آراء متنوعة

شارع الرشيد: ترام يعمل في الصورة فقط

تغلب عبد الهادي الوائلي

لا بسعني التوقف عن الضحك للفيديوات التي ملأت المنصات الاعلامية حول الاحلام الوردية التي اخذت تسوق بان التنفل في شارع الرشيد سيتم عن طريق الترام الذي ظهر متبخترا على سكة واحدة في شارع يبدو اعرض من الحقيقة بمرتين وهو يتلامع ويخلو من كل اشكال الفوضى والمزابل والعربات واكوام البالات المعروفة والتي نراها كل يوم.

السبب وراء ذلك هو سذاجة هذا التصور الذي لا يستند الى اي معطيات علمية او تخطيطية مبنية على دراسات مرورية معمقة.

ولكي لا تنطلي هذه الصور على المواطن ساعطي فكرة عن ما انتج هذه التصورات، وسابنيها على فرض “اختفاء” ما نراه يوميا من فوضى “بقدرة قادر”، وبان الشارع سيكون خاليا من هذه ( المنغصات) كما ظهر في الفيديوات، وبذلك ستكون الحسابات المنطقية كالتالي:

◼️ المعطيات:
▫️عدد الركاب: 20-30 راكب
▫️طول الرحلة: 3.5 كم
▫️السرعة: 8 كم/ساعة (لكثافة الحركة في المركز وضيق الشارع)
▫️عدد المحطات: 12 محطة
▫️مدة التوقف في كل محطة: 20 ثانية
▫️عدد التوقفات: 11

◼️ الحسابات:
▪️الزمن الحركي في اتجاه واحد:
3.5 كم/8 كم بالساعة= 0.44 ساعة، اي 26.4 دقيقة
▪️مدد التوقفات في المحطات:
١١ محطة20x ثانية= 220 ثانية، اي 3.67 دقيقة

◼️ الزمن الكلي للرحلة مع التوقفات:
26.4 دقيقة + 3.67 دقيقة =30.07 دقيقة للرحلة في اتجاه واحد.

اي ان الترام سيمضي في رحلة تستغرق 30 دقيقة تقريبا في الذهاب و مثلها في الإياب، وذلك لنقل 30 راكبا فقط، وسيتعين على من يرغب في الذهاب إلى الباب المعظم من الباب الشرقي او بالعكس ان ينتظر عربة الترام لاكثر من ساعة !

من جانب اخر، احد الزملاء العاملين على المشروع افاد في مقابلة صحفية بان المترو سيعمل في ساعات المساء فقط! فهل نحن امام مشروع لقطار “ممر العجائب” في مدن الالعاب والذي يمر في ممر زائف عبر ديكورات مصممة لتشعر الراكب بالرعب او المسرة، وفي حالة الرشيد، كي تغمره السعادة بالمرور عبر بعض المباني المغطاة بالاضاءة الديكورية في ظلام الليل الحالك … ام ان المطلوب هو صياغة مستقبل مستدام لمدينة تاريخية عريقة؟

الغرض من هذا المنشور هو بيان ان التخطيط شيء والتصورات البعيدة عن الواقع شيء آخر، خاصة وان هناك خطة مرورية كاملة لشارع الرشيد ضمن المخطط الشامل لاحياء مركز المدينة التاريخي احد مفاصلها خط الترام السياحي وقد بنيت على حسابات تخطيطية دقيقة، الا ان امانة بغداد تمتنع عن الرجوع اليها او ذكرها.

اتمنى من كل قلبي ان اكون مخطئا وان يقدم العاملين على المشروع اجابات مقنعة مبنية على حسابات تخطيطية ودراسات معمقة واقعية لا عبر تصريحات عامة مقتضبة ورسومات غير واقعية.

ضمن هذا المنشور، اقدم للجهات التي تمنع مناقشة الخطط التي وضعها لفيف من الخبراء، واحدا من مئات المخططات والاف الصفحات المتعلقة بهذه الدراسات الممنوعة والمتواجدة في ادرج مكاتبهم، عسى ان تساعدهم في الاهتداء للطريق الصحيح، وان تشجعهم على الركون إلى التخطيط بدلا من السطحية في التعامل مع المدينة التاريخية، والتخلي عن محاولات صياغة السرديات التي تخلو من الدقة والعلمية بغرض التاثير على الرأي العام وتضليله.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!