف دولة أخرى اقتصاديًا، فيشغّل مصانع بلاده على حساب غلق المصانع في تلك الدولة، ويقضي على البطالة في بلده مقابل تعميقها لدى خصمه، فلماذا يغامر بخوض حرب عسكرية ؟
فالحرب الاقتصادية لا تسفك الدماء ولا تقطع الاعناق مباشرة، لكنها تسرق الحياة من داخل المجتمعات، وتُفرّغ الدول من طاقاتها، وتشلّ قدرتها على الإنتاج، وتحوّل شعوبها إلى مستهلكين عاجزين عن بناء مستقبلهم… ؛ وقد تكون اشد ضررا وفتكا بالشعب من الحرب العسكرية ؛ لذا قيل : ( ضرب الاعناق ولا قطع الارزاق ) وقد جاء في التراث الاسلامي ما يؤكد هذه المعاني , اذ ورد في الحديث النبوي : (( ما ضرب الله العباد بسوط اوجع من الفقر … ؛ واذا ذهب الفقر الى قرية قال له الكفر خذني معك … الخ )) ومما لا شك فيه ان الفقر والبطالة من اوضح نتائج الحرب الاقتصادية … .
هكذا فعلت العديد من الدول المعادية والاستكبارية والاستعمارية تجاه بعض الدول المستهدفة والمستضعفة … ؛ إذ حققت أهدافها الاقتصادية والسياسية دون إطلاق رصاصة واحدة، بل عبر حرب اقتصادية محكمة، أفضت إلى تدمير المرافق الصناعية والتجارية والزراعية والسياحية في تلك البلاد، وإلحاق الأذى بالثروات الحيوانية والمعدنية، واستنزاف العملة الصعبة، وتعطيل الحياة الإنتاجية… ؛ مما أدى ذلك إلى إغراق الاسواق المحلية لتلك الدول المستهدفة بالبضائع الأجنبية، وتحويل المواطن إلى مستهلكٍ عاجز، فيما تتحوّل شرائح واسعة من شعوب تلك البلدان إلى جيوش جرارة من العاطلين، والمدمنين على المقاهي والمجالس الشعبية، والألعاب الإلكترونية، والمخ*د*رات، والمشروبات الكح-و*لية , والاعلام التافه والبرامج الهابطة والتشجيع على الاستهلاك بحجة المناسبات الاجتماعية وبذريعة الطقوس الدينية … الخ .
إنها حرب ممنهجة لتدمير الطاقات البشرية ، ونهب الخيرات الوطنية، تحت غطاء التجارة والمساعدات والعلاقات الاقتصادية والاستثمارات الاجنبية والمعاهدات الخارجية ، وهي أشد فتكًا من أي صراع مسلح… ؛ ولعل تلك الدول المستهدفة لو خاضت أصعب الحروب العسكرية، لما خسرت كما خسرت في هذه الحروب الاقتصادية الصامتة التي نزعت من الوطن المستهدف جوهره ونهبت روحه.
إن الحرب الاقتصادية لا تحتاج إلى إعلان رسمي ولا إلى بيان عسكري… ؛ اذ يكفي أن يتم تعطيل مصنع هنا، وإغراق السوق ببضائع هناك، وتجفيف منابع العملة ورفع نسب البطالة، حتى يتحقق الانهيار بصمت. وهو انهيار لا يُبنى بعده وطن بسهولة، ولا تُرمّم آثاره بجلسة مفاوضات او الاعلان عن عقد المؤتمرات فضلا عن رفع الشعارات .
والحرب العسكرية تدمر الجدران، بينما الحرب الاقتصادية تدمّر الأوطان من الداخل… ؛ وما لم ينتبه الساسة واصحاب القرار إلى أن المعركة اليوم ليست بالسلاح فقط ، بل بموازين الإنتاج، واستقلال القرار الاقتصادي، وامتلاك أدوات الصمود المالي والتجاري، فستبقى البلاد فريسة مفتوحة أمام خصومها، حتى دون أن يُطلقوا عليها رصاصة واحدة.
