مقالات دينية

ربان صوما مبعوثاً للملك المغولي وللبطريرك الى أوربا لتحرير الأراضي المقدسة

الكاتب: وردا اسحاق

 

ربان صوما مبعوثاً للملك المغولي وللبطريرك الى أوربا لتحرير الأراضي المقدسة

أعداد / وردا أسحاق قلّو

ربان صوما ، راهب من بكين رحل الى بغداد مع رفيقه الراهب مرقس ( الجاثاليق مار يابالاها ) . عينه البطريرك أميناً للقلاية وزائر عام في البطريركية .

عان المسيحيون الظلم في عهد الملك أحمد بن هولاكو الذي كان ضعيف الأدارة ، قليل المعرفة ، حاقداً على البطريرك ، وكانوا المحيطين به يسيرونه كما يشاؤون ضد المسيحين ، وبسبب تحريضهم أضطهدوا المسيحيون بضراوة . وفي فترة جلوس الجاثاليق يابالاها على كرسي كنيسة المشرق النسطورية ، وصلت وشاية كاذبة الى الملك ضد البطريرك والربان صوما متهمين إياهما بأن قلبيهما هما مع الملك أرغون بن أباقا الملك وكتبا الى الخان ملك الملوك رسالة ضدك . لهذا أمر أحمد بالقاء القبض عليهما ليصبحا نزيلي السجن لفترة زادت عن الأربعين يوماً بعد أن جرد البطريرك من الأدارة الملوكية والوسام . بعد أن تجلت الحقيقة للمحكمة وكشف مضمون الرسالة التي أعيدت اليهم ،  تم أطلاقهما من السجن  فتوجه الجاثاليق الى مدينة أورمية وهناك تراءى له في حلم الليل بأنه لم يرى وجه الملك أحمد بعد ذلك اليوم . جهز أحمد جيشه وسار به الى خراسان ليقبض على الملك أرغون الذي كان يحب المسيحيين . كانت غاية أحدم ق*ت*ل أرغون وذريته ، وبعدها ق*ت*ل الجاثاليق ، فأنقلبت عليه الخطة لكي يسقط هو في الحفرة التي أعدها لأرغون ، فبعد أن ألتحم الجيشان تشرذمت عساكر أحمد وغالبيتها أنضمت إلى قوات أرغون ، ثم أُسِرً أحمد وق*ت*ل .

حلم البطريرك حلماً آخر وقد سبق وأن حلم أحلاماً كثيرة تم تفسيرها فكانت تطابق ما يحصل في المستقبل . في هذا الحلم وقبل أن يسمع بمق*ت*ل الملك أحمد ، تراءى له أن شاباً وسيماً يدخل عليه ، حاملاً طبقاً مغطى بمنديل ، قائلاً له : ( قم وكل الموجود في هذا الطبق ) مكشفه الجاثاليق فوجد رأس رجل مطبوخاً . بعد أنتهى من أكله ، ولم يُبقَ منه غير عظام الفكين ، سأله الشاب ، أتعلم ماذا أكلت ؟ فأجابه ، لا . فقال له ، أنه رأس الملك أحمد .

نهض الجاثاليق من نومه مذعوراً ، وبعد أيام سمع بنبأ مق*ت*ل أحمد ففرح ، ليس لموته ، بل لأستلام أرغون زمام الحكم . أرغون ملك من ملوك المغول الذين ساندوا المسيحيين وساعدهم كثيراً . وكانت منزلة مار يابالاها تسمو في عينيه ، وكان يزداد البطريرك إكراماً لديه ولدى حاشيته ، بل كان يسند المسيحيين في مملكته من كل قلبه . لهذا أراد فتح بلاد سوريا وفلسطين لغرض تحرير الأراضي المقدسة من الأستعمار العربي . لكن لا يمكنه القيام بهذه المعركة لوحده دون مساعدة ملوك الغرب المسيحيين له . طلب من البطريرك أن يرسل أليه رجلاً حكيماً ، جديراً بمهمة مبعوث إلى أولئك الملوك ، فأختار البطريرك الربان صوما لكونه متمكناً من اللغة واللباقة في الكلام فكلفه للقيام بهذه المهمة مع وفد مرافق له .

أرسله الملك مع ثلاثين فارساً ومحملاً برسائل وهدايا تليق بقداسة البابا والملوك الذين سيقابلهم . وصل صوما الى العاصمة قسطنطينية ( أسطنبول ) أولاً عن طريق البحر وقلبل ملك الروم ( أندرونيقوس ) ففرح صوماً فرحاً عظيماً ، وقال للملك عندما سأله عن حاله بسبب طريقه الطويل والشاق : حين ألتقيت ملكاً مسيحياً نسيت أتعابي ومشقاتي ، أدامك الرب زار كل الكنائس والأديرة ومنها كاتدرائية ( آية صوفيا) التي فيها ثلاثمائة وستون باباً من المرمر ، أما القبة التي فوق المذبح فلا يمكن لأنسان أن يصفها ومدى ارتفاعها وعضمتها . كما زار ذخائر القديسين هناك ، وأخيراً زار الملك بعد أن أعطى له الرسائل والهدايا ، وكذلك رد عليه الملك.

