مقالات دينية

الخوف .. أسبابه – أنواعه – علاجه

وردا اسحاق

 

الخوف .. أسبابه – أنواعه – علاجه

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( رأس الحكمة مخافة الرب ) ” مز 10:111 “

الله خلق الإنسان في سلام وفرح . لكن عندما أخطأ الإنسان فَقدَ السلام والعلاقة بينه وبين الخالق فبدأ يشعر بالخوف . وأول حدث عن الخوف سجّله لنا الكتاب المقدس عندما سقط الأبوين في الخطيئة فخافا من الله وأختبئا خلف الأشجار .

الخوف ليس خطيئة ، بل ظهر نتيجة الخطيئة في حياة الإنسان الذي لم يكن يعرف الخوف . فياقين عندما ق*ت*ل أخاه هابيل ، قال لله ( … من أمام حضرتك أختفي ، وأكون شريداً طريداً في الأرض ، ويق*ت*لني كل من يجدني ) ” تك 14:4″ فقد السلام نتيجة الخطيئة ، والخطيئة سببت له الخوف والقلق ومطاردة الضمير . إذاً أسباب الخوف بدأ مع الإنسان الذي اقترف الخطيئة لعدم مخافته من العقوبة ، لأن إجرة الخطيئة هي الموت . فالذي يخاف الله لا يقترف خطيئة فيعيش بسلام داخلي في العالم . كما نقول عن الخوف أيضاً بأنه شعور طبيعي غرزه الله في الإنسان بعد الخطيئة لكي يحذره من المخاطر ليبتعد عنها ،  فعلى الإنسان أن يكون بصيراً وحكيماً ، لهذا يقول الحكيم  ( الذكي يبصر الشر فيتوارى ، الحمقى يعبرون فيعاقبون ) ” أم 3:22″ . فخوف الإنسان الحكيم مطلوب ، أي ليس كل خوف ضعف أو خطأ ، بل هناك خوف مقدس ، فعلى كل مؤمن أن يخاف من الله ، لهذا وصفه الكتاب المقدس بأن ( رأس الحِكمة مخافة الرب ) ” مز 10:111 و أم 7:1″ فمخافة المؤمن من الله ناتجة من محبته له ، والمحبة تطرح الخوف خارجاً كما تقول الآية ( ليس في المحبة أي خوف ، بل المحبة الكاملة تطرد الخوف خارجاً ) ” 1 يو 18:4 ” . فعندما نقول إننا نخاف الله ، فنعني بأننا نبجِله ، ونوقرهُ ، ونقدسه ، ونقدم له الإحترام لأنه قدوس ، وإنه قد خلقنا وأرسل أبنه الوحيد ليفدينا فصار معلمنا ومخلصنا وراعينا الصالح ، وإنه سَيّدينَ كل البشر ، إذاً علينا أن نحبه ونعبدهُ ونخدمه بمخافة وتكريم لأسمه الممجد .

أما عن الخوف علمياً نقول ، نسبة الخوف تختلف بين الناس بحسب ثقافتهم وجهلهم وصحتهم العقلية . أما دينياً فنقول ، هذا الإختلاف يحدده إيمان الإنسان ، فالمؤمن يجب أن يعيش في سلام ولا يهاب من الخوف ، لهذا زجر يسوع بطرس عندما بدأ يغرق ويصرخ قائلاً ( يارب نجني ، فقال له يا قليل الإيمان لماذا شككت ) ” مت 14: 25-31 ” فقِلّة الإيمان والشك يسببان الخوف والهلَع . وهكذا بالنسبة لنا نحن المؤمنين بالمسيح عندما نرَكِز إنظارنا إلى ما يحيط بنا من أخبار سيئة والأمراض والإضطهاد نحوِل نظرنا عن المسيح فنغرق نحن أيضاً في بحر الخوف . والخوف أنواع .

الخوف يبدأ معنا منذ الطفولة ، فالطفل يخاف من الظلام ومن الوحدة ، ومن الغريب ، ومن الأصوات المزعجة ، وحتى من القصص التي تزرع فيه الخوف ، أما المراهق فيخاف من الدراسة ، والشاب من الزواج ، والعجوز من الموت والدينونة . هكذا يخاف الإنسان من المجهول ، ومن الوباء المنتشر ككور*و*نا الذي أنتشر سريعاً فبات مخيفاً لأنه زرع الخوف والفزع والقلق ، فالأخبار المنقولة التي تنشر يومياً حجم هذه الكارثة وعلى مستوى العالم مُعلِنة عدد الإصابات والوفيات اليومية ، بدأ كل إنسان يخاف حتى من أخيه ، ومن كل أقربائه . كل وباء هو رسالة لكل إنسان في هذا العالم تنذره لكي يستعد للدينونة القريبة ، فإذا كان الإنسان مستعداً دائماً ، فعليه أن يكثف إستعداده أكثر لأن الوباء قد يقرب ساعته للمثول أمام الله أكثر ، وكما يأمرنا الكتاب المقدس ( أستعد للقاء الله ) ” عا 12:4″ .

كما هناك نوع آخر من الخوف يسيطر على الإنسان بشكل كبير فقد يكون ناتجاً من المرض النفسي أو العقلي ك ( شيروفرنيا ) فتأتيه أفكاراً وأوهاماً ترسم في مخيلته أشياء مخيفة  ويسمع أصواتاً لا يسمعها غيره من القريبين منه فيعيش في قلق دائم .

أما علاج الخوف دينياً فهو الإيمان بالرب والإتكال عليه مع الإبتعاد من الخطيئة ، ومن كل عمل شرير كما ينصحنا الكتاب ، يقول ( كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير ) ” رو 9:12 ” . ومن العهد القديم نقرأ ( آمنوا فتآمنوا ) ” 2 أخ 20:20 ” أي الإيمان يعطي الأمان والسلام ، والرب يكرر نصائحه لنا في العهد القديم مرات كثيرة وخاصة كلام الرب يسوع لنا ( لا تخاف أيها القطيع الصغير ) . أما المزامير ، فما اكثر الآيات التي تحمل كلمات ووعود تطمئن قلوب المؤمنين . يقول المزمور ” 27 : 1،3،14 ” ( الرب نوري وخلاصي ممن أخاف . الرب حصن حياتي ممن أرتعب . إن أنزل عليّ جيش لا يخاف قلبي ، إن قامت عليّ حرب ففي هذا أنا مطمئن … يتشدد قلبك وأنتظر الرب ) . والمزمور 23 يقول ( الرب راعي فلا يعوزني شىء .. وإن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي ) .

ختاماً نقول ، الذي يخاف من الله لا يخاف من البشر ، والذي يخاف من البشر يفقد وعود الله له . الخطيئة هي أساس الخوف ، والتوبة تمنح السلام ، لأن حياة القداسة يسودها السلام ، فالقديسين الذين عاشوا في البر ، عاشوا في السلام ، لأن البر ينجيه من الموت ( طالع أم 2:10 . 4:11 ) فالقديسين لا يخافون من الموت ، بل كانوا ينتظرون الموت بصبر لكي يلتقوا مع الرب . قال دانيال النبي لنبوخذنصر ( لتكن مشورتي مقبولة لديك أيها الملك ، فارق خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين ، لعله يطال إطمئنانك ) ” دا 27:4 )

ليتمجد إسم الرب في كل الدهور .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!