الانفجار الأعظم قادم – شروق أحمد
بخلاف التفاؤل هذه الأيام، وكل المحادثات هنا وهناك، وكل الصراعات المفتوحة في منطقتنا، ورغم حديث واشنطن عن الدبلوماسية القوية والتوصل إلى حلول مع الجميع، إلا أن طبيعة الشرق الأوسط هي طبيعة انفجارية وغير متوقعة، لم تنفع قط الدبلوماسية، بل بالعكس كلما حاول الجميع التظاهر أن هناك حل في الأفق، فجأة تنفجر المنطقة، لأننا نعيش مع واقع متناقض وكل طرف في هذا الصراع الكبير يخدم إيديولوجية معينة، وكل طرف يخدم قوى آخر، كل فصيل له انتمائه، فلا يمكن أن يبنى سلام بين متناقضات هذا لم يحدث ابداً في التاريخ وحتى لو حدث يكون آني، فمثلاً في كل عقد من الزمن تقوم الأطراف العربية مجتمعة على فكرة حلول لمشكله معينية إلا أنها دائما تأتي بعد انفجار كبير يكون قد حرق الأخضر واليابس، فقبل 15 عام كان انفجار الربيع العربي “ربيع الدم” ماذا فعل العرب؟ قاموا بحلول ترقيعيه، قام كل طرف بترقيع حلول للطرف الذي يتماشى مع اجنداته بدون تغيير حقيقي أو سياسة واضحة، القيادات العربية لم تحل هذه المشاكل جذرياً، بل تعاطت مع الوضع كأمر واقع لا مفر منه، في ليبيا، تونس، سوريا، اليمن، العراق، ولبنان وغيرها من الدول عندما ننظر إلى حالة هذه الدول وبعد عقد ونصف، ذهب إلى الأسوأ لم تفد الحلول العربية ابداً.
وها نحن بعد كل هذا الدمار والق*ت*ل والدماء عاد العرب لأنصاف الحلول، والتع-اط*ي مع كل مشكلة كأمر واقع لا يمكن تغييره، فمثلاً سوريا سلم العرب أن الحكم الجديد فيها إسلامي رجعي، بدل من مواجهةِ هذا الواقع بحزم، قاموا بإعطاء الأوكسجين إلى هذه الجماعات الار*ها*بية، ودفع المليارات لهم وتمكنيهم من الحكم، رغم أن الدول العربية في الظاهر تحارب التطرف والار*ها*ب وتحاول أن تصبغ دولها على أنها مدنية، كيف يمكن تحليل هذا المشهد، عندما نقول اننا مع العلمانية والمدنية ثم تدعم جماعات تعيش في قرون الغزوات والفتوحات، لا يمكن بناء سلام مع متناقضات، اذا كان المشروع العربي هو حول التقدم إلى الأمام وبناء الدول على شكل القرن الواحد والعشرين فكيف يسير هذا مع هيئة تحرير الشام وح*ما*س ونظام الملالي في طهران؟
ان ما تمر به منطقة الشرق الأوسط اليوم ليس الهدوء قبل السلام بل الهدوء قبل الانفجار، لأن حقيقة الأمر أن التاريخ لا يسير إلى الخلف حتى لو كان يبدو كذلك، لا يمكن للسلام أن يحدث بين العلمانية المدنية والد*اع*شية والملالي، فالعقل يقول أنهُ لا يمكن لطرفين متناقضان في الإيدلوجية أن يبنيا سلام حقيقي، لأن هناك طرف يريد البناء والتقدم في كل المجالات والطرف الآخر يريد ان يعود إلى زمن الخلفاء الراشدين والصراع على الخ*لافة، لا يمكن التصديق أن عقول تعيش في قرون الفتوحات وعقول تعيش عالم الذكاء الاصطناعي و البحوث العلمية والتطور الطبيعي للدول والحضارات مع دولة الخ*لافة. ما يحدث في الشرق الأوسط هي حروب دينية بحته بين سنة وشيعية وكل طرف يريد إلغاء الآخر، والدليل على ذلك سوريا وما يحدث اليوم فيها من صراعات، عندما يتحدث حكام الدول العربية عن خروج إيران من سوريا وعودتها إلى الحضن العربي يعني بالمختصر أن سوريا عادت سنية، والعرب مجددا يرتكبون نفس خطأ أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي والجماعات الجهادية بتسليم سوريا إلى تركيا التي تدعم إخوان المسلمين وتهرب المال لح*زب ال*له في نفس الوقت، في ذات الوقت الذي تحضٌر فيه الدول العربية جماعة الإخوان، وفي نفس اللحظة محاولة استيعاب نظام الملالي في إيران الذي يتناقض مع ما يحدث في سوريا، مما يجعل العقل في حيرة، كل هذه الأطراف تريد الخلاص من بعض، وفي نفس الوقت الكل يدعي أنه يريد السلام ، لذلك الانفجار الأعظم قادم بل وعلى كل الجبهات، رغم كل مؤشرات التهدئة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.