مقالات دينية

معجزتان متداخلتان للرب يسوع

معجزتان متداخلتان للرب يسوع

بقلم / وردا إسحاق قلّو

معجزتان متداخلتان للرب يسوع

   بدأ يسوع حياته التبشيرية في السنين الأخيرة بتعليم الشعب بالأمثال فتميز تعليمه وتفسيره لما جاء في الكتب ، وكان الناس يبحثون عنه ويزحمونه لأجل سماع وعظاته وتعليمه الجديد الذي كان يلقيه كمن له سلطان . فبالإضافة إلى التعليم إجترح أمام تلاميذه وأمام الشعب سلسلة معجزات خارقة منها تم تدوينها للأجيال ، ومنها لم تسطرها أنامل التلاميذ في الكتب . ومن هذه الآيات نتناول معجزتين عظيمتين وهي شفاء إمرأة نازفة الدم ، وإقامة إبنة يائير , نتوقف عند كل معجزة ثم نبحث عن سبب التداخل بين المعجزتين في يوم واحد .

   في المعجزة الأولى دار حوار بين يسوع والمرأة وتفاصيل شفائها . قصتها تعبّر عن إيمانها القوي وعن القّوة التي  يتمتع به صانع المعجزات  ، تلك القّوة التي خرجَت منه لتشفي دائها . لكن من الصعب أن نتصوَّر يسوع حاملاً قوة عجائبية تنبعث من شخصه أو من ثيابه ، إنه لأمر مدهش حقاً . فإيمان المرأة التي إكتفت فقط بلمس ثوب السيد بالخفية سيكون كفيلاً لشفائها . لكننا نقول ، لماذا لم تأتي إليه وتطلب منه الشفاء علناً فيعطيها كما أعطى لكل من طلب منه ؟ قد يكون السبب الخجل من نوع المرض المعيب والذي كان يعتبر نجاسة بحسب شريعة اليهود لهذا لا يجوز أن تلمس أحداً عندما تتسلل بين الجمع لتصل إليه ، لهذا أخفت سرها وهي مؤمنة بأن لمس ثوب رداءه يكفي لشفائها .

   أطباء كثيرين جردوها من أموالها دون إفادتها ، وهنا يسوع أفشل قدرة الأطباء وعِلمهم . ما قامت به هذه المرأة هو سرقة الشفاء بالإيمان دون أن يعرف حتى المسيح بحسب قرارها الشخصي . لكنه عرف بأن قوة خرجت منه لشفائها وأعلن ذلك قبل أن تنطق المرأة . كما أن يسوع لا يريد لهذه المرأة المؤمنة به أن تبقى في الخفاء والخجل ، لهذا أخرجها من مخبأها وأرغمها إلى الإعتراف أمام الجميع . بدت المرأة خائفة ومضطربة فإرتمت على قدميه كأنها أخطأت بحسب قوانين الشريعة ( طالع لا 45:15 ) . إعترفت بالتفصيل عن حالتها وكيف نالت الشفاء بالخفاء ، وهذه الطريقة ليست من روح تعليم المسيح ، فهل ستخسر صحتها ، لأن الشفاء يجب أن يعطى لها عطاء إنطلاقاً من مسيرة إيمانها . لكن عندما سمعت الرد من يسوع وهو يقول لها ( تعافي من علتك ) بل كرمها عندما أعطى لها شفاء ثاني وهو تثبيت إيمانها به . ، أي شفاء النفس أيضاً وهو أعظم من شفاء الجسد . الكلمة التي قالها يسوع ( إيمانك شفاك ) سيقولها أيضاً لأعمى أريحا ( مر 52:10 ) . وهكذا نالت المرأة أكثر مما تطلب فربحت أكثر مما خسرته من المال التي دفعته للأطباء . ويسوع في هذه الحالة كان معه يائير رئيس المجمع الذي أرتمى على قدمي يسوع يطلب منه بإلحاح قائلاً ( إبنتي الصغيرة مشرفة على الموت ، فتعال وضع يدك عليها لتبرأ وتحيا ) وكانت السرعة مطلوبة قبل أن تفقد حياتها لكن المرأة زاحمته في طلبها فتأخر ، فكم كان هذا الرجل يتألم بسبب تلك المرأة التي كانت السبب . لكن يسوع لا يهمه الأمر وحتى وإن فارقت البنت الحياة . هذه القصة تشبه أيضاً قصة أختي لعازر اللتان أرسلتا رسالة إلى يسوع ليحضر بسرعة لأن لعازر مريض ، لكنه إنتظر إلى أن مات وأنتن ، وبعد ذلك حضر وعمل المعجزة . إذاً لا ضير إن ماتت الصبية .

   وصل خبر وفاتها فقيل لوالدها ( ماتت إبنتك ) فلِمَ تزعج المعلم ! ويسوع قال لرئيس المجمع ( لا تخف آمن فقط ) القائد لا يعلم بأن المسيح هو خالق الكون كله ، وله القدرة بأن يق*ت*ل الموت ، وينهض الموتى من رقادهم . والخبر في مجملهِ كرازة عن الإيمان بالموت والقيامة . وبما أن الإيمان مطلوب ، لا من الفتاة الراقدة ، بل من الوالد الذي طلب شفائها . أي الإيمان أولاً . عندما وصل يسوع ومن معه إلى البيت ، قال للحشود ( لم تمت الصبية ) غايته من الكلام هو وضع الحجاب على المعجزة التي ستحدث ، وهو يريدها أن تكون خفية لهذا لم يقبل الدخول معه إلى الغرفة غير تلاميذه الثلاثة والوالدين .

   مجترح المعجزة يعمل بمعزل عن الجمع الذي يبكي في الخارج لكي يكون بعيداً عن الفضوليين . نلاحظ أيضاً خبر إقامة إمرأة في يافا من قبل القديس بطرس هو أيضاً أخرج الجمع ، ثم جثا وصلى فحدثت المعجزة .

  يسوع اخذ بيد الصبية وقال لها باللغة الآرامية ( طليثا قوم! ) أي صبية قومي . فقامت لوقتها ، وأخذت تمشي إبنة أثني عشر سنة ، فدهشوا أشد الدهش ، وأوصاهم مشدداً عليهم ألا يعلم أحد بذلك ، وأمرهم أن يطعموها ( مر 42:5 ) .

   ختاماً نقول : لماذا أقحم كاتب الأنجيل معجزة النازفة داخل خبر إقامة إبنة يائير ؟

الجواب : ليوَجِه إيمان القارىء لأنه هو أيضاً مدعو لأن يؤمن بقدرة يسوع في إقامة الموتى . الذي سمع خبر شفاء النازفة ، فهو صار أحد الفاعلين في ما سيتم حين قال يسوع ليائير : ( لا تخف ، آمن فقط ) نشعر بالقارىء وكأنه يقول ليائير : تأكد إنك إذا آمنت أيضاً يتنال طلبك . هنا يائير تخلى عن كل أمل بشري فوثق بيسوع ، ووثق أيضاً من إيمان النازفة البدائي ، الباحثة عن منفعة خاصة إلى إيمان ثانٍ عند هذه المرأة التي طبعها لقاء شخصي بيسوع . وأخيراً إلى إيمان يائير الكامل بذلك الذي يقيم الموتى . فالإيمان هو محور هذين الحدثين . مجداً لأسم يسوع .

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!