مقالات دينية

 اسرار الوردية

 اسرار الوردية
الأب أنطوان يوحنا اطوف
“يا ممتلئة نعمة”

النعمة هي مجمل هبات الله وإنعاماته ، ومواهب الروح القدس ، والروح القدس نفسه. فكلمة “كاريس” تعني النعمة والموهبة معا . بالأكثر ، النعمة هي ربنا يسوع المسيح بحسب قول يوحنا الإنجيلي  “النعمة والحق حصلا بيسوع المسيح الذي من ملئه نلنا نعمة فوق نعمة “ .
ومريم ممتلئة نعمة بحلول الثالوث فيها : ” الروح القدس يحل عليك وقدرة العلي تظللك لذلك فالمولود منك يكون قدوسا وابن العلي يدعى “.
كل هذا يجعل العذراء مريم خزان وقناة الإنعامات  الإلهية ، والنعمة الأعظم التي نلناها بواسطتها هي ربنا يسوع نفسه .
ونلاحظ أن قول الملاك “يا ممتلئة نعمة” هو خارج الزمن ، فليس هو بصيغة الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل . فالملاك لم يقل ” لقد ملأك الله من إنعاماته “. فصيغة الفعل تدل على أننا نجهل زمن امتلاء مريم من النعمة . فكما أن النعمة الإلهية غير محدودة في زمن ، وكذا الرب يسوع نفسه ، فكذلك امتلاء مريم من النعم هو غير محدود في زمن ولا بدء له ولا انتهاء .
ويقودنا هذا إلى حقيقة أخرى : فامتلاء مريم من إنعامات الله وهباته ليس امتلاء خارجيا كامتلاء إناء بمادة ما . بل إن النعمة الإلهية تخللت كل ذرة وكل خلية من كيان مريم ، تماما كما تتخلل النار الحديد أو الصقيع الماء فيصير جليدا . فكيان مريم العذراء مفعم بالنعمة ، نفسا وجسدا وروحا .
لهذا فالعذراء مريم خير شفيعة ووسيطة لنا عند الله الآب وعند ابنها يسوع ، كما قالت صلواتنا : “السلام عليك يا وسيطة خلاص جنسنا”. ونحن عندما نردد في صلاة المسبحة الوردية “يا ممتلئة نعمة” ، فنحن نستعطف الغنى الروحي الفائق الذي تمتاز به مريم ، “وقدرة العلي” الإلهية اللامحدودة التي حلت فيها .
وكل ذلك يجعل من صلاة المسبحة الوردية صلاة فائقة القوة لأنها تستعطف مريم ، وسيطة خلاصنا ، التي لا ترد شفاعتها ، والتي يحل فيها الثالوث ، والمملوءة من نعم إلهية لامحدودة ، ومواهب الروح القدس التي لا انتهاء لها .
لذلك فالمسبحة الوردية ليست فقط أداة إلهية ننال بها من العذراء إنعامات وهبات شتى ، بل هي بالأكثر أداة فعالة لتقديسنا ، لأننا بتلاوة المسبحة الوردية بإيمان حار ، تستنزل علينا العذراء بشفاعتها مواهب الروح القدس ، الذي يمنحنا التوبة ويكسبنا الفضائل ويقوينا روحيا ويقدسنا . وهذا ما حصل لقديسين كثيرين ، تقدسوا بتلاوة المسبحة الوردية .
فيا مريم والدة الإله العذراء ، يا من تخللت النعمة الإلهية كل ذرة وكل خلية من كيانها، إمنحينا بصلاتك الحماية والنجاة من كل ضائقة وخطيئة وشر ، والخيرات الموافقة لنفوسا، واشفعي لدى ابنك يسوع في توبتنا وتقديسنا وخلاصنا.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!