مقالات دينية

أهمية الإعتراف عند الكاهن

 أهمية الإعتراف عند الكاهن

بقلم / وردا إسحاق قلّو

   الإعتراف يسبقه التوبة ، فالتوبة والإعتراف هو سر من أسرار الكنيسة المقدسة ، كما يطلق عليه سر التوبة والمصالحة ، والله يَمن للمعترف بالغفران والسلام .

   آباء الكنيسة يحثون المؤمنين للإعتراف ، بل الإعتراف هو من وصايا الكنيسة .

لماذا نعترف ، ولماذا نبوح بخطايانا للأب الكاهن ؟

    اولاً على المؤمنين أن يدركوا عظمة عطية الله التي أنعم بها عليهم عبر الأسرار التنشئة المسيحية لكي يدركون إلى أي مدى ينبغي على كل من لبس المسيح أن ينفض عنه تراب الخطيئة .

 الرسول يوحنا يقول ( إذا زعمنا أننا بلا خطيئة خدعنا أنفسنا ولم نكن على الحق ) ” 1 يو 8:1 ” . والرب يسوع علمنا في الصلاة الربية ان نطلب المغفرة لخطايانا ( لو 4:11 ) . بالإعتراف نقترب من الله بعد أن إبتعدنا عنه بسبب الخطيئة التي هي إهانة لعظمته . ولأجل الوصول إلى كرسي الإعتراف علينا أن نمر بمراحل عدة لأجل التهيؤ والإستعداد الكامل قبل الجلوس على كرسي الإعتراف :

أولاً يجب أن نقرر الإهتداء والتوبة عن الخطيئة ، أي التوبة الباطنية أولاً . وبعد ذلك ندخل في مرحلة المصالحة مع من أسأنا إليهم ونتقدم نحوهم بكل جرأة للمصالحة لأن سرّ المصالحة يمنح للتائب حب الله ، لأنه إله المحبة والمصالحة ، وذلك ( لأن الله صالح َ العالم في المسيح ولم يحاسبهم على زلاتهم وجعل على ألأسنتنا كلام المصالحة ) ” 2 قور 20:5 ” . ومصالحتنا مع الله مقترنة بمصالحتنا مع الإنسان ، هكذا نلبي طلب الله منا ( إذهب أولاً وصالح أخاك ) ” مت 24: 5 ” . هكذا نتوب ، وهكذا نبتعد عن الخطيئة ، لا وبل نرتدي إلى الله ونلبي نداءهُ لنا ، ونقترب من ملكوته ، قال يسوع ( لقد تم الزمان وإقترب ملكوت الله ، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل ) ” مر 15:1 ”  . هكذا يعود الخاطىء إلى حضن الكنيسة . وبعد ذلك يتقدم إلى إلى كرسي الإعتراف لكي يعترف بكل خطاياه لأب الإعتراف .

 لا يجوز رفع خطايانا إلى الله مباشرةً ، والله غفور رحيم ، يطرح في أعماق البحر جميع خطايانا  ( مي 19:7 ) كذلك تقول الآية ( إن كانت خطاياك كالقرمز تبيض كالثلج ، إن كانت حمراء كالدود تصير كالصوف ) ” أش 8:1 ” .  ولله أقوال كثيرة في آيات رائعة في الكتاب المقدس يشجعان بأن نتقدم إليه لطلب المغفرة ، فهو يبعد عنا خطايانا وبحسب المزمور ( كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا ) ” 12:13 ” . بهذا ينسى أو يتناسى بأن تلك الآيات تتعلق بآيات أخرى وخاصة في العهد الجديد  لكي تكتمل الغاية ، فللرب يسوع آيات وعطايا كثيرة في الإنجيل ، هذا الذي أدخلنا في عهد جديد عهد النعمة والمصالحة ، وأعطى لرعاة كنيسته المقدسة سلطان خاص على مغفرة الخطايا ، كما أعطاهم السلطة لإجراء مصالحة الخطاة مع بعضهم ومع الكنيسة ، فهل يتذرون آيات الإنجيل التي تتناول موضوع التوبة والإعتراف والغفران ؟ وهذا الطابع الكنسي أعطاه يسوع لبطرس الرسول أولاً ومن ثم إلى بقية التلاميذ .