بعد ذلك غادر الى أيطاليا عنطريق البحر فوصل الى روما العظمى فدخل مع وفده كنيسة الرسولين بطرس وبولس ، وبعدها أراد مقابلة قداسة البابا ، لكن للأسف البابا قد وافاه الأجل قبل وصولهم الى روما ، فأستقبل من قبل 12 كاردينالاً وأجلسوه فيما بينهم وسألوه عن عناء الطريق الطويل ، وعن البلد الذي جاء منه وعن غايته . فأجابهم بأن ملك المغول وجاثاليق كنيسة المشرق أوفدوني لمقابلة قداسة البابا بشأن مهم يخص أورشليم وحملاني رسائل بهذا الخصوص . بعد ثلاثة أيام بادروه بأسئلة ، فقالوا له : في اية جهة تقع بلادكم ، وما الغرض من مجيئك ؟ فجاوبهم . ثم قالوا له أيم يسكن الجاثاليق ومن بشركم بالمسيحية ؟ فأجاب ، في بغداد يسكن ، ومار توما الرسول ومار أدي وماري هم الذين تلمذوا ديارنا . قالوا له ، ما منصبك : قال ، أمين القلاية ورئيس التلاميذ ، وزائر عام في البطريريكية . وفي ذات الوقت أنا موفداً من قبل ملك المغول ، كما أحيطكم علماً بأن آبائنا ذهبوا الى بلاد المغول وحتى أن عدداً من أبناء الملوك أقتبلوا العماد، وأن الملك أرغون لشدة محبته للجاثاليق ، تباحث معه حول رغبته في فتح سوريا وفلسطين ، وعليه فهو يطاب مساعدنكم لأنقاذ أورشليم ، ولهذه المهمة أختارني وأوفدني لأنني مسيحي ، ولتثقوا بوفادتي . سألوه عن معتقده ، هل ينتمي لمذهب قداسة البابا أم لغيره ؟ أجابهم : نحن في الشرق لم يأتي أحداً ألينا من البابا ، وأن الرسل الذين ذكرتهم هم تلمذونا وليومنا هذا نتمم الطقوس التي سلموها لنا . طالت أسئلتهم في هذا المجال لغاية معرفة عمق أيمانه وعن قانون الأيمان الذي يؤمن به ، فأقتنعوا بأيمانه القريب من أيمانهم .

زار كل الكنائس والأديرة والذخائر الخاصة بالقديسيين وتبارك بها بعد جولات كثيرة وبعدها قالوا له لا يمكننا نحن الكرادلة أن نعطيك الجواب على مهمتك حتى ينتخب البابا الجديد . بعدها زار ملك روما وبعدها سافر الى باريس ليقابل الملك فرنسيس الذي أرسل بأستقباله جمعاً غفيراً فأدخلوه بأبهةٍ وأجلال عظيمتن ، وبعد ثلاث أيام من أقامتهم قابلهم الملك بوقار ، قائلا لصوما : من أجل ماذا أتيت ؟ ومن الذي أرسلك ؟ أجابه الربان صوما : انا رسول الملك أرغون وجاثاليق كنيسة المشرق ، أتيت بشأن يخص أورشليم ، ثم اطاعه على كل ما أوصي به ليبلغه الى الموفد اليهم ، بعد أن أعطى له الرسائل والهدايا . رد عليه ملك فرنسا قائلاً : إذا كانت للمغول الذين لم ينتسبوا بعد الى المسيحية هذه الرغبة في أنقاذ أورشليم من أيدي العرب ، فكم يجب أن تكون رغبتنا أشد وأقوى من رغبتهم ؟ فإن شاء الرب سنخرج بقواتنا ، قال له صوما : والآن ، وبعد أن رأينا عظمة مملكتكم ، وهيبة جبروتكم بأن أعيننا ، نطلب منكم أن توصوا أبناء المدينة لكي يطلعوننا على الكنائس ومراقد وذخائر القديسين ، فأمر الملك بأطلاعهم على العجائب التي تنفرد بها فرنسا . بقي شهراً هناك وأخيراً قابل الملك وقال للراهب : أنني سأرسل معكم واحداً من كبار أمرائنا ليسلم ردنا إلى الملك أرغون ، ثم أعطاه هدايا وملابس فاخرة ، بعدها غادر صوما ووفده الى ملك أنكلترا فوصلوه بعد عشرين يوماً .

خرج أليهم الملك أدوارد وقابلهم بفرح واعطى له الربان الرسائل والهدايا التي أرسلها له الملك والجاثاليق ففرح بها الملك كثيراً . ولما تباحثا بشأن تحرير أورشليم ، أزداد فرحاً ، وقال : إننا نحن ملوك أوربا قد حملنا راية الصليب ، ولا ينغص حياتنا غير هذا الموضوع وقد أزدادت رغبتي بهذا الشأن لدى سماعي منك بأن الملك أرغون يسعى بهذا أيضاً . كتب الملك أدوارد رسالة الى الملك أرغون وقال فيها مايلي : متى تريد أن نلتقي في الأراضي المقدسة ؟

طلب من الربان صوما أن يقيم ذبيحة ألهية ، فكرس الربان صوما الأسرار بحضور الملك وعظماء مملكته وتناول الملك الأسرار من يد الربان ، بعدها أقام الملك مأدبة فاخرة على شرف الربان صوما . بعدها طلب صوما كعادته من الملك لكي يوصي من يطلعونه على ما لديهم من كنائس وذخائر القديسين . أخيراً قال له الملك أدورد ، هكذا تبلغوا الملك أرغون ، كذلك أبناء المشرق ، إن الذي رأيناه لا يضاهي شىء آخر ! إذ لا توجد في بلاد أوربا كلها عقيدتان ، بل واحدة فقط معترفين بيسوع المسيح ، وكلهم مسيحيون . اضاف الملك قائلاً للربان والوفد المرافق له ، كون الملك واحد من الذين شاركوا في حملة صليبية سابقة أيام كان شاباً . لا شىء أحب إلى قلبي من حمل الصليب مرة أخرى وأستعادة القبر المقدس .

أتجه صوما مع وفده نحو روما فمر ببلاد المادان ( ألمانيا ) وألتقى برجل فاضل وهو زائر رسولي كان في طريق إلى روما فتبادلا السلام وتعانقا بحب المسيح . قال الزائر لصوما ك أتيت إلى هنا للقاء بك إذ سمعت عنك بأنك رجل فاضل حكيم وتنوي زيارة البابا . فقال له صوما : ماذا أقول لك أيها الأخ الحبيب ؟ لقد أتيت مبعوثاً من الملك أرغون وبطريريك المشرق إلى قداسة البابا بشأن يخص أورشليم ، فهيذا قد أنقضت سنة منذ مجيئي وبابا لم ينتخب بعد ، فبماذا سأجيب المغول لدى عودتي ؟ هؤلاء المغول قوم قلوبهم أصلب من الصوان ، أنهم يرغبون تحرير المدينة المقدسة ، أما الذين تخصهم فغير مبالين ، لا بل لا يقدّرون هذه الرغبة أبداً ! فماذا أقول لهم ؟ لست أدري! قال له الزائر بالصواب تكلمت ، وعندما أعود سأنقل كلامك إلى الكرادلة وأهتم بأمر الأستعجال في أنتخاب البابا . وفي ذات يوم أرسل البابا ساعياً إلى الربان صوما ومرافقيه للمجىء إلى روما ، فوصلوا اليها وقابلوا البابا الجديد وكان نفس الأسقف الذي قابلهم في زيارتهم الأولى وأسمه ، نيقولا ( أنتخب نيقولا الرابع في شباط سنة 1288 ) .

عند وصولهم أرسل أليهم البابا جمعاً غفيراص لأستقبالهم . دخل صوما للحال على الحبر الأعظم فرآه جالساً على عرشه ، ركع الربان صوما أمامه وقبل رجليه ثم يديه ، بعدها عاد الى الوراء ويداه مضمومتا على صدره ، ثم قال لقداسته ليدم كرسيكم يا أبانا إلى الأبد . وبعد أن رأيت وجهكك أستنارت عيناي ، فلن أعود إلى بلادي كسير القلب ، فشكراً للعناية الألهية التي أهَلّتني لأتطلع على محياك . ثم أعطى لقداسته الهدايا والرسائل التي أرسلها الملك أرغون والبطريرك ، وكذلك قدم البابا له هدايا مع الرسائل الخاصة به ، كما أكرم الربان صوما أكثر من المعتاد وكان ذلك اليوم منتصف الصوم الكبير ، طلب منه البابا البقاء معهم للعيد وذلك للتعرف على عاداتهم فأجاب الربان سمعاً وطاعة ، فخصص له قداسته دراً لينزل فيه بعد ذلك طلب صوما من البابا لكي يقدم لهم هو ذبيحة ألهية كي يطلعهم على طقسهم الشرقي ، فأذن له وأجمع حشد كبير من المؤمنين ليشاهدوا كيف يكرس الأسرار في الشرق . فلما رأوا ذلك أغتبطوا وقالوا : ان اللغة فقط هي مختلفة ، أما الطقوس فواحدة ، كما حضر صوما كل المناسبات التي أقيمت في أحد السعانين وخميس الفصح وجمعة الآلام وسبت النور والفصح وتناول الأسرار من يد قداسة البابا .

بعد موسم الأعياد طاب صوما من قداسة البابا إذناً للعودة إلى دياره ، فأجابه : أننا نرغب في أن تمكث فيما بيننا ، وسنحرص عليك حرصنا لحدقات عيوننا . فشكره الربان على كل أحساناته له وقال سأبلغ الملك على كل فضائلكم ، وطلب من البابا بشىء من الذخائر الخاصة بالقديسين . فأعطاه منها قطعة من ملابس الرب ، وكذلك من غطاء الرأس الذي كانت السيدة مريم العذراء تستخدمه ، وأرسل إلى الجاثاليق تاجه الخاص المصنوع من الذهب الخالص والمرصع بالأحجار الكريمة ، ومع حلة لأقامة الذبائح الألهية حمراء اللون ومطرزة بالذهب ، مع جوربيه المرصعين بالجواهر ، بالأضافة الى نعليه وخاتم أصبعه . كما أعطاه تفويضاً من قداسته بسلطة بطريركية على أبناء المشرق ( وهذا دليل على أن لبابا روما السلطة على الشرقيين وبطاركتهم لأنه خليفة بطرس الرسول الذي سلم الرب الخراف والغنم والنعاج تحت وعيته ) ومنح الربان صوما تفويضاً بكونه هو الزائر العام على كل المسيحيين ومنحه بركته ، ثم أعطاه نفقات الطريق بلغت ألفاً وخمسمائة مثقال من الذهب الأحمر . كما أرسل بركاته للملك أرغون . وبعد ذلك عانقه وقبله ثم اطلقه . أما الربان صوما فشكر النعمة الألهية التي أهلته لكل هذه الأنعامات وعاد عام 1288م .

 وصل صوما والوفد المرافق له الى الملك أرغون مسلمه الرسائل والهدايا من قداسة البابا والملوك ، وحدثه عن الحفاوة التي استقبل بها وعن الأعاجيب التي شاهدها ، ومن عظمة وأبهة ملوك الغرب ففرح الملك أرغون وشكر قائلاً : لقد أتعبناك كثيراً وأنت المتقدم في السن ، لهذا سأبني لك كنيسة في عاصمتنا ، كما أرسل إلى الجاثاليق يابالاها وسلمت له الهدايا والرسائل و الغاية من هذا الموضوع ليست لكي نذكر ما اهده صوما من كنائس وأديرة وذخائر وأخبار لقاءاته مع الملوك ومع قداسة البابا ، بل الهدف الأول كان لكي يحث ملوك الغرب لكي يقفوا مع الملك المغولي أرغون في معركة تحرير أورشليم بعد فشل الغرب في الحروب الصليبية ، لكنهم لم يحركوا ساكناً ، بل ظل الحال كما كان .

في نفس سنة وصول الربان صوما ، وفي شهر أيلول ، ذهب أرغون لزيارة البطريرك مار يابالاها في شهر أيلول والذي كان قد عمد أبن الملك أرغون ، كما كان قد أمره بأن يتناول الأسرار المحيية , هكذا نمت كلمة الحياة وأزدهرت بشارة الأنجيل على الأرض ، وبعد ها مات الملك ومات معه الأمل في تحرير الأراضي المقدسة من أيدي الفاطميين . كانوا المسلمين يسيئون معاملة الحجاج المسيحيين للأراضي المقدسة .

أستفادت كنيسة المشرق من زيارة صوما الى البابا فكان لهذه الزيارة ثمار روحية وبداية علاقة بين الكنيستين وأخذت تنمو وتكبر ، وأستمر الجانبان بالمراسلات لأجل المزيد من التقارب والوحدة .

وأخيراً شاخ الربان صوما وطعن في السن ، وفي شهر تشرين الثاني من عام 1293م طرحته الحمى الشديدة في الفراش وأشتد عليه المرض وأزدادت آلامه وبقي على حاله حتى وصل الجاثاليق مار يابالاها أليه وبعد أن شاهده فارق الحياة وأنتقل راحلاً إلى الأقداس الأبدية ، أورشليم السماوية ، فأغتم مار يابالاها لوفاته فبكاه بكاءً مراً حتى وصل صوته عناء السناء ، وأقام له مأتماً حضره جمع غفير .

ليرحمه الله ويقيمه مع قديسيه في ملكوته الأبدي ويوَحِد كنيسته المقدسة تحت سقف واحد ، أنها جسده الطاهر وهو رأسها ، ليتمجد أسمه القدوس إلى الأبد .

 

 

المصدر

كتاب تاريخ مار يابالاها الثالث الجاثاليق والربان صوما

 

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!