نحن نصنع الازمات، وفيما بعد الازمات تصنعنا!
امجد العسكري
نظرية نشأة الكون مفادها، ان الكون كان في الماضي في حالة حارة شديدة الكثافة،وبعد التمدد الاول برد الكون بما يكفي ليكون جسيمات دون ذرية كالبورتونات والنيترونات والالكترونات، تكتلت هذه الجسيمات تحت ظروف مختلفة، فبعضها شكل المادة الصلبة فتكون الشجر والمدر، وبعضها انسجم وتآصر فكون الكائنات الحية، حسب مايعتقده علماء الفيزياء في تكوين هذا الكون.
نستمد من نظرية نشأة الكون، ان كل شيء نشأ من تراكمات ازلية وتطورات مسنودة الى ماضينا الذي نعيش حاضره ونتطلع لمستقبله، كما هو حال التداعيات والترهلات التي ضربت العراق منذ قديمه، لم يكن محض صدفة او بتحول لحظي انتقل فيها العراق من حال الى حال لا يحسد عليه، تاركا الشعب العراقي بين طواحين الار*ها*ب والفساد بكافة انواعه الاداري والاقتصادي والاخلاقي، فمنذ اعلان العراق كجمهورية مستقلة سنة 1958، وماانفك الفساد يوازي سير العمليات السياسية في الحكومات المتعاقبة على كرسي الحكم، والى يومنا هذا، منتحلا هيئة الكابوس الذي يزعج احلام الشعب المتطلعة للتغير والحالمة بمستقبل افضل.
لكل فعل ردة فعل، قد تتماشى مع سير العملية السياسية او تعاكسها بالافكار والتطلعات، فكلتا الافعال هي وليدة صراع سياسي داخل المحيط العراقي، فالشعب العراقي المتنوع بمعتقداته، وافكاره، وانتماءاته، وقومياته، تتوحد جميعها في التطلعات والغايات للرقي في سبيل العيش نحو الافضل، فباقة الزهور التي يتعدد الوانها يزداد جمالها. فتداعيات الحرب العراقية الايرانية انشأة للشعب الكردي قوات البيشمركة، و غزو د*اع*ش للعراق وتدنيس اراضيه الطاهرة، كون على اثره الحشد الشعبي المقدس من داخل القومية العراقية العربية والكردية على حد سواء، فاصبح القوة الضاربة والمساندة لجيشنا العراقي البطل.
ان هذا الشعب كما يمكن وصفة باحجار “الكهرب” الثمينة فكلما عصرتها براحة يديك اطلقت عطرا فواحا، فتداعيات الوضع الراهن والاحباط الذي يعيشه الشارع العراقي انجب برغباته “تيار الحكمة الوطني” منيط اللثام عن نوايا سامية، وتاملات مستقبلية، وافكاره بتطلعات حالمة وحريصة على تغير الحاضر للمستقبل زاهر، فصيرورة هذا التيار من رحم الالم العراقي مناغيا لجراح الوطن العزيز، بمسميات الطوائف لا الطائفية، وبالافعال لا الانفعال، بالتأثير لا بالتأُثر، فاسحا المجال لشخوص نزيهه بوجوه وطنية راغبة بخدمة هذا الوطن.
ان اعلان السيد “الحكيم” لتيار الحكمة الوطني لم يكن بنزعات شخصية او تلبية لرغبات عاطفية انفعالية قد يظن البعض بانها وليدة لنوم السبات الذي طال مفاصل المجلس الاعلى، ان حكمت ودراية الحكيم والخبرة الجبارة في المجال السياسي، والتكهنات المستقبلية لحل عقدة الازمة الحالية، الزم على نفسه النهوض من واقع الركود، وبتيار عابر للمكونات، والى تيار اغلبية لتصحيح سير العملية السياسية.