  حل الخطايا لكي يستحق التائب المغفرة والتناول أو لا يستحقها هو قرار أب الإعتراف فقط . لأن المعترف الذي لا يريد أن يتصالح مع الآخرين لا يستحق الحلة ، أو لا يعترف بجرائمه للعدالة لكي يعاد الحق إلى أصحابه ، أو شهد بالزور ولا يريد أن يعترف أما السلطات بجريمته فلا يستحق الحل من الكاهن . كما لا يستحق أن يقترب من سرّ القربان . الإقتراب من سر التوبة والإعتراف هو عمل الإرتداد إلى الله لأجل إستعادة نعمة المصالحة . إذاً لأجل التوبة عن خطايانا والإعتراف بها علينا أولاً إعلان الندم في القلب ، ومن ثم المصالحة والإقرار باللسان أمام كرسي الإعتراف للأب الكاهن وأمام كرسي الإعتراف بقلب منسحق وبأن ندين أنفسنا أولاً بالإعتراف بخطايانا ، لكي نستحق الحلّة . غاية الإعتراف ليس مجرد التخلص من الخطايا القديمة . ومن ثم إرتكاب خطايا بديلة دون أن نحاول التغيير والتقدم مع الإستفادة من إرشاد ونصح الكاهن . لا يجوز أن نخفي أي خطيئة بل أن نقر بكل ذنوبنا لكي تصفح لنا من قبل الروح القدس الحاضر في كل أسرار الكنيسة ، يغفرها بإستحقاق دم يسوع المسيح ، فالروح الحاضر والغير مرئي خلف كرسي الإعتراف ، أي كأننا نكشف أخطائنا لله الحاضر معنا . المعترف يجتمع مع الأب الكاهن ، إذاً الله موجود معهم وبحسب الآية ( إذا إجتمع إثنان بإسمي فأنا أكون ثالثهما ) . أما الخطيئة التي لا تذكر أمام الرحمة الإلهية فلا يصفح عنها ، ولا يستطيع الكاهن أن يطلب من الرب أن يصفح عن تلك الخطيئة بل عن الخطايا التي تذكر أمامه . فالمريض الذي يخجل من كشف مرضه للطبيب المعالج ، فالطب لا يعالج المخفي عليه . الأسقف والكاهن يمتلكون سلطان مغفرة الخطايا كلها بإسم الآب والإبن والروح القدس بقوة سر الكهنوت .

   الكاهن الذي يحمل ( الختم السرّي ) في سرّ الإعتراف لا يمكن أن يبوح بما سمعه من الخطايا للعالم ، أي ما يكشفهُ التائب للكاهن يبقى ( مختوماً ) بالسرّ . فالكاهن ملزم بحفظ السر المطلق في شأن الخطايا التي يعترف بها التائبون . أما إذا خان السرّ ، فسيعرض نفسه إلى طائلة العقوبات الشديدة . كما لا يجوز له أن يستخدم ما يستقيه من الإعتراف من معلومات تتعلق بحياة المعترفين لكي يستخدمها لمصالح أخرى تخدم الدولة أو السياسة أو القانون . في الختام نقول : أن سر الإعتراف بالخطايا واجب لإتمام وصايا وأسرار الكنيسة المقدسة لأن قضية الغفرانات في الكنيسة عقيدة وممارسة مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بسر التوبة . فالإعتراف الفردي أمام الكاهن ، والحل الذي يعقبها هما الوسيلة الوحيدة للمصالحة مع الله ومع الكنيسة المقدسة .

 توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!