الفروق الجوهرية بين الحروب العسكرية وبين الحروب الاقتصادية :
تختلف الحرب الاقتصادية جذرياً عن نظيرتها العسكرية في الآليات والنتائج:
- الآلية: بينما تعتمد الحرب العسكرية على القوة المادية المباشرة (القصف، الغزو، الاشتباكات)، تعتمد الحرب الاقتصادية على أدوات غير مباشرة لكنها فتاكة مثل: العقوبات الاقتصادية الشاملة، الحصار التجاري، التلاعب بأسعار النفط، إغراق الأسواق بالبضائع المدعومة، فرض شروط قروض مجحفة، عرقلة الاستثمار، وتدمير القدرة التنافسية للصناعة المحلية… ؛ إنها حرب تُشن بواسطة القرارات المالية والاتفاقيات التجارية غير المتكافئة والضغوط السياسية.
- الضحايا والدمار: تنتج الحرب العسكرية دماراً مرئياً فورياً: دمار البنية التحتية، سقوط الق*ت*لى والجرحى، وتهجير السكان… ؛ أما الحرب الاقتصادية فتسبب دماراً بطيئاً ومنهجياً، لكنه ليس أقل فتكاً… ؛ و ضحاياها هم ابناء الشعب قاطبة بل والاقتصاد الوطني برمته، فضلا عن ضياع مستقبل الأجيال… ؛ إنها تقوض أسس العيش الكريم دون ضجيج المدافع، وتُحدث شروخاً عميقة في النسيج الاجتماعي.
- الإنكار والغموض: غالباً ما يتم تنفيذ الحرب الاقتصادية تحت غطاء الشرعية الدولية أو اتفاقات ثنائية أو ممارسات تبدو “طبيعية” في التجارة، مما يتيح للدول المعتدية إنكار عدوانيتها وصعوبة إثباتها مقارنة بالهجوم العسكري المباشر.
العراق: نموذجًا صارخًا لضحايا الحرب الاقتصادية:
والعراق واحد من أبرز النماذج التي عانت من هذه الحرب بأقسى صورها، إذ لم تُطلَق نحوه قذائف بقدر ما وُجِّهت إليه خطط ممنهجة لتجريده من قوته الاقتصادية وتكبيله بالتبعية… ؛ ولقد مارست دول الجوار والمنطقة فضلا عن قوى الاستعمار والاستكبار العالمية ، ببراعة سياسية ومكر اقتصادي، هذا النوع من الحرب على العراق… ؛ فبدلاً من غزو عسكري مكلف ومحفوف بالمخاطر , وبعد فشل العمليات الار*ها*بية والغزوات والصولات الجهادية والتكفيرية ، تمكنت من تحقيق أهدافها الاقتصادية الظالمة وفرض إرادتها السياسية عبر وسائل أخرى…؛ نعم هكذا فعلت العديد من دول الجوار بحق العراق فضلا عن قوى الاستكبار والاحتلال ، إذ حققت أهدافها الاقتصادية والسياسية دون إعلان الحرب العسكرية على العراق ، بل عبر حرب اقتصادية واعلامية وسياسية محكمة، أفضت إلى تخريب العراق بسرية تامة ؛ فقد نجحت هذه الحرب الصامتة في تحقيق ما عجزت عنه العمليات الار*ها*بية والهجمات التكفيرية والمفخخات والتفجيرات الاجرامية في بعض الأحيان… ؛ فهي لم تُسقط الأبنية بالمفخخات والا*نت*حا*ريين فحسب، بل أسقطت آمال شعب بأكمله، ونهبت ثرواته الحاضرة والمستقبلية على المدى الطويل… ؛ ولعل الخسارة الأكبر تكمن في تبديد هذه الطاقات البشرية الهائلة وثروات البلاد، وهي خسارة تعجز أي مواجهة عسكرية او ار*ها*بية ، مهما بلغت ضراوتها، عن تحقيقها بهذا العمق والشمول… ؛ إنها حرب تذبح الشعب ببطء، وتسرق مستقبله تحت سمع العالم وبصره.
