لا شىء يفصلنا عن محبة الله
لا شىء يفصلنا عن محبة الله
بقلم / وردا إسحاق قلّو
( إذا كان الله معنا ، فمن يكون علينا ؟ … ) ” رو 31:8 “
محبة الله للإنسان عظيمة فلا يمكن وصفها لأن الله يريد أن يخلص كل إنسان . وبسبب تلك المحبة أرسل إبنه الوحيد لكي يدفع ثمن الخطيئة على مذبح الصليب ويردم الهوة التي حدثت بين الخالق والإنسان بسبب الخطيئة . عبَّرَ عن هذه المحبة قداسة البابا فرنسيس في إحدى عظاته في كابلة بيت القديسة مرتا في الفاتيكان ، فقال ( الله يحب فقط ولا يدين أبداً ، نقطة ضعفه هي الحب وهذا الحبّ هو إنتصارنا ) . هكذا يجب على الإنسان المخلوق على صورة الله أن يقتدي بمن أحبه ، ويثق به ليبادلهُ بالمحبة من خلال محبته أخيه الإنسان .
الإنسان في حياته الزمنية على الأرض سيتعرض إلى ضغوط وتجارب كثيرة قد تنال منه وتسقطه في الخطيئة التي هي السبب في إبعادهِ من محبة الله ، وأعداء محبة الله كثيرين ، قد يكونوا من أقرب الناس المحيطين به ، فعليهِ أن يحصّن نفسه جيداً . كذلك واقع الحياة الملىء بالإضطهاد والعن*ف والشدة وقساوة العمل والفشل … إلخ ، كل هذه تزعزع ثبات الإنسان على قاعدة المحبة ، والمحبة مصدرها الله . وجوهر إيماننا هو المحبة ، والمحبة هي أحد أسماء الله ، لأن الله محبة ( 1 يو 4: 8،16 ) . فأعداء المحبة هم أعداء الله الذين يبعدون المؤمن عن نوره ، عليهم أن يتذكروا قول الرسول القائل ( فمن يفصلنا عن محبة المسيح ؟ الشدة أم ضيق أم إضطهاد أم جوع أم عري أم خطرٍ أم سيف ؟ ) ” رو 35:8″ .
لا يجوز للمؤمن أن يساوم إذاً بمحبته لله ، بل عليه أن يعيد إلى السطح كل المخاوف والأحزان والتهديدات مهما بلغت وإن الموت خاتمها ، فقاتل الجسد لا يستطيع أن يهلك الروح أيضاً ، ومستقبل الإنسان هو مصير روحهِ في الأبدية ، أما الجسد فنهايته لا بد منها على هذه الأرض .
علينا أن ننظر إلى العالم المحيط بنا والذي يهددنا ويخيفنا ونحن ننظر ونلتصق بمحبة الله التي هي فوق كل شىء وذلك عندما نفهم الطول والعرض وعمق إيماننا اليوم في إطار معرفتنا الحالية لهذا الكون الواسع المستعد للنيل من الإنسان الصغير جداً والوحيد وخاصةً في زمن الإكتشافات العلمية والتطور والنظر إلى الحياة المعاصرة كلها والتي تنوي إلى فصل الإنسان عن محبة المسيح . فعلينا أن نلجأ إلى الله لكي نلقي منه العون في وقت الضيق والتحدي لكي نصمد بشجاعة أمام كل التحديات ( طالع رو 26:8 ) وعون الله يأتينا في الشدة ، فعلينا أن لا نخاف إذا إهتزت الأرض وإنهارت الجبال في عمق البحار ( مز 46: 1-2 ) .
يعبِّر الرسول بولس عن محبته لله وللرب يسوع المسيح ، فيبدو واثقاً فيقول ( أحبني وبذل نفسه عني ! ) ” غل 20:2 ” . هذه هي محبة الله ، فيجب أن يكون رد الفعل عند الإنسان يصدر من القلب الملىء بالإنفعال والمحبة الصادرة من العمق لكي لا يعود يتصرف بحسب أهواء الجسد ، بل أن يبرز محبته لله بجرأة . ويسوع لم يخبىء إنفعاله يوماً إنما إنفعل بعمق أمام الكثيرين من اجل خلاصهم . لم يدعونا يوماً غبيداً بل أصدقاء ( يو 15:15 ) . فيسوع الذي دعانا أصدقاء هو الرب الإله الذي خلقنا ومات من أجلنا . فعلينا أن نصدق كلامه ونؤمن بوعوده لنعيش بحسب أقواله ووصاياه ونختبر محبته بأن نعتبر كل إنسان هو صديق لنا مهما كان ، لأن الله أيضاً أحبنا بالرغم من كل شىء ! كما دعانا يسوع أحباء ، فقال ( لا أعود أسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده ، لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي ) ” يو 15:12 ) . فعندما أحب الإنسان القريب كنفسنا ، سنقترب من محبتنا لله ، والله يقترب منا أكثر . علينا إذاً أن لا ندع أي شىء يفصلنا عن محبة الله حتى ولا الخطيئة نفسها وذلك عندما نتذكر إحسانات الله لنا وخاصة عندما أرسل إبنه الوحيد ليصالحنا به ، كما أعطانا روحه القدوس ليسكن فينا . ودعانا إلى الإيمان ، وجعلنا أحباء . فما علينا إلا أن نرد ونعترف بصلاحه ورحمته فنرتل المزمور ونقول :
( لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته وإلى دور ودور أمانته ) ” 5:100″ .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1 “.