مقالات سياسية

هل بدأت مرحلة مابعد د*اع*ش؟ وأين نحن من حسابات الكبار؟

الكاتب: جاك يوسف الهوزي
جاك يوسف الهوزي: هل بدأت مرحلة مابعد د*اع*ش؟ وأين نحن من حسابات الكبار؟
كل الدلائل تشير الى أن المجتمع الدولي بدأ يخطط لمرحلة مابعد د*اع*ش، وأخذت الأطراف ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بما يجري داخل العراق وسوريا بالسعي حثيثاً للحصول على موطئ قدم في عراق مابعد الحرب.ويبدو بأن السيناريو المتوقع للعراق الجديد سيكون مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل ظهور د*اع*ش، حيث قامت الحكومة العراقية وبعد أتصالات دولية وأقليمية مكثفة بالتوقيع على العديد من الأتفاقيات وخصوصاً مع الدول الأقليمية المؤثرة كالسعودية وتركيا ومصر تضمن لها دعم هذه الدول في سعيها للقضاء على د*اع*ش مقابل تسهيلات وعقود إقتصادية ضخمة في عملية الأعمار الكبرى التي من المتوقع أن يشهدها العراق.وهناك شواهد كثيرة على ما نحن بصدده الآن، فالموقف التركي شهد تغييراً مفاجئاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن كانت تركيا تلعب دوراً مزدوجاً وأستغلال الوضع المتأزم للخروج بأكبر فوائد ممكنة، نجحت الى حد كبير في مسعاها الخبيث.وتركيا، التي يُفْتَرَضْ بأنها عضو في التحالف الدولي ضد د*اع*ش وكسبت الكثير من موقفها المعلن هذا، تمكنت من جني مئات الملايين من الدولارات أيضاً بسبب تعاملها مع د*اع*ش حيث قامت مصانعها العسكرية بتحوير عجلات رباعية الدفع مستوردة لأستخدامات مدنية وتهيأتها لأغراض عسكرية،  ثمنها مدفوع من أرصدة خليجية مجهولة الهوية فُتِحَتْ في تركيا لتمويل نشاطات د*اع*ش وتسهيل مرور هذه العجلات والمقاتلين العرب الأجانب الى كل من العراق وسوريا، إضافة الى معالجة جرحى د*اع*ش في مستشفيات مدنها الحدودية مثل دياربكر، أورفه وغازي عنتاب، وشراء النفط منه بأخس الأثمان.والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:هل كانت تركيا لتجرأ على القيام بمثل هذا الدور المزدوج والخطير في آن واحد دون علم مسبق من القوى الكبرى وعلى رأسها أميركا؟وهذا يقودنا الى الأستنتاج بأن تركيا ليست الدولة الوحيدة التي لعبت هذا الدور القذر في الحرب المزعومة ضد د*اع*ش وإنما دول أخرى كثيرة تدعي بأنها تحاربه!إنها مؤامرة دولية كبرى حققت أهدافها لكل الأطراف التي خططت لها.فالذي حصل هو أن تركيا أعلنت إستعدادها للمشاركة ودعم القوات العراقية في عملياتها المزمعة لتحرير الموصل قريباً وأرسلت طائرتين محملتين بالأسلحة والأعتدة الى بغداد سبقتها إتصالات وزيارات متبادلة وعلى أعلى المستويات.فهل نعتبر هذه الأعمال صحوة مفاجئة في (الضمير التركي)؟نحنُ -قبل غيرنا- نعلم بأن تركيا وخلال تاريخها الطويل الأسود كان ضميرها ميتاً في تعاملها مع الشعوب التي كانت خاضعة لها، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص.لماذا إذن؟لأنها قرأت وتقرأ المتغيرات بشكل جيد وتخطط لضمان أستمرار مصالحها في العراق والمنطقة في مرحلة مابعد د*اع*ش، التي يبدو بأن القوى الكبرى قد خططت لها، وهذا لايعني بأنها ستكون بين ليلة وضحاها، ولكنها أصبحت وشيكة.الأمر نفسه يحصل مع السعودية ومصر اللتان تهدفان الى خلق نوع من التوازن السني – الشيعي في العراق لتقليص دور إيران فيه وهو ما يخدم مصالحهما في المنطقة مستقبلاً.القوى الكبرى أيضاً حققت غاياتها وذلك بتوقيع عقود ضخمة تبيع بموجبها الأسلحة والأعتدة المكدسة في مخازنها الى دول المنطقة.كما فتحت رئةً ستتنفس من خلالها شركاتها المختلفة مليارات الدولارات من عمليات الأعمار الكبرى المتوقعة في المرحلة المقبلة.نفس الكلام ينطبق على حكومة العراق المركزية وحكومة أقليم كردستان اللتان تقومان بتحركات دبلوماسية مكثفة لكسب المزيد داخليا وخارجيا.نلاحظ بأن كل طرف يخطط وفق ماتقتضيه مصالحه الخاصة ويتصرف بموجبها، لذلك علينا أن لانتوقع بأنهم يحسبون حسابا لنا.والسؤال الأهم هنا هو:أين نحن من هذه المعادلة؟نحن مازلنا نحلم بمحافظة في سهل نينوى أو أقليم بحكم ذاتي أو منطقة آمنة محميّة.ولكن، هناك فرق كبير بين الحلم والحقيقة.الحقيقة والواقع يقولان بأننا شعب ممزق، يقول أكثر مما يفعل، وإنْ فعل فإنه لايدري ماذا يفعل. فنحن لانملك قرارا موحداً كشعب واحد كما ندّعي، وليس للكلدان أو الآشوريين أو السريان  قرارا موحداً حتى كفئات منفصلة!إذا أردنا أن ندخل في حسابات الكبار المستقبلية للحصول على الحد الأدنى الممكن من حقوقنا، علينا أن نتخلى عن أنانيتنا ونكف عن الصراعات الجانبية العقيمة ونحدد أهدافنا ونتحرك لتحقيقها منذ الآن، قبل فوات الأوان، بخطاب مُوَحّدْ يتضمن ما نريده.لتحقيق هذا الهدف، من المهم جداً الدعوة الى إجتماع عاجل موسع تحضره الرئاسات الدينية وممثلو أحزابنا السياسية جميعا وشخصيات مستقلة يحددون فيه مطاليبهم بشكل واضح وتُشَكّلْ لجنة مشتركة مخوّلة للتحدث بإسمنا جميعا وألأتصال بالسلطة المركزية وسلطة الأقليم ومطالبتها بحقوقنا المتفق عليها وتذكيرها بأننا لسنا بحاجة الى شفقة أو إبداء العطف والتضامن معنا في محنتنا وإنما الحصول على حقوقنا، حالنا كحال بقية أطياف الشعب العراقي، وكذلك التنسيق لتسخير كل الطاقات الممكنة لأبناء شعبنا في الخارج لدعم هذه المبادرة لدى الجهات الدولية المؤثرة.نحن اليوم لسنا بحاجة الى مناصب وهمية في الحكومة والبرلمان، أو زيارات تعاطفية لمسؤولين محليين ودوليين الى كنائسنا ولاجئينا، وإنما الى ترجمة هذه العواطف الى أعمال حقيقية على أرض الواقع تخدم أبناء شعبنا في أراضيهم وتُوَفّر الحد الأدنى المطلوب من حقوقهم.وأخيراً، يجب أن نعلم بأننا إن لم نكن بمستوى يؤهلنا على تجاوز مشاكلنا الداخلية، فمن العبث الحديث عن حقوقنا…

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!