والنتيجة كانت تدميراً منهجياً شمل :
* المرافق الحيوية : اذ تدهورت المرافق الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية بشكل كارثي.
* الثروات الوطنية: أُصيبت الثروات الحيوانية والمعدنية بأضرار جسيمة، واستُنزفت العملة الصعبة للدولة.
* شلّ عجلة الحياة: تَعطّلت الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى:
* إغراق السوق: طغيان البضائع الأجنبية الرخيصة على السوق المحلية، مما قضى على المنتج الوطني.
* البطالة المدمرة: تحولت أعداد هائلة من العراقيين إلى جيوش جرارة من العاطلين عن العمل.
* الانهيار الاجتماعي: انتشار آفات اجتماعية خطيرة كالإدمان على المخ*د*رات والمشروبات الكح-و*لية، والانغماس السلبي في المقاهي والمجالس الشعبية والألعاب الإلكترونية، كملاذ من اليأس وقلة الفرص وانتشار الظواهر السلبية والهابطة والانحدار الاخلاقي والتفكك الاسري … الخ .
* هدر الطاقات: تعطيل طاقات بشرية هائلة كان من الممكن أن تبني البلاد , اذ تم اغراق البلاد بالعمالة الاجنبية والغريبة .
الحرب الاقتصادية: سلاح التدمير البطيء للعراق ونسيجه الاجتماعي :
فالحرب الاقتصادية الناعمة على العراق هي منهج ممنهج لتفكيك الدولة والمجتمع … ؛ اذ لم يكن ما شهده العراق خلال العقود الأخيرة من تدميرٍ ممنهجٍ للبُنى التحتية الصناعية والزراعية، وتصفيةٍ متعمدةٍ للكفاءات العلمية، وتعطيلٍ متواصلٍ للمشاريع الوطنية الناجحة، مجرد أخطاء أو تداعيات جانبية للفوضى السياسية أو هشاشة الإدارة… ؛ بل هو جزء من سياسة مدروسة، تستهدف تقويض أسس الدولة، وتحويل العراق من بلدٍ منتج يمتلك مقومات الاكتفاء الذاتي إلى سوقٍ استهلاكيٍ تابع، مرتهن لإرادة الخارج وخاضع لشروطه.
فمن تفكيك المصانع وإفراغ المعامل من كوادرها، إلى حرق البساتين وتسميم الثروات الحيوانية والسمكية، إلى فتح الحدود على مصراعيها أمام البضائع الرديئة والعمالة الأجنبية … الخ ، كانت كل تلك الخطوات تتوالى لإجهاض أي مشروع اقتصادي وطني مستقل… ؛ وقد تضاعف هذا الخطر حين تحالفت قوى الفساد داخل مفاصل الدولة ـ من بعض الأجهزة الأمنية إلى بعض الأحزاب والميليشيات ـ على محاربة المستثمرين الوطنيين، وابتزاز رجال الأعمال، وعرقلة أي محاولة لإنعاش السوق العراقي بمنتَج محلي.
إن هذه الحرب لم تكن عسكريةً تقليدية، بل “ناعمة”، خفية الملامح، لكنها لا تقل فتكًا عن الرصاص والصواريخ … ؛ إنها حرب تستهدف لقمة المواطن، وكرامته، وهويته الإنتاجية، ليُختزل دوره في الاستهلاك فقط، ويُسلب من أي قدرة على البناء أو الإبداع.
والأدهى من ذلك أن هذه الحرب قد شجّعت على استيراد الانقسام المجتمعي حتى في أدق تفاصيل السوق… ؛ فصار البعض يفضّل استيراد الجبن من دولةٍ ما لأنها تنتمي لمذهب معين، بينما يصرّ آخرون على استيراده من دولة أخرى لاعتبارات قومية، وكأن استهلاكنا صار مشروعا سياسيا لا اقتصاديا، وانتماءً طائفياً لا وطنياً… ؛ وهكذا تفكّك الوعي الجمعي، وتحوّل المواطن من شريك في التنمية إلى أداة في تدميرها دون أن يدري.
إن إهمال الصناعات الوطنية، والعزوف عن شراء المنتَجات المحلية، لم يكن فعلاً فرديًا ناتجًا عن غياب التوعية فقط، بل نتيجة سياسة متكاملة لإضعاف العراق وتجريده من استقلاله الاقتصادي… ؛ فانتشرت البطالة، واستفحل الفقر، وارتفعت نسب الهجرة والعوز، ليصبح المجتمع العراقي في نهاية المطاف مجتمعًا مستهلَكًا عاجزًا عن إنتاج ما يسد رمقه أو يلبّي حاجاته الأساسية.
ما نعيشه اليوم ليس أزمة اقتصادية عابرة، بل مشروع لتجويف العراق من الداخل، وتحويله إلى كيان هشّ، يتكئ على الخارج في كل شيء، حتى في طعامه ودوائه… ؛ والمطلوب اليوم أكثر من مجرد الوعي بهذه الحرب، بل مقاومة اقتصادية وطنية تعيد للعراق قراره السيادي وثقته بإمكاناته، قبل أن يفقد كل شيء.
نعم في الوقت الذي تتجه فيه الدول نحو تعظيم إنتاجها المحلي وتعزيز استقلالها الاقتصادي، يعيش العراق منذ سنوات طويلة تحت وطأة حرب اقتصادية غير معلنة، تستهدف كل مقوماته الوطنية: من صناعته وزراعته، إلى كفاءاته ومشاريعه الاستثمارية، وصولًا إلى وعي مواطنيه وخياراتهم الاستهلاكية. إنها حرب ناعمة، لكنها أكثر فتكًا من الحروب التقليدية، لأنها تسعى لتفكيك الدولة من الداخل، دون الحاجة إلى رصاصة واحدة.
وكما ذكرنا انفا : لم تكن عمليات تفكيك المصانع وتعطيل المعامل الوطنية، ولا اغتيال الكفاءات العلمية وتشريدها، ولا إحراق المزارع والبساتين وتسميم الأحواض السمكية، مجرد أعمال فوضوية أو عشوائية… ؛ بل تكشف سلسلة هذه الأحداث، عند وضعها ضمن سياقها السياسي والاقتصادي، عن مخطط ممنهج يستهدف تصفية كل مصدر إنتاج وطني يمكن أن يسهم في بناء اقتصاد عراقي مستقل… ؛ فقد جاءت هذه السياسات الخبيثة مترافقة مع فتح الحدود بشكل غير مدروس أمام البضائع الأجنبية والعمالة الخارجية، وترك السوق العراقي نهبًا للمنتجات الرديئة والرخيصة، في ظل غياب شبه تام للدعم الحكومي للصناعة المحلية… ؛ ومع كل هذه الممارسات، بدأت تظهر نتائج هذه الحرب الناعمة على المجتمع العراقي بشكل مباشر… ؛ فقد تفاقمت البطالة، وازدادت معدلات الفقر، وتحوّل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد ريعي استهلاكي، يعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد، بدلًا من الإنتاج المحلي.
الخاتمة:
ما يعانيه العراق اليوم ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل نتيجة لحرب خفية تمارس بأساليب ناعمة ومدروسة، تستهدف تفريغ البلد من قدراته الذاتية، وتحويله إلى سوق استهلاكي تابع… ؛ وهي حرب لا يمكن مواجهتها إلا بإرادة سياسية صادقة، وبرؤية اقتصادية وطنية، تُعيد الاعتبار للصناعة المحلية، وتمنح الثقة للمواطن في قدرات بلده، وتكسر حلقة التبعية المهينة.
إن إنقاذ العراق من هذا المسار يتطلب نهضة اقتصادية شاملة، تبدأ من دعم المنتج الوطني، ومحاربة الفساد الاقتصادي، ووضع حدٍ لاختراقات السوق… ؛ فبدون اقتصاد منتج، لا سيادة تُصان، ولا كرامة تُستعاد، ولا دولة يُمكن أن تقوم.