مقالات دينية

الخوف نال من عمالقة الأيمان

الكاتب: وردا اسحاق

الخوف نال من عمالقة الأيمان

بقلم / وردا أسحاق عيسى

 وندزر – كندا

قال يسوع لتلاميذه :  ( ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان … )   ” مت 26:8 ”  

بعد أن تناولنا موضوع الشك في المقال الموجود في على هذا الرابط أضغط هنا 

 

 

نتناول في هذا المقال موضوع الخوف لأن الخوف والشك عدوّان ضد الأيمان فيجب أن نعرف خطورتها ونتسلح بالمعرفة والأيمان لكي نحاربها بقوة .

الخوف ناتج من ضعف الأيمان ، فالأنسان القوي في الأيمان لا ينال منه الخوف بسرعة ، والأقوياء في الأيمان يجب أن لا تكون لهم مخاوف . الخوف خديعة لهذا يجب أن لا يخاف المؤمن من أي شىء ، بل يقول للرب لتكن مشيئتك لأنه قد سلم حياته لله ، والله هو راعيه الصالح الذي بذل نفسه من أجل خلاصه . لهذا أنذرالمؤمنين لكي لا يخافو . وردت كلمة ( لا تخاف ) في الكتاب المقدس 366 مرة أي بعدد أيام السنة لكي يطمئن قلوب المتكلين عليه فيثقون بكلامه وبؤمنون به فيتشجعون في كل الأحوال لأن لديهم الرجاء الصالح .

    الأنسان يبدأ معه الخوف منذ الطفولة فيخاف من الظلام أو من الضرب أو من الوحدة ، وقد تبدأ المخاوف من الطفولة أو من عمر الصبا أو مرحلة الشباب فيخاف من الفشل في الدراسة أو في العمل والتقدم للزواج أو من الحوادث والمرض . والكثيرين يخافون من تهديد الموت بسبب المرض ومن المصير في العالم الآتي بسبب سيرته وأعماله حياته الزمنية ، فيخاف من الماضي  ومن الحاضر ومن المستقبل ، كما يخاف الحوادث والسياسات ومن جرائم الأرهاب وكوارث الطبيعة وحتى من خيانة أقرب المقربين أليه وحتى من أحلامه والكوابيس التي يراها في مخدعه . إذاً هناك مخاوف خاصة ومخاوف عامة تسيطر على الأنسان وحتى وأن كان من عظماء القديسين أو من عمالقة الأيمان . فأبينا أبراهيم خاف من المجاعة في أرض كنعان فسافر الى مصر . وهكذا بسبب الخوف من المجاعة ارسل أبينا يعقوب أولاده إلى مصر بحثاً من الطعام . أما موسى النبي فخاف من الأرسالية التي أعطاها له الله ليقابل فرعون لهذا طلب من الله أرسال أخيه هارون . كما خاف من غضب الشعب في سيناء .

 أما أبينا داود رجل الأيمان والممسوح بالزيت المقدس كان يخاف من شاول الملك ، لهذا كان يصلي الى الله قائلاً ( ألهي ألهي لماذا تركتني ) ” مز 22″ وهذه العبارة كررها الرب يسوع على الصليب لا لكي يعاتب أبيه السماوي ، بل بسبب الخوف من الموت  ، بل لكي يذكرنا بما مكتوب في ذلك الأصحاح من نبؤات تمت في يوم صلب الرب .

كذلك أيليا النبي الذي هو أحد عمالقة الأيمان في العهد القديم وأحد الأنبياء العظام البارزين الذي ظهر مع موسى على جبل التجلي والأثنان صاما 40 يوماً كالمسيح . أيليا بسبب أيمانه أقام ميتاً ( طالع 1 مل 21:17 ) بسبب شجاعته وأيمانه وبخ الملك آخاب بقوله ( بل أنت مكدر أسرائيل . أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وسيرك وراء البعليم ) ” 1مل 18:18 ” .

وبسبب قوة أيمانه وصلواته أوقف سقوط الأمطار لمدة ثلاثة سنوات ونصف ، وكذلك بسبب صلواته أمطرت . كما كان له القوة التي بها أنزل ناراً من السماء مرتين فأكلت 102 جندي وضابطين حضروا ليقضوا عليه ، لكنه تحداهم وتحدى الملك آخاب وزوجته الشريرة أيزابيل وقضى على أنبياء البعل ، وأنبياء السواري بأنزال نار من السماء أكلت الذبيحة فجعل الشعب يسجد ويصرخ قائلاً ( الرب هو الله . الرب هو الله ) ” 1مل 39:18 ” هكذا حوّلَ قلوبهم رجوعا الى الله الحقيقي ، وهم اللذين ق*ت*لوا الأنبياء الكذبة حسب الشريعة ( تث 13: 1-5 ) . كما كان أيليا الرجل الثاني بعد أخنوخ الذي أصعده الرب حياً الى السماء في مركبة نارية ملائكية ( 2 مل 11:2 ) .

لكن رغم كل ما ذكرناه فأيليا الجبار قد نال منه الخوف أيضاً بسبب تهديد أيزابيل له ، والتي حلفت بأنه في الغد ستق*ت*له مثل أنبياء البعل ! لهذا خاف أيليا فعلاً فهرب وطلب من الله الموت ! سأله الله وقال ( ما لك ههنا يا أيليا ؟  قال غرت غيرة للرب إله الجنود لأن بني أسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وق*ت*لوا أنبيائك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها ) ” 1مل 29: 10 ، 14 ” لهذا قال الرسول يعقوب عنه ( كان أيليا أنساناً تحت الآلام مثلنا ) ” يع 17:5 “.

خاف أيليا العظيم من التهديد وأنتقام الملم آخاب وأيزابيل ، وبسبب خوفه نسى أيمانه وبدأ يضعف ويفكر بنفسه فقط حتى أنه كرر خمس مرات كلمة ( نفسي ) فقام ومضى شارداً وبائساً وقال للرب ( كفى الآن يا رب خذ نفسي لأنني لست خيراً من آبائي … ق*ت*لوا أنبيائك بالسيف وبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها ) . لقد خاف من أيزابيل فسيطر عليه هاجس الخوف ونسى كل ما عمله الرب معه من معجزات وقوات وأمجاد ! وهكذا نحن أيضاً ننسى بسبب الخوف ما عمله الله معنا في ماضينا . كما نسوا الرسل الأطهار كل ما عمله يسوع أمامهم من معجزات فخافوا من الغرق رغم وجود يسوع معهم في السفينة ، فوبخهم بسبب خوفهم وقلة أيمانهم . وهكذا خافوا عندما جاءهم يسوع ليلاً سائراً فوق ماء البحيرة فقال لهم ( لا تخافوا ، أنا هو ) . كما خاف جميع الرسل في بستان الزيتون عندما القي القبض على يسوع فهربوا تاركين يسوع لوحده ! وفي نفس اليوم خاف بطرس حتى من الجارية فنكر السيد ثلاث مرات قبل صياح الديك . أما الرسول بولس الذي كان عملاقاً في أيمانه وسيرته وشجاعته وهو صاحب المقولة الذهبية ( فمن يفصلنا عن محبة المسيح ؟ أشدة أم الضيق أم أضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف ؟ )  كما ورد في الكتاب ( إننا من أجلك نعاني الموت طوال النهارونُعِد كأننا غنم للذبحِ ) ” رو 8: 35-37 ” .

لكن رغم هذه الشجاعة والرسوخ في عمق الأيمان نرى بولس الرسول العظيم يخاف في مناسبات عدة منها بعد سماعه لصوت الرب في طريق دمشق خاف من مؤامرة الق*ت*ل فأخذوه المؤمنون ودلوه ليلا من سور المدينة وهرب .

قال الرسول بولس في خطابه الوداعي لكنيسة أفسس ( أن الروح القدس يشهد في كل مدينة أن شدائد تنتظرني ولكني لست أحسب لحياتي أية قيمة ) ” أع 23:20″ . خاف بولس خوفاً من نوع آخر اي روحياً ، إذ قال ( من خارج خصومات ومن داخل مخاوف ) ” 2 قو5:7″ وقال في نفس الرسالة ( حتى أيَسّنا الحياة ) ” 2 قو 8:1″ وكانت مخاوف بولس تختلف عن مخاوف موسى وأيليا ، فكان يخاف من الأنقسامات في شعبه ومن تعليم المرتدين الراغبين في تحويل أنجيل الرب ، لهذا قال لأهل غلاطية ( ولكن ، حتى لو بشرناكم نحن ، أو بشركم ملاك من السماء بغير الأنجيل الذي بشرناكم به ، فليكن ملعوناً ! ) ” غل 8:1 ” . كما قال ( ولكنني أخاف أنه كما خدعَت الحية حواء بمكرها  … ) هكذا كان يخاف بولس لكي لا يضيع جهده فيهم ومن أجل خلاصهم .

نطلب من راعينا الصالح وفادينا بأن ترافقنا يده القوية لكي نتحدى سلاح الخوف ، وللرب ألهنا المجد دائماً

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!