سياسيون فسدت بضاعتهم – كاظم فنجان الحمامي
ماذا لو فقد السياسي مروءته واصبح بلا مروءة ؟. ماذا لو فقد نخوته، وأضاع شهامته، وتخلى عن مبادئه ؟. ماذا لو كانت مصلحته الشخصية فوق مصلحة رفاقه وجيرانه وزملاءه ؟. ماذا لو تقطعت جسور الثقة بينه وبين عامة الناس ؟. ما الذي يتبقى في رصيده بعد تعاقب العثرات ؟، وهل يجرؤ على تلميع صورته و ولوج حلبة الانتخابات ليجرب حظه المصخم للمرة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة ؟. .
كانت لمعظم الكيانات الحزبية رافعات شوكية وشفلات وبلدوزرات ثقيلة مهيأة لاكتساح الساحة، ومستعدة لإزاحة الخصوم، ولديهم جيوش من الذباب الإلكتروني مدرب على شن حملات التسقيط والتهميش والاستبعاد. لكنهم ما أن حققوا مبتغاهم حتى انقلبوا على الداعمين لهم. ولا ادري لماذا اختاروا السير على خطى نيكولا ميكافيلي عندما تخلصوا من الذين ساعدوهم في الوصول إلى السلطة. حتى جاء اليوم الذي لم يجدوا فيه من يرمي اليهم طوق النجاة لانتشالهم من الغرق. ولا ندري كيف تعاظمت خصال التعالي والتكبر في نفوس الكثيرين منهم. .
اذكر انني ألقيت التحية ذات يوم على رجل منهم. أصغر سناً مني بنحو عشرين عاما، كان جالسا منتشياً متغطرساً، فلم يرد السلام، ربما قالوا له: (أن تحية السلام تنقص من كرامته)، فكان لابد من تأديبه بطريقتي الفلاحية التي لن ينساها. . واللافت للنظر ان هذا المتغطرس جرب حظه المصخم في انتخابات الدورات الرابعة والخامسة ولم يفز، فعاد ليحدث الناس من جديد عن مآثره في التواضع المصطنع. . حتى ثعالب الماء انظف من هؤلاء عشرات المرات. .
لقد سار الشعب الهندي كله وراء زعيمهم الروحي (غاندي) لأنهم وجدوا فيه المروءة والتواضع. وحزنت شعوب الأرض لمق*ت*ل الثائر (جيفارا) لأنه لم يتخل عن مروءته وشهامته، وحزنت قارة أمريكا اللاتينية كلها على فراق قائدهم (خوسيه موخيكا) لأنه كان يحمل صفاة العفة والاستقامة والفروسية. اما في العراق فبات من السهل أن يتقمص الأوغاد دور الملائكة. فلا تنخدع بابتساماتهم، ولا تضللك أقنعتهم، وتذكر دائما انك ربما تلعب الآن دور الكومبارس في حفلة تنكرية من دون أن تدري انك عملت في السيرك السياسي بوجهك المبلل بالتعاسة. واعلم ان معظم الذين يلوّحون بشعارات التغيير يخفون وراء أقنعتهم نوايا الهيمنة. .
كلمة اخيرة: لو اضطررت للتوسل إلى رجل بلا مروءة كي تنال كرامتك لن تنالها أبداً. فالكرامة مسألة حياة أو موت يجب ان تذود عنها بنفسك . .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.