مقالات

إس*رائي*ل في مأزق لرفع العقوبات عن سوريا يكشف طموحات نتنياهو ويُصطدم برؤية ترامب؟

تعيش الحكومة الإ*سر*ائي*لية حالة من الامتعاض العميق إثر قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وهو القرار الذي كانت تطمح لاحتكاره كورقة ضغط سياسي تُملي شروطها من خلاله. كانت تل أبيب تأمل أن يكون رفع العقوبات حكرًا على موافقتها الحصرية، مشروطًا بتنازلات سورية باهظة تتماهى مع أطماع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي مقدمتها السيطرة على أراضٍ سورية إضافية والاعتراف الرسمي بسيادتها عليها. لكن هذا الحلم الإ*سر*ائي*لي اصطدم بواقعٍ جديد، حيث أُجهضت هذه الطموحات بانفتاح دولي غير متوقع على دمشق.
في محاولة يائسة لاستعادة زمام المبادرة، تستعد إس*رائي*ل لخوض معركة عرقلة رفع العقوبات بكل الوسائل الممكنة. وفقًا لمصادر دبلوماسية، تخطط تل أبيب لتصعيد استفزازاتها ضد الحكومة السورية وشعبها، سواء عبر عمليات عسكرية موجهة أو من خلال تأجيج التوترات الداخلية عبر تأليب طائفة الدروز ضد النظام السوري. هذه الاستراتيجية، التي تنم عن عقلية المكائد، تكشف مدى الإحباط الإ*سر*ائي*لي من فقدان السيطرة على المشهد الإقليمي.
في المقابل، يبرز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كقوة دافعة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤيته الخاصة، التي تتصادم بشكل صارخ مع أجندة نتنياهو. ترامب، الذي عبّر عن خيبة أمله وإحباطه من السياسات الإ*سر*ائي*لية، يرى أن نهج نتنياهو العقيم ونظرته الضيقة للصراع، لا سيما في حرب غ*ز*ة، يعيقان تحقيق سلام شامل ومستدام. بينما يسعى ترامب لفرض استقرار إقليمي يخدم المصالح الأمريكية، يتمسك نتنياهو بأحلام توسعية تُفاقم التوترات وتُعرقل أي تقدم دبلوماسي.
هذا التصادم بين رؤيتين – واحدة طموحة تسعى لإعادة صياغة المنطقة، وأخرى متصلبة تراهن على الصراع – يضع إس*رائي*ل في موقفٍ حرج. فهل ستنجح تل أبيب في عرقلة المسار الجديد لسوريا، أم أنها ستجد نفسها معزولة أمام إرادة دولية تتجاوز حساباتها الضيقة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن المؤكد أن خيبة إس*رائي*ل الحالية ليست سوى بداية لتحديات أكبر.

العلاقة المضطربة بين ترامب ونتنياهو اصبحت تنعكس صورتها في دهاليز السياسة الدولية، حيث تتشابك المصالح وتتصارع الأطماع، تبرز العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإ*سر*ائي*لي بنيامين نتنياهو كنموذج لتحالف معقد، يفتقر إلى قدسية العهود ويترنح على حافة تصدع عميق. ليس هذا الارتباط بزواج كاثوليكي مقدس، بل يشبه زواجًا إسلاميًا قد ينتهي بطلاق بالثلاثة دون رجعة، حتى لو تدخل “محلل شرعي” لإنقاذه. فالتوترات التي تختمر بين الرجلين، والتي بدأت تتسرب إلى العلن، تكشف عن شرخ يصعب ترميمه، يغذيه تذمر ترامب المتزايد من نهج نتنياهو الذي يطالب بالكل دون تقديم أي تنازل، ولو رمزي.
خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021)، بدت العلاقة بين الزعيمين وكأنها نموذج للتحالف الاستراتيجي. قرارات مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإ*سر*ائي*لية على هضبة الجولان، وتوقيع “اتفاقيات أبراهام”، عززت صورة ترامب كأقوى داعم لإس*رائي*ل. لكن خلف الكواليس، كانت بذور الخلاف تنمو. ترامب، الذي يُعرف بحساسيته تجاه الولاء والتأثير، بدأ يرى في نتنياهو شريكًا يتسم بالجشع السياسي، ينسب الفضل لنفسه في كل إنجاز، ويتعامل مع البيت الأبيض كأداة لخدمة أجندته الشخصية. تصريحات ترامب لاحقًا، التي اتهم فيها نتنياهو بـ”الكذب” و”التلاعب”، كشفت عن سخط دفين، بلغ ذروته عندما شعر ترامب بأن نتنياهو يحاول تصوير نفسه كـ”حاكم ظل” للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
في سياق اليوم، ومع عودة ترامب إلى السلطة في يناير 2025، تتجلى ملامح هذا التوتر بوضوح أكبر. نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا داخلية ودولية بسبب استمرار الحرب في غ*ز*ة وتعثر مفاوضات التهدئة، يراهن على دعم ترامب غير المشروط، متجاهلاً أن الرئيس الأمريكي ليس من النوع الذي يقبل أن يكون أداة في يد أحد. تقارير متداولة على منصة إكس تشير إلى أن ترامب أبدى انزعاجًا واضحًا من مطالب نتنياهو المتصاعدة، خاصة في ظل رفض الأخير تقديم تنازلات في ملفات مثل غ*ز*ة أو المستوطنات، مما يضع الإدارة الأمريكية في موقف محرج أمام حلفائها الخليجيين الذين يسعون لاستقرار إقليمي.
هذا التصور الذي يتبناه نتنياهو، بأن كل مطالبه يجب أن تُجاب دون نقاش، يصطدم بحقيقة شخصية ترامب، الذي يضع مصالحه السياسية والاقتصادية في المقام الأول. فترامب، الذي يخطط لجولة خليجية طموحة في مايو 2025، يريد تسويق صورة الزعيم القادر على فرض التوازنات في المنطقة، وليس مجرد داعم أعمى لأجندة نتنياهو. التوترات الحالية، التي يُقال إنها بلغت حد ظهور علامات السخط على وجه ترامب في محادثات مغلقة، تشي بأن العلاقة بين الرجلين قد تقترب من نقطة اللاعودة.
في عالم السياسة، حيث لا قداسة للتحالفات ولا دوام للعهود، يبدو أن “الزواج” بين ترامب ونتنياهو يتجه نحو نهاية دراماتيكية. قد لا ينفع “محلل شرعي” لإصلاح ما تصدع، إذ إن ترامب، بطباعه النرجسية، لا يغفر لمن يحاول سرقة الأضواء أو التلاعب بثقته. وإذا استمر نتنياهو في نهجه الحالي، فقد يجد نفسه أمام طلاق سياسي نهائي، يتركه وحيدًا في مواجهة تحدياته الداخلية والخارجية، بينما يواصل ترامب رسم خريطته الخاصة للشرق الأوسط.

نتنياهو وحكومته يتشبثون بوهم امتلاكهم لمفاتيح إعادة تشكيل الشرق الأوسط، لكن طموحاتهم المتغطرسة ومطالبهم المبالغ فيها أضاعت هذه المفاتيح في متاهة الصراعات. في المقابل، تحرك ترامب ببراغماتية استراتيجية، صيغت مفاتيح جديدة للمنطقة وفق رؤيته، مصممة بعناية لتكون محصنة ضد الفوضى والتشتت، ومؤسسة لنظام إقليمي يعكس مصالح أمريكا ويصعب تجاوزه